قناوى.. بطل يعمل سائق ميكروباص

تبدلت ملامحه بعد مضى 43 عاما على حرب أكتوبر بينما لا يزال يحمل قلبا شجاعا وإرادة قوية ترفض الاستسلام لكل ما يعكر صفو استقرار وطنه.. إنه الفدائى عبد المنعم قناوى، عضو منظمة سيناء العربية، التابعة لإدارة المخابرات الحربية بعد نكسة يونيه 1967.
يخرج قناوى، الذى تجاوز 70 عاما، كل صباح إلى عمله سائقا لميكروباص خط داخلى، باحثا عن لقمة العيش لتوفير قوت يومه ويعود آخر الليل منهك الجسد وقد خارت قواه ليستسلم لأوجاع جسده ضائعا فى سبات عميق متجاهلا أنه كان أحد أبطال المقاومة الشعبية فى حربى الاستنزاف وأكتوبر المجيد.
نحن أبناء السويس آخر ناس فى مصر ودعنا قواتنا المسلحة التى ذهبت لمحاربة العدو فى سيناء، هكذا بدأ يروى عم قناوى قصة كفاحه وتوقيت انطلاقها والتى بدأت عقب تكوينه مع آخرين ما يسمى «المقاومة الشعبية»، كنا بنعمل عمليات إزعاج للجانب الإسرائيلى نقوم بها شرق القناة، نعبر القناه ليلا ونرصد تحركات العدو وننسف مستودعات وقود خاصة بهم ونمزق أسلاك اتصالاتهم ونزرع الألغام وندمر دبابات، كل هذه العمليات كانت تتم ليلا وعلى أهداف ثابتة، وتطور الأمر بنا أننا نهاجم العدو فى وضح النهار وهى من العمليات التى نعتز بها بعد أن أكرمنا الله بها حيث كانت يوم الأربعاء 5 نوفمبر عام 1969 وفى هذا اليوم عبر 11 فدائيا قناة السويس من منطقة الشط بمحافظة السويس واشتبكنا مع العدو الذى كان يتحرك فى دورية مكونة من سيارتين نصف جنزير ودبابة ونجحنا ودمرناهم وأسرنا أحد جنودها وسقط الباقى بين قتلى وجرحى ورفعنا العلم المصرى الذى كان يرفرف شرق القناة وأصبح مزارا لجنودنا المتواجدة فى القطاع الجنوبى فى جبهة القتال وتوالت العمليات الناجحة فى حرب الاستنزاف ومن أهم العمليات التى نفخر بها قذف منصات صواريخ الهوك المضادة للطيران المنخفض التى أقامها العدو الإسرائيلى فى منطقة أبورديس بجنوب سيناء، ولما صدر قرار وقف إطلاق النار يوم 8 أغسطس عام 1970 لم تتوقف تدريباتنا بل تضاعفت كنا بنتسلق سلسلة جبال الجلالة وننزل من قمم الجبال إلى خليج السويس، كل واحد يحمل البندقية الخاصة به وينزل ليسبح فى البحر. وتابع قناوى حديثه: أعمل الآن سائق ميكروباص رغم ما قدمته للوطن «إحنا اللى دفعنا عن مصر طوال حرب الاستنزاف حتى نصر أكتوبر، لم نأخذ حقنا بما يرضى الله، حتى مرضت من هذه المهنة لكن وحده الجيش المصرى من يقدم المساعدات الطبية لنا، حيث إن علاجى تتكفل بنفقاته القوات المسلحة».