شيخ الأزهر يبحث مع رئيس التنظيم والإدارة مراحل تعيين 40 ألف معلم    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    رئيس تجارية الإسماعيلية يكشف تفاصيل جديدة حول مهرجان المانجو    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. تطوير وصيانة مدارس المنيا    بث مباشر.. المؤتمر الصحفي الأسبوعي لرئيس الوزراء    زلزال بقوة 6.03 درجة على مقياس ريختر يضرب شرق روسيا    الزمالك يهنئ ياسر إدريس بحصوله على منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للسباحة    القبض على سائق ميكروباص بعد اصطدامه بحاجز الأتوبيس الترددي أعلى الطريق الدائري (صور)    تعاون مصري إيطالي لإنشاء وتطوير5 مدارس للتكنولوجيا التطبيقية بمجالات الكهرباء    إخلاء سبيل 38 متهما بنشر أخبار كاذبة    طب بنها تطلق مؤتمر "جسور نحو تنمية صحية شاملة" ضمن فعالياتها العلمية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    المصري يواصل تدريباته في سوسة.. والكوكي يقترب من تحديد الودية الرابعة    "لدينا رمضان وإيفرتون".. حقيقة تفاوض بيراميدز لضم عبدالقادر    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    نوير يدرس التراجع عن الاعتزال من أجل كأس العالم    هوجو إيكيتيكي يشارك في فوز ليفربول بثلاثية على يوكوهاما وديًا.. فيديو    الداخلية السورية: مزاعم حصار محافظة السويداء كذب وتضليل    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اعتداء سائق ميكروباص على أسرة أعلى الدائري    إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة بالفيوم    العثور على دقيقة مفقودة في تسجيلات المجرم الجنسي إبستين تثير الجدل.. ما القصة؟    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    المشدد 7 سنوات لعاطلين في استعراض القوة والبلطجة بالسلام    مصر تواجه تونس في ختام الاستعداد لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عام    مصنعو الشوكولاتة الأمريكيون في "ورطة" بسبب رسوم ترامب الجمركية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    تكثيف أمني لكشف جريمة الزراعات بنجع حمادي    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من رؤية؟
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 04 - 2011

سؤال تردد فى ذهنى كثيراً منذ الانقلاب العسكرى المقنع بأناقة، فلقد بدأت الثورة بمسائر شعبية يوم 25 يناير تحمل العديد من المطالب، وعلى الرغم أن البعض ردد الهتافات التى تحمل معنى إسقاط رموز الفساد إلا أن شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" لم يكن هو الهتاف الرئيسى فى البداية على الإطلاق، و أنا أعلم أن الكثيرين يحاولون إقناع أنفسهم بأن تلك المظاهرات الحاشدة كان هدفها منذ البداية إسقاط مبارك ونظامه بالكامل، ولكن الواقع أن ذلك ليس حقيقى، والدليل على ذلك أن جريدة المصرى اليوم والتى يمكن اعتبارها الجريدة الرسمية للثورة المصرية قالت فى صفحتها الرئيسية فى 26 يناير: "إنذار .. الآلاف يتظاهرون ضد الفقر والبطالة والغلاء والفساد.. ويطالبون برحيل الحكومة"، و لم تكن كلمة الحكومة هنا تعنى مبارك، على الأقل ليس بالنسبة للأغلبية العامة التى لم تكن لتحلم بذلك من الأساس، والحقيقة أن سوء تعامل النظام مع المظاهرات أيام 25 و 26 و 27 يناير هو الذى أدى إلى توحد المتظاهرين فى الشوارع والمناصرين فى المنازل تحت هدف إسقاط مبارك، و كان بداية ذلك يوم 28 يناير الذى أثبت فيما بعد أنه يوم شهداء الثورة بلا منازع
و سقط مبارك فى 11 فبراير 2011..
و رغم أن تعدد الآراء فى مسألة بقاء مبارك قبل "تنحيه" إلا أنها لم تكن محل خلافات فى ضخامة التى ظهرت بعد ذلك اليوم التاريخى، و إنها لست مبالغة عندما أقول أن خلافات المصريين على اتجاه الثورة ومطالبها والمستمرة حتى كتابة هذه السطور قد وصل إلى حد العداء بين بعض المصريين للدرجة التى جعلتنى أقارن الخلافات السياسية بالمعارك الجنونية بين الألتراس من مشجعى الأهلى و الزمالك، و إلى الحد الذى جعلنى أبحث بيأس عن جانب مشرق فى خطاب مبارك الأخير منذ يومين أو ثلاثة فى حرقة الدم الذى عاهدناها فى جميع خطابات السيد الرئيس السابق منذ بداية الثورة و قلت ها توحد المصرييون مرة أخرى، وفى خضم الخلافات جعلتنى أراقب عن كثب مناقشات المصريين حتى توصلت أن سر التباين هو فى الواقع أهداف الثورة كما تراها كل مجموعة، فعلى الرغم من الكل يجمع على أن هدف الثورة الأساسى هو الديموقراطية إلا أنه هذه الديموقراطية ليست فى الواقع هدف واحد لدى الكل، و لتفهم ما أعنى إسأل من حولك عن مفهومهم للديموقراطية، و حتى تحصل على بعض الأجوبة إليك ما قد جاءنى منها
الديموقراطية هى ... إن كل واحد يقول اللى فى نفسه من غير ما حد يمنعه
الديموقراطية هى ... إننا نحاسب المسؤلين فى الدولة على اللى بيعملوه
الديموقراطية هى ... إننا نعاقب أى واحد يغلط مما كان مركزه أو معارفه
الديموقراطية هى ... إننا نبطل وسايط و رشاوى و الكلام دا
الديموقراطية هى ... إن كل واحد يعمل اللى هو عاوزه طالما ما أذاش حد
السادة و السيدات.. إليكم البيان التالى .. الديموقراطية ليست أيا مما سبق.. كلا البتة.. فلندرس التعريفات معا واحد تلو الآخر
إن كل واحد يقول اللى فى نفسه من غير ما حد يمنعه... هذا تعريف حرية التعبير عن الرأى
إننا نحاسب المسؤلين فى الدولة على اللى بيعملوه... هذا تعريف مفهوم المساءلة
إننا نعاقب أى واحد يغلط مما كان مركزه أو معارفه... هذا تعريف لجانب من جوانب العدالة
إننا نبطل وسايط و رشاوى و الكلام دا... هذا تعريف مكافحة الفساد
إن كل واحد يعمل اللى هو عاوزه طالما ما أذاش حد... هذا تعريف لأحد مبادئ الليبرالية
و على الرغم من أن كل ما سبق قد يتواجد فى ظل الديموقراطية الحقة إلا أنه ليس حكرا عليها، و تحقيق كل ذلك قد لا يؤدى بالضرورة إلى الديموقراطية، و لا يمثل أى مما سبق منفرد أو مجتمع بآخر تعريف صحيح للديموقراطية، ليس غريب إذن أنه عندما يحارب كل منا من أجل تحقيق الديموقراطية نجد أنفسنا نتعدد ولا نتوحد فيما نعتبره هدف الثورة، و قد فؤجت بأن التعريف الصحيح للديموقراطية التى ننادى بها كان أقل الإجابات عددا من حيث الصحة لذا وجب توضيحه، فلا يمكن اختيار الطريق إلا إذا تم تحديد الوجهة أولا
الديموقراطية هى نظام حكم، ومعناه المتفق عليه حكم الشعب لنفسه، وبدون التوغل فى اللغويات فإن التعبير مشتق من كلمتين يونانيتين هما "ديموس" التى تعنى عامة الناس أى الشعب و "كراتيا" التى تعنى حكم، و تعتبر الديموقراطية إنطلاقا من هذا التعريف هى المضاد للدكتاتورية، و الأخيرة هى شكل آخر من أشكال الحكم، فيه ينفرد شخص واحد بالسلطة المطلقة، وأصل التعبير يرجع إلى كلمة "ديكتاتوس" أى الإملاء أو الأمر، و على عكس ما يعتقد الكثيرون فإن اعتبار الديكتاتورية نظام "شرير" للحكم ما هو إلا رفض مستحدث للنظام الذى ترجع أصوله للدولة الرومانية، إذ لم يعد يصلح للمجتمعات المتمدنة الحديثة، و ليس من المبالغة أن ندعو مبارك بالديكتاتور فى ظل نظامه الاستبدادى (أو الشمولى من وجهة نظرى الشخصية)، وبالتالى و بعد هذا "اللت" السياسى نستطيع أن نقول أنه إذا كان هدف الثورة هو التحول من الديكتاتورية إلى الديموقراطية إذن فإن هدفنا هو أن نتحرر من الحكم الفردى المطلق إلى أن نحكم أنفسنا بأنفسنا .
و هنا أيها القارئ العزيز يطرح السؤال نفسه: بعد أن أطحنا بالحاكم المنفرد كخطوة أولى فما هى الخطوات التى اتخذناها منذ ذلك الحين من أجل أن نحكم أنفسنا بأنفسنا؟ بحثت عن الإجابة و لم أجدها، و تذكرت فشلى الدائم فى البحث عن فضولى فى خبايا مجلة ماجد، فهل تبحث معى؟ هيا بنا نسرد إنجازات الثورة لعلنا نجد فيها الطريق إلى الديموقراطية
مساحة ضخمة من الحرية فى الإعلام و الحوار ... هذا إنجاز فى الطريق إلى الحرية فى التعبير عن الرأى
بدأنا فى محاسبة من ظن أنه ليس يوم للحساب... هذا إنجاز فى الطريق إلى المساءلة الكاملة
بدأنا فى عقاب كل من اقترف جرما و ذلك يتضمن الرئيس السابق نفسه... هذا إنجاز فى ضخم فى الطريق إلى العدالة
اتخذنا شعبا وحكومة خطوات جادة فى تخفيض معدلات الرشاوى والوساطة وما إلى ذلك... هذا إنجاز فى مكافحة الفساد
يتملكنا إحساس جديد أنه بإمكان أى منا أن يقوم بما يريد طالما احترم الآخرين... هذا قد يكون أو لا يكون خطوة على طريق الليبرالية، لن نستطيع الحكم على الإنجاز فى هذا المجال فى الوقت الحالى
أعتقد أننا نستطيع القول بقدر معقول من الثقة أن الغالبية العظمى مما نراه كإنجازات للثورة هو فى أحد المفاهيم و المصطلحات السابق تعريفها، ولكننا اتفقنا أن هذه و إن توفرت فى الديموقراطية فهى لا تؤدى بالضرورة إليها، و ذلك لا يعنى إلا شيئا واحدا وهو أن الغالبية العظمى مما نراه كإنجازات للثورة حتى الآن لا تضعنا بالضرورة على الطريق الصحيح للديموقراطية، وهنا يحضرنى القول الشهير لطيب الذكر المرحوم يوسف بك وهبى... ياللهول! أين الديموقراطية؟ كيف نعثر عليها؟ ألم تحقق الثورة من الإنجازات ما يعطى مؤشرا ولو واحد أننا على الطريق إليها؟ الإجابة لأجل رحمة الله وحكمة بعض خلقه هى بلى، يوجد من الإنجازات ما يعتبر خطوة أولى وإن كانت صغيرة جدا على طريق حكم الشعب المصرى لنفسه... قانون الأحزاب الجديد
نعم، من وسط العدد الكبير من الانجازات التى حققتها الثورة ففى رأيى أنه لا يوجد خطوة فعلية على طريق الديموقراطية سوى قانون الأحزاب الذى يسمح بنطاق واسع من الحرية فى تأسيس الأحزاب السياسية، مما يتيح الفرصة لتمثيل أفضل للشعب المصرى فى البرلمان بمجلسيه، و جدير بالذكر هنا أن كلمة برلمان ترجع إلى الفعل الفرنسى "بارليه" أى يتحدث، إذن ليس هو تعبير مجازى أن نقول أن البرلمان سيكون المكان الذى ستتحدث فيه الأصوات التى سيختارها الشعب لتمثيله لتشرع مستقبلا جديد لمصر، والمقرر أن تكون أول خطوة فيه دستور جديد للبلاد ليستبدل بالدستور المهلهل الذى قام حكامنا بتوسيعه وتضيقه على المقاسات الشخصية حتى بات أشبه برقعة بالية من الملابس، و لأن الدستور هو القانون الأعلى الذى منه تستمد القواعد الأساسية لشكل الدولة، فقد صارت مصر شبيهة به، مهلهلة و مزيفة، حتى أعطتها الثورة بريق أمل بعد ظلام الظلم
إذا لماذا أجد شعبنا الذى ينادى بالديموقراطية منشغلا عن الأحزاب قيد التأسيس غافلا عن أهمية البرلمان القادم فى جعل الثورة بداية لعصر نهضة سياسية واجتماعية على أقل تقدير؟ لماذا أرى جمهورا منتظرا بحماس فضائح الأفعال بين الفنانات وجمال؟ لمذا أرى شباب الانترنت يتبادل الصوتيات والمرئيات التى تسخر مؤيدى مبارك بمعدل أكبر من الأفكار حول الدستور الجديد و الأحزاب الجديدة و البرلمان الجديد فى خضم حديثهم عن مصرنا الجديدة؟ لماذا أسمع أكثر ما أسمع عن رواية المدعى العام والأربعين حرامى وكأن حبس هذا أو سجن ذاك هو العامل المؤثر فى العشرين سنة القادمة من عمر مصر؟ لماذا اختلط الماضى بالمستقبل وجعل الحاضر بلا رؤية؟ أين الرؤية؟ أعتقد أن الثورة بدأت بلا رؤية ، انطلقت بشكل عفوى وتلقائى، وحشدت قوتها لإسقاط نظام مبارك كاملا ليس كفعل و إنما كرد فعل، وأننا نادينا بالديموقراطية كالتطور الطبيعى لسقوط الديكتاتورية، وما أن سقط الديكتاتور حتى وجدنا نفسنا شعبا بلا هدف محدد
الطريق إلى الديموقراطية يحتاج إلى التركيز ..
الطريق إلى الديموقراطية يحتاج إلى رؤية ..
هل من رؤية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.