قالت دراسة إن إعلان الحكومة المصرية اقتراض 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات من صندوق النقد الدولي، كواحدة من مساعيها لتدارك الأزمة الاقتصادية ستزيد من الأعباء التي تقع على كاهل المديونية الخارجية المصرية، في ظل بلوغ الدين الخارجي حوالي 53 مليار دولار، علاوة على عقد اتفاق قرض مع روسيا بقيمة 25 مليار دولار لبناء محطة للطاقة النووية. وأشارت الدراسة الصادرة عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن الحكومات المتعاقبة منذ التحول إلى التحرر الاقتصادي في السبعينيات كانت تحاول تفكيك منظومة الدعم وشبكة الأمان الاجتماعي التي تم تأسيسها في بداية دولة يوليو، ولكن مع بداية عملية التراجع عن سياسات الدعم تم تطبيق هذا التحرير بشكل صادم، ما أدى إلى نشوب انتفاضة 1977، ومن بعدها سعت الدولة التباع طرق غير مباشرة لتفكيك هذه المنظومة بشكل تدريجي، لافتة إلى أن الحكومة الحالية تسير في نفس مسار حكومة السادات بتطبيق السياسات التحررية الصادمة. وأوضحت الدراسة أن الحكومة لجأت عام 1991 إلى صندوق النقد والبنك الدوليين، لمساعدتها في إنقاذ الاقتصاد المتداعي، حيث كان الاقتصاد يعاني بشدة في نهاية الثمانينيات من ارتفاع العجز المالي وعجز الميزان التجاري، وتراكم الديون الخارجية التي تخطت 46 مليار دولار وهو ما كان يمثل وقتها 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي مقابل تلك الأموال اضطرت لتطبيق سياسات التثبيت والتكيف الهيكلي، ومن أبرز ملامح تلك السياسات كان تحرير التجارة الخارجية ورفع القيود عن التسعير والتحول لنظام سعر الصرف المعوم، بالإضافة إلى تخفيض فاتورة الدعم، خاصة دعم الطاقة. وأكدت الدراسة أنه بدلا من أن تساهم سياسات التثبيت والتكيف الهيكلي في عاج عجز الميزان التجاري الذي يستنزف العملة الصعبة أدت تلك السياسات إلى زيادة الوضع سوءا، ففي 1994 ارتفعت قيمة واردات مصر بنسبة 3.4%، مقارنة بعام 1991، وانخفضت قيمة الصادرات بنسبة 11.4% في نفس الفترة، وهو ما زاد من عجز الميزان التجاري بنسبة وصلت إلى 47.3%، وتم تخفيض النفقات الرأسمالية من %16 من الناتج الإجمالي إلى 7%، وهو ما ساهم في تخلي الحكومة عن مسئوليتها في الإنفاق على البنية الأساسية، وهو ما أدى لاحقا لتداعي مستواها حتى الوقت الجاري. وخلصت الدراسة إلى أن الصندوق يدفع مصر حاليا لنفس مسار سياسات التسعينيات، والتي ستؤدي على الأجل المتوسط إلى تعافي احتياطات النقد الأجنبي بعد عمليات تعويم عنيفة للعملة ومن الممكن أن تساهم تلك السياسات في تخفيض عجز الموازنة العامة عبر تخفيض الأجور الحكومية والدعم. وستحقق معدلات النمو الاقتصادي تعافيا صغرا قصر المدى والذي سيقطع عليه الطريق لاحقا تراجع الاستهلاك، بسبب التضخم وارتفاع الأسعار، لافتا إلى أنه لا توجد أية توقعات بأن تسهم سياسات الصندوق الحالية في تخفيض معدلات البطالة والفقر المتصاعدة، وليس متوقعا أن يتم حل أيا من المشكلات التي تتسبب في تصاعد هذين المؤشرين.