يواجه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وعدد من المنظمات الحقوقية ومديريها، السبت المقبل، حكمًا محتملا بالتحفظ على أموالهم، في القضية 173 لسنة 2011، المعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي، إثر تقدم جهات التحقيق بطلبات لمحكمة يرأسها المستشار محمد الشوربجي، وعضوية المستشارين محمد كامل حسبو وصفاء الدين أباظة، بالتحفظ على أموال المركز ومديره وزوجته ونجلتيه القصر وابنته البالغة، بالإضافة إلى اثنين من العاملين بالمركز، فضلا عن التحفظ على أموال مركز هشام مبارك للقانون، ومديره مصطفى الحسن، والمركز المصري للحق في التعليم ومديره عبد الحفيظ طايل، ومنع كل من جمال عيد مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وزوجته وابنته القاصر، وحسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، من التصرف في أموالهم. أخبار متعلقة * «المنظمة المصرية» تطالب بحفظ التحقيق في قضية «التمويل الأجنبي» * 23 منظمة نسوية عربية تطالب الحكومة بالإسقاط الفوري لقضية التمويل الأجنبي * دفاع «التمويل الأجنبي» يطالب بالاطلاع على أوراق القضية واعتبر مركز القاهرة فى بيان، اليوم، أن القضية «مجرد حلقة جديدة في خطة التنكيل والانتقام من المدافعين عن حقوق ضحايا جرائم حقوق الإنسان في مصر، واستئصال الحركة الحقوقية المصرية. وهي الخطة التي بدأ تنفيذها عقب تولى الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي لمقاليد الحكم بنحو شهر واحد، بتوجيه إنذار بالغلق للمنظمات المسجلة بمقتضي قوانين مصرية أخري غير قانون الجمعيات القمعي. أعقبه محاولة تمرير قانون جديد لتأميم المجتمع المدني أشد قمعا من القانون المعمول به، وذلك بعد دفن مشروع قانون كانت قد توافقت عليه منظمات المجتمع المدني مع الحكومة في يناير 2014 قبل تولي الرئيس السيسي الحكم بشهور قليلة. وتتابعت الخطة بإحياء مايسمي بقضية التمويل الأجنبي والتوظيف السياسي والأمني للجهاز القضائي، للتخلص من منظمات ذات باع طويل لنحو ربع قرن في فضح جرائم الأجهزة الأمنية ضد المواطنين المصريين و في عرقلة قوانينها المعيية». وأضاف البيان أنه «على مدى أكثر من عامين واجهت المنظمات الحقوقية المصرية ضغوط وتهديدات مهولة بعد رفضها الخنوع لرغبة السلطة والتسجيل تحت قانونها المعيب المنظم للعمل الأهلي، وصلت لحد التهديدات بالقتل لمدير مركز القاهرة بعد أسبوعين من تولي السيسي الحكم، بالإضافة لتهديد عضو أخر بالمركز بالقتل، ثم استدعاء المركز للتحقيقعلى ذمة ما يسمي بقضية التمويل الأجنبي، واستدعاء لاحق لثلاث منظمات أخرى وبعض العاملين فيها، ثم منع أحد مديري البرامج بمركز القاهرة من السفر، بالإضافة إلى 10 حقوقيين آخرين من منظمات أخري على الأقل تم منعهم على ذمة القضية نفسها، وذلك بالتوازي مع حملات التشهير والتدليس الأمنية الإعلامية». وقال البيان، إن «منع المنظمات الحقوقية من التصرف في أموالها يستهدف تجميد تام لعملها لأجل غير مسمى، لحين الفصل قضائيا فيما يسمي بقضية التمويل الأجنبي، بهدف شل قدرتها علي توصيل صوت الضحايا للرأي العام المصري والعالمي، على نحو يضمن للأجهزة الأمنية أن لا يعلو صوت فوق صوت سياط جلاديها. هذا الإجراء يعني تعيين حارس قضائي وصي على هذه المنظمات الثلاث، يحق له الإطلاع على كافة ملفات الضحايا والمتضامنين معهم، والمنظمة والعاملين فيها، وفرض الوصاية على توجه المنظمات وبرامج عملها». وتابع: «من المؤسف ما كشفت عنه هذه القضية من انهيار تام لمنظومة العدالة في مصر، وكيفية تحكم الأجهزة الأمنية في إدارتها على نحو غير مسبوق، وتوظيفها لخدمة أهداف نظام الرئيس السيسي، بداية من اختيار قضاة التحقيق في القضية بالاسم وطريقة انتدابهم بالمخالفة للقانون، مرورا بكم هائل من الانتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة شابت القضية في جميع مراحلها، حتى أنه إلى الآن لم يسمح لأي منظمة بالاطلاع على الملف الكامل لهذه القضية، التي بموجب التحريات الكاذبة فيها تصدر القرارات بالتحفظ على الأموال والمنع من السفر. بل أنه حال صدور قرار بالتحفظ على أموال مدير مركز القاهرة وزوجته وأنجاله، سيعتبر ذلك بمثابة مخالفة قانونية إضافية جديدة في القضية، إذ يشترط القانون حتمية إعلان شخص المتحفظ عليه بشكل قانوني وسماع أقواله أو محاميه قبل إصدار الحكم عليه، وهذا لم يتحقق بشأنهم». وذكر البيان أن مذكرة تحريات الأمن الوطني الخاصة بالقضية 173 لسنة 2011، والتي جاءت في حوالي 100 صفحة، لم تتضمن إلا عشرة أسطر فقط بشأن مركز القاهرة، «كلها أكاذيب ملفقة» باستثناء اسم المركز واسم مديره وتاريخ ميلاده. وأوضح البيان، أن القرار المزمع صدوره بشأن عدد من الحقوقيين وأسر بعضهم، لا يقل في أثره السلبي عن قرارات سابقة صدرت على ذمة القضية نفسها بمنع عشرة حقوقيين على الأقل من السفر، على نحو لا يقطع فقط عليهم الطريق للسفر للمشاركة في فعاليات دولية أو مؤتمرات حقوقية لتبادل الخبرات، وإنما يعرقل امتثالهم لالتزامات شخصية وإنسانية، فتشتت أسر بعضهم، وتعطلت دراسة البعض الأخر، فيما حرم آخرون حتى من تسلم جوائز دولية عن جهودهم غير المقدرة في بلادهم. وأشار البيان، إلى أن «هناك نية مبيتة للانتقام من المنظمات الحقوقية المصرية أضمرتها السلطة منذ بداية فتح القضية في مع المنظمات الدولية في 2011، إلا أن هذه الخطوة كانت مؤجلة لحين تتهيأ اللحظة المواتية، بعد إجراء الرئيس السيسي التعديلات القانونية المطلوبة (تعديل المادة 78 من قانون العقوبات الخاصة بالإرهاب والتي يلوح بتطبيقها للمرة الأولى على الحقوقيين وليس الإرهابيين)، ويتم إحكام القبضة على المؤسسة القضائية، وذلك ما أكده مؤخرا القاضي أشرف عشماوي الذي تنحى عن نظر القضية في 2011 في حوار له مع جريدة الأهرام في 2 سبتمبر 2016، قال فيه نصا: لم اتهم مصريا من النخبة أو المثقفين أو شخصيات عامة ممن أثيرت حولهم الشائعات بأي تهمة، وحفظت تحقيقات ضد ناشطين حقوقيين بعد ما تبين لي كيدية الاتهامات ضدهم، وكل ما يقال في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن هذه القضية واتهامات لرموز ثورة يناير غير صحيح على الإطلاق ومن نسج خيال مغرضين». ولفت البيان إلى أن الدولة التي اعترفت في دستورها بثورة 25 يناير، مازالت تعتبرها مؤامرة كانت فيها منظمات المجتمع المدني أدوات الدول المتآمرة على مصر، ومن المفارقات السياسية المذهلة أن الدول المتهمة صراحة أو ضمنا بالتآمر علي الأمن القومي المصري من خلال المنظمات الحقوقية الممولة وفقا لتحريات القضية في 2011 ، لم تتخذ الدولة المصرية منها أي موقف نقدي حتى ولو ببيان رسمي حكومي أو بتخفيض حجم التمثيل الدبلوماسي، بما يتسق مع خطورة الاتهامات، بل وتعزز العلاقات معها، ويستجدي رئيس الدولة زيارتها ورضي كبار المسئولين فيها، وتتلقي منها الحكومة والمؤسسة العسكرية معونات مالية وتبرم معها اتفاقيات تسليح، وتدخل معها الحكومة في تحالفات أمنية وعسكرية ضد الإرهاب ودول أخري، الأمر الذي يجزم بكذب الاتهامات، وان المستهدف بها تصفية منظمات حقوق الإنسان، وليس رد الضرر المزعوم للدول المتهمة بالتآمر علي مصر. وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة: «من المؤكد أن المنظمات الحقوقية المستقلة في مصر ستواصل الوفاء بالتزامها الأخلاقي تجاه كافة المواطنين المصريين من الضحايا الحاليين أو اللاحقين، أيا كان انتمائهم السياسي أو الديني أو العرقي أو توجهم الجنسي، وأيا كان الحكم القضائي، وأيا كان الثمن الذي ستدفعه»، مضيفا: «يقينًا أن أحد أسباب هذه الهجمة الضارية، هو أن هذه المنظمات تستلهم القيم والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان في دفاعها عن الحقوق الآدمية للمصريين، وهي الحقوق التي لا يخجل رئيس الجمهورية من الجهر بأن مواطنيه بخلاف الشعوب الأخرى، غير جديرين بالتمتع بها». اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة