نشرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ورقة موقف، تحت عنوان «الضريبة على القيمة المضافة: التوقيت- الهدف- طعام الفقراء- صلاحيات الوزير- تخفيف الأثر»، لتحليل مشروع القانون الذي تعهدت الحكومة بإقراره أمام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والذي يناقش حاليًّا أمام مجلس النواب. وأعربت المبادرة المصرية عن قلقها إزاء هذا المشروع، مشيرة إلى أن هناك جانبا من الانتقاد الأساسي الموجه إلى القانون، وهو الخوف من ارتفاع الأسعار أبعد من مجرد الأثر المباشر للضريبة، بفعل الاحتكارات في مختلف القطاعات السلعية والخدمية، وبفعل عوامل أخرى مثل تخفيض قيمة العملة الذي يشترطه صندوق النقد الدولي. وقال أسامة دياب، الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة، إن ما يزيد من خطورة تلك الضريبة هو تأثيرها الركودي، موضحًا أن ضرائب الاستهلاك فضلًا إلى كونها من أقل أنواع الضرائب عدالة إلا أن لها أثرا تضخميا. وأضاف أن الأثر التضخمي، تثبط الاستهلاك، وبالتالي النمو وخلق فرص عمل. وتزيد خطورتها أثناء فترات التباطؤ الاقتصادي والتضخم العالي كالتي تشهدها مصر حاليًّا. وقالت «المبادرة» إن القانون حمل ثغرات مخيفة تفتح أبواب فساد. فقد أعطى القانون سلطات موسعة للوزير ولرئيس مصلحة الضرائب في إعفاء من يشاءون من الالتزام بإصدار الفواتير، بل وفي إعفاء أي منشأة من التسجيل في المصلحة بلا أي قيد أو شرط (المادة 12 والمادة 21). «هذا النوع من الاستثناءات يفرغ القانون من جوهره، لأنه يستثني مَن يشاء مِن دفع الضريبة»، بحسب سلمى حسين، الباحثة بالوحدة. كما يعطي القانون الحق للوزير في إنفاق مبلغ سنوي قد يصل إلى 300 مليون جنيه، بغرض تشجيع الممولين، بدون أي اشتراطات لأوجه الإنفاق (المادة 74)، هذا المبلغ يساوي مرة ونصف الدعم الموجه سنويا لتنمية الصعيد. ويضيف طارق عبدالعال، المحامي بالوحدة، أن هناك في المواد المتعلقة بالعقوبات ما يشجع على التهرب من الضريبة: «فعلى سبيل المثال، يعتبر مشروع القانون عدم إظهار السجلات لموظفي المصلحة مخالفة وليس تهربًا، غرامته تتراوح بين 500 و5 آلاف جنيه، وهو مبلغ تافه مقارنة بحجم المبيعات السنوي الذي لا يقل عن 500 ألف جنيه، بحسب القانون»، كما أنه لا يمكن أن تحرك المصلحة أي قضية تهرب إلا بموافقة من الوزير (المادة 72). وذكرت: «وأخيرًا، من أجل تخفيف أثر الضريبة في القيمة المضافة، تقترح المبادرة أن تُلحِقَها الحكومة بحزمة من الضرائب التي من شأنها أن تستهدف العدالة الاجتماعية، مثل الضرائب على الثروة والأرباح الرأسمالية». واقترحت المبادرة المصرية أن تلتزم الحكومة بتغيير الهدف من الضريبة، وهو سد عجز الموازنة، مشيرة إلى أن هدف مبهم؛ لأنه يجعل من الصعب على المصريين متابعة فيما أنفقت الحكومة أموالهم. وأوضحت أنه من الأفضل أن تضع الحكومة هدف اجتماعيٍّ يسهل مراقبته، أي تخصيص عائد الضريبة على القيمة المضافة من أجل بناء عدد معين من المدارس النموذجية مثلا، أو تمويل التأمين الصحي الشامل لكل المصريين. فحين يتحقق هذا الهدف، تعزز الثقة في الأداء الحكومي، ويشعر المواطنون بأن الضريبة لم تؤدِ إلى الإضرار بهم، بل كانت في سبيل فائدة جماعية، بحسب سلمى حسين.