بعد قليل.. إعلان نتيجة قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة 2025    طلاب الحاسبات والذكاء الاصطناعي ببني سويف يشاركون في المؤتمر السنوي لمطوري جوجل    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    68 جنيها للكيلو.. انخفاض أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية    أسعار الذهب اليوم في مصر.. الجنيه الذهب يسجل 45،840 جنيهًا عقب ارتفاع عيار 21    محافظ القاهرة: أسواق اليوم الواحد أسهمت فى أن يكون المواطن شريكا ورقيبا على الأسواق    وزير الاستثمار: 3.2 مليار دولا حجم الاستثمارات القطرية في مصر    وزير الكهرباء: التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة دعامة رئيسية لاستقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية    ليبرمان يتهم نتنياهو بسرقة أموال الجنود لإرضاء الحريديم    رئيس وزراء أستراليا تعليقا على عملية سيدني: صادمة ومقلقة    شهيد برصاص الاحتلال بزعم تنفيذ عملية طعن عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل    إنفانتينو يشيد بأداء بيراميدز ببطولة إنتركونتيننتال    محافظ بورسعيد يوجه بسرعة انتشار سيارات ومعدات الأحياء وبورفؤاد لشفط وسحب مياه الأمطار    ننشر أسماء المصابين في حادث تسمم بالخصوص    عبلة كامل.. النجمة التي ما زالت حاضرة في قلوب محبيها رغم الغياب    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    صحة سوهاج: لا توجد أي عدوى فيروسية وبائية منتشرة بخلاف الإنفلونزا الموسمية    أرتيتا ينتقد لاعبي أرسنال بعد الفوز الصعب على ولفرهامبتون    إسلام عيسى: أعتذر للشعب المصري.. وغير صحيح خلاف السولية لتسديد ركلة الجزاء    التموين: احتياطي السلع الأساسية آمن ورصيد الزيت 5.6 شهر    وزير الدولة القطري: نبحث اتفاق تجارة حرة مع مصر لتعزيز التكامل الاقتصادى    فرق الطوارئ بمرسي مطروح تتعامل مع تجمعات وتراكمات مياه الامطار بالطريق الدولي    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مركز السيطرة بالتنمية المحلية يقود حملات لرفع الإشغالات بمصر الجديدة والنزهة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب مدينة كراتشي الباكستانية دون وقوع أضرار    موعد انتهاء انتخابات مجلس النواب 2025 بشكل نهائى    الأقصر تستعد لإزاحة الستار عن تمثال الملك امنحتب الثالث التاريخي    القاهرة الإخبارية: مهرجان أيام قرطاج يحظى باهتمام واسع من الصحافة التونسية    صحيفة إنجليزية تحذر رونالدو من انتقال محمد صلاح إلى الدوري السعودي    الفوز على الزمالك مهمًا| توروب يتحدث عن أهدافه مع الأهلي    لماذا يرفض الأهلي إتمام صفقة انتقال حمزة عبدالكريم لبرشلونة ؟ اعرف الأسباب    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    تعرف على إيرادات فيلم "الست" ل منى زكي ليلة أمس    مجدي شاكر: اكتشاف نحو 255 تمثالًا في منطقة صان الحجر    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    «الصحة»: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    فيروس أنفلونزا الخنازير يهدد المدارس| إجراءات هامة وعاجلة للوقاية منه    لماذا تسخرون من السقا؟!    9 مطالب في لقاء رئيس مركز باريس في الوادي الجديد بالأهالي    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    القاهرة تستضيف ورشة عمل حول إيقاف تشغيل المحطات النووية    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    ترامب: أبلغت بإطلاق النار ومكتب التحقيقات الفيدرالى فى موقع الحادث    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم القرى.. ومَنْ حولها
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 11 - 2009

كلما خاصمت دولة عربية أختها لعنت العروبة، وكفرت بفكرة الانتماء إلى العالم العربى وبدأت تشخص ببصرها إلى الشاطئ الآخر من البحر المتوسط لتدعو إلى الانتماء إلى أوروبا والذوبان فى الحضارة الغربية، بحلوها ومرها، بخيرها وشرها!.
هكذا فعلت مصر عندما قاطعها العرب عشية توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، وهكذا تفعل الآن حين خرجت علينا بعض الأصوات – بعد أزمة مباراتنا مع الجزائر – تنادى بالتخلى عن ذلك الرباط الذى يشدنا إلى العالم العربى ورفع شعار «مصر للمصريين، والمصريون لمصر».
يحدث هذا أيضاً فى الجزائر، حيث استثمر الكثير من «المستغربين» هناك ما يحدث، وبدأوا فى إعادة الطرق على فكرة الانتماء إلى فرنسا والغرب الأوروبى، وهو الأمر الذى سبق أن شهدته الكويت بعد احتلال العراق لها عام 1990، والأحداث التى تلته وانتهت بالغزو الأمريكى للعراق عام 2003 وإسقاط نظام حكم صدام حسين. ويومها رفع عدد من المواطنين الكويتيين العلم الأمريكى وأخذوا يهللون ويكبرون فرحين بالنصر الأمريكى!.
وعموماً فإن من يذهب إلى الكثير من دول الخليج الآن يحتار حين ينظر إلى أهلها ويسأل: هل هذه دول عربية أم أجنبية؟ ففى ظل سيطرة اللغات الأجنبية ونمط الحياة الغربية على سكانها أصبح من العسير تصنيفها كدول عربية، والأدق أن نقول إنها دول «مستعربة». تلك هى الخاتمة التى انتهى إليها العرب بعد مرور أكثر من (54 عاماً) على تأسيس جامعة الدول العربية فى مارس عام 1945وعلى طرح فكرة العروبة.
والسر فى فشل فكرة العروبة والجامعة العربية يرتبط – من وجهة نظرى – بظروف ظهورها ونشأتها. فمن اللافت للنظر أن «إنجلترا» كانت صاحبة فكرة تأسيس الجامعة العربية، ولا يستطيع أحد أن ينكر الدور الذى لعبه وزير الخارجية البريطانى «إيدن» فى دعم الجهود التى أدت إلى ظهورها، وسعيه إلى إقناع الحكام العرب بفكرتها.
ويحاول البعض أن يفترى على التاريخ وينسب فكرة إنشاء هذه المنظمة الإقليمية إلى عدد من المفكرين العرب، وعلى رأسهم المفكر السورى عبدالرحمن الكواكبى، لينفى عنها شبهة النشأة فى أحضان الغرب!.
وهو كلام غير صحيح، لأن «الكواكبى» عندما ناقش مفهوم الوحدة فى كتابه «أم القرى» كان يقصد به إيجاد جامعة إسلامية تتوحد تحت ظلالها دول العالم الإسلامى لتصبح كتلة متماسكة فى مواجهة أعدائها. ولعل أكبر دليل على ذلك أنه اختار لكتابه الذى اشتمل على هذه الفكرة عنوان «أم القرى»، ويقصد مكة المكرمة، كرمز لتوحد المسلمين (من العرب ومن حولهم) فى مشارق الأرض ومغاربها.
لذلك فقد ولدت فكرة العروبة ميتة، وكل يوم يمر الآن يشهد تشييع جنازتها فى إحدى الدول العربية، فبالأمس تم تشييعها من «الجزائر»، واليوم تم تشييعها فى القاهرة، وقبل ذلك تم تشييعها من الكويت، وبيروت، وبغداد.
لقد فقدت فكرة العروبة جدواها، والسبب فى ذلك أنها نبتت فى أحضان العقل الغربى، وتلقفها عدد من الزعماء العرب الذين أتى بهم الغرب، وأثبتت حقائق التاريخ أن ثوراتهم كانت مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب المختلفة. وانتهى الأمر بزوال الفكرة التى لم تقو على الصمود أمام مباراة فى كرة القدم!. وقد آن الأوان للاعتراف بأن العرب لا يتوحدون إلا فى طريق واحد، هو طريق الإسلام، وأن التوحد فى طريق الفكرة القومية ليس أكثر من وهم كبير.
ذلك ما تؤكده حقائق الجغرافيا حالياً، حيث أصبحت كل دولة عربية تعيش فى واد مستقل، تدخله الواحدة من هذه الدول تلو الأخرى، وكلما دخلت دولة لعنت أختها!. وهو أيضاً ما يشهد به التاريخ وعبر السابقين. فقد استطاع النبى، صلى الله عليه وسلم، أن يوحد العرب تحت راية الإسلام، وكان تحذيره الأخير لهم: «لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم وجوه بعض».
ودون قصد للمعنى الحرفى للحديث، حيث إن مسلمى العرب لم يتخلوا عن دينهم وإن كانوا يتعاملون مع تعاليمه بجهل واضح، يمكن أن نقول إن نبوءة محمد، صلى الله عليه وسلم، قد صدقت عقب اللحظة الأولى لوفاته، عندما وقع الخلاف فى سقيفة بنى ساعدة على من يخلف النبى فى حكم المسلمين، وانفرط عقد الإسلام بين العرب، وارتد أغلبهم عن دينه، حتى لم يبق على الإسلام سوى أهل القريتين (مكة والمدينة) كما تحكى كتب التاريخ. فالعرب يتفرقون باستمرار فى دروب السياسة ويتوحدون فى درب العقيدة، لذلك فقد فشلت الفكرة القومية فى تجميعهم، فى حين نجح الإسلام فى إعادة صياغتهم.
لم يعد لدى العرب مفر من مراجعة النفس بصورة أمينة والقبول بفكرة الذوبان فى الدائرة الأكبر التى تتمثل فى العالم الإسلامى. فلن ينجحوا فى تحقيق مصالحهم إلا من خلال هذا الطريق، ولن يحققوا الوحدة والتلاحم فيما بينهم إلا عبر هذا المسار، خصوصاً بعد أن برهنت الشعوب العربية فى العديد من المواقف على أن الخيط الإسلامى يعد أقوى بكثير من الخيط القومى (العروبى) الواهى الذى ينقطع بسهولة أمام أى حدث، صغر أم كبر.
فى ظل هذه الأوضاع يصبح من الضرورى أن تشكل العقيدة أساساً للتنسيق الإقليمى ما بين المسلمين (العرب وغير العرب)، لأن البديل لذلك سيكون «مشروع الشرق الأوسط الكبير» الذى تقوده إسرائيل!
إن المشهد الإسلامى يؤكد حقيقة أن العرب أصبحوا نقطة الضعف الأساسية فى الكيان المسلم الآخذ فى القوة والنمو. وقد ذكرت فى مقال سابق أن الدول العربية تشكل الحلقة الأضعف على خريطة العالم الإسلامى، فأين هذه الدول من تركيا أو ماليزيا أو إيران؟
لذلك فلم يعد أمامنا سوى أن نلحق بهذا الركب، وحقائق التاريخ تؤكد أن العرب يستطيعون عبر رباط العقيدة أن يستعيدوا عافيتهم بسهولة، وأن يتحدوا معاً فى حزمة واحدة، تستطيع بمرور الوقت أن تشكل القاطرة التى تقود العالم الإسلامى ككل، ليعودوا إلى سابق مكانتهم وفضلهم.
مراجعة فكرة العروبة أمر واجب، بشرط ألا يتم لحساب التعصب القطرى، فمع إيمانى الكامل بحتمية الانتماء إلى تراب هذا البلد الطيب وأهله، إلا أن مسألة العمل والتنسيق الإقليمى تعد بديهية من بديهيات هذا العصر.
وقد أصبح من الخير للعرب جميعاً أن يعيدوا النظر فى موقفهم من مسألة التنسيق الإقليمى على المستوى الإسلامى، وأن يشخصوا بأبصارهم حينما توجعهم نتائج مباريات كرة القدم بين منتخباتهم الوطنية إلى عالمهم الإسلامى الأرحب، وليس إلى أصحاب البشرة الحمراء والعيون الزرقاء الذين خدعوهم بفكرة الجامعة العربية التى لا ترقى حتى إلى درجة «الكُتاب».. وسلم لى ع «العروبة»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.