في منزل متواضع بقرية ميت الكرما التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، جلست فتحية حامد محمد، 70 سنة، ترتدي الملابس السوداء وعيناها تذرفان الدموع حزنًا على وفاة ابنها عبدالسلام السيد المنجي الدنف، 53 سنة، والذي دهسته شاحنة نقل ضخمة تابعة لشركة «G L S» لنقل المواد الغذائية والبضائع أثناء مشاركته في مظاهرة عمالية بمدينة بياتشينسا بشمال إيطاليا. وقالت والدة «عبدالسلام» وهي تحتضن صورة ابنها، ل«المصري اليوم»: «عبدالسلام هو ابني البكر وسندي في الدنيا وهو اللي كان بيصرف عليّ ويراعيني ويراعي إخواته السيد ومحمد وأحمد ووداد، وعمره ما تخلى عن أي حد، وهو عنده 3 أولاد أحمد وإلهام توأم، 25 سنة، ومحمد، 18 سنة، وكان يعمل مدرسًا ثم ترك التدريس وسافر إيطاليا من 15 سنة زي كل شباب بلدنا وأخذ زوجته وأولاده معه وكان بينزل إجازة كل سنة بزوجته وأولاده، وآخر إجازة له كانت من سنة، وزوج ابنته إلهام هنا علشان هو بيحب البلد وعائلته وزوجته نزلت إجازة قبله وكانت هنا هي وابنه محمد وإلهام، بينما محمد كان معاه علشان بيكمل دراسته، ولما سمعنا الخبر المشؤوم زوجته سافرت إيطاليا». وأضافت: «مشفتوش من سنة وكنت منتظرة عودته قريب علشان يقضي إجازته معانا لكن فوجئت فجر الخميس بابني السيد يتصل من إيطاليا وهو منهار وبيبكي وقالى بصوت مش مفهوم عبدالسلام مات يا أمي قتلوه في الشركة وجلست فترة مش فاهمة كلامه ومش مصدقة وهو بيبكي ومنهار ومن ساعتها وأنا مش قادرة أصدق إن ابني هيرجع لي في صندوق مش على رجليه زي كل سنة». وطالبت والدته بتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي لأخذ حق ابنها الذي قتله سائق إيطالي بأوامر من الشركة، على حد قولها، مضيفة: «أنا مش هأقدر أعيش من غيره وبأقول للرئيس عبدالفتاح السيسى إنت أب فاعتبر ابني عبدالسلام ابنك وهات لنا حقه لأن نار قلبي مش هتبرد إلا لما يعدموا اللى قتلوه». وروت شقيقته وداد الدنف ما حدث قائلة ل«المصري اليوم»: «شقيقي عبدالسلام بيعمل في شركة G L S من 10 سنوات موظف بالمخازن وفوجئنا يوم الثلاثاء الماضي بالشركة تفصل 13 عاملاً مؤقتًا دون تسوية كما كان متفقًا مع العمال وشقيقي ليس منهم ولكنْ هناك العمال متحدون فقرروا يضربوا عن العمل ويعملوا مظاهرة سلمية لمطالبة الشركة بحقوق العمال المفصولين ووقفوا بالمظاهرة أمام مخازن الشركة ومنعوا الشاحنات من الدخول لتحميل البضائع بحضور نقابة العمال هناك والشرطة التي وقفت تشاهد ما يحدث بهدوء، ولكن رئيس الوردية في وقت المظاهرة طلب من سائقي الشاحنات الدخول بالقوة ودهس أي عامل يقف أمامهم، وافتكر العمال إنه مجرد تهديد ورفضوا يتحركوا من أمام الشاحنات ولكن سائق إيطالي نفذ كلام رئيس الوردية وتحرك بشاحنته وقرر دخول المخزن بالقوة ودهس شقيقي في طريقه دون رحمة». وبكت وهي تقول: «فوجئ العمال بشقيقي تحت عجلات الشاحنة، وحاول السائق الهروب بعد تصاعد غضب العمال ولكنهم طاردوه وأمسكوا به وسلموه لشرطة روما، ولكن للأسف الشرطة أخلت سبيله بعد إجراء تحاليل المخدرات وتبين أنها خالية من أي كحوليات أو مخدرات وحاولت الشركة أن توهم العمال والشرطة بأن الحادث خطأ لكن كل العمال أكدوا أنها قتل عمد بأوامر من رئيس الوردية»، مضيفة: «الجالية المصرية هناك والعمال زملاء شقيقي من جميع الجنسيات تحركوا فورًا وعملوا مظاهرات أمام الشركة وفي محطة القطار وأوقفوا حركة القطارات للمطالبة بحق شقيقى لكن للأسف الخارجية لم تتحرك حتى الآن». وأشارت إلى أن زوجته سافرت فور علمها بالخبر إلى إيطاليا لمتابعة التحقيقات ومساعدة شقيقه السيد في إنهاء إجراءات نقل الجثمان إلى مصر لدفنه في مقابر أسرته. بينما قالت شريهان مكرم، زوجة شقيق الضحية: «زوجي السيد عايش مع أخوه عبدالسلام في إيطاليا ومن وقت الحادثة وهو منهار وبيبكي ليل نهار وبيؤكد إن شقيقه اتقتل عن عمد بأوامر من الشركة علشان يخوفوا العمال اللي واقفين مع زملائهم المفصولين». ومن جانبه، قال خالد وفا، من أهالي القرية ومقيم في إيطاليا: «السفارة المصرية حتى الآن لم تتدخل للمطالبة بالتحقيق في مقتل عبدالسلام ولم تتواصل مع الحكومة الإيطالية للحفاظ على حقوقة واكتفت بمتابعة القنصلية للحادث»، على حد قوله. وأضاف: «إذا لم يتدخل السفير فورًا وبرسالة قوية من مصر، فسيضيع حقه لأن الجريمة قتل عمد وهناك اتجاه لاعتبارها قتلًا خطأ، بلدنا ميت الكرما مشهورة إن معظم شبابها في إيطاليا وإحنا كلنا على تواصل مع بعض ومش هنترك حق عبدالسلام حتى لو اضطرينا إننا نعمل مظاهرات في كل مدن إيطاليا، وأنا كنت في إجازة هنا لكني هأقطعها فورًا وأرجع ايطاليا لمتابعة التحقيقات لكن لازم بلدنا تتحرك معانا وتضغط على إيطاليا لتحقيق العدالة كما فعلت إيطاليا عندما قتل الباحث الإيطالي ريجيني ولا هي حياة الطلاينة أهم من حياة المصريين».