دعوى قضائية لإلغاء المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    المطورون العرب القابضة تواصل الأداء الإيجابي وترفع حجم التسليمات والمبيعات خلال 9 أشهر    إنفانتينو يكشف تفاصيل لقاء رئيس لبنان وخطة إنشاء ملعب فى بيروت    تمزق العضلة الخلفية سبب استبعاد عبد الله السعيد من رحلة الزمالك لجنوب أفريقيا    الاتحاد السكندري يدرس إمكانية تقديم شكوى للاتحاد الدولي للسلة    مؤشرات فرز أصوات لجنة 13 مدرسة الشهيد عمرو خالد حسين فى زفتى بالغربية    العالم هذا المساء.. تفاصيل فعالية اليونسكو فى باريس حول المتحف المصرى الكبير.. ومظاهرات في محافظتي طرطوس واللاذقية بسوريا ومطالب بالإفراج عن الموقوفين.. والحكم على رئيس البرازيل السابق بولسونارو بالسجن 27 عاما    مراسلة إكسترا نيوز ل كلمة أخيرة: الوطنية للانتخابات وفرت الضمانات للناخبين    الدباغ والجزيرى على رأس قائمة الزمالك لمباراة كايزر تشيفز في كأس الكونفيدرالية الأفريقية    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عملية فرز أصوات الناخبين في الغربية (صور)    غدا.. غلق المخرج أسفل كوبرى سيدى جابر بالإسكندرية للقادم من شارع المشير    ‫ ليبيا... العودة إلى نقطة الصفر    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    رماد بركان إثيوبيا يشل حركة الطيران في الهند ويتمدّد نحو الصين    الكرة النسائية.. منتخب الشابات بالأبيض وتونس بالأحمر في بطولة شمال أفريقيا    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجنة العامة للانتخابات في السنبلاوين    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    العريش تطلق أسبوع قصور الثقافة للشباب    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    انتخابات مجلس النواب 2025.. انتعاش حركة التصويت قبل بدء استراحة القضاة بلجان القصر العيني ووسط البلد    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    ضبط 15 طن دقيق في حملات تموينية خلال 24 ساعة    ضبط 4 أشخاص يستقطبون الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    بث مباشر| مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لمتابعة انتخابات النواب 2025    محاكمة فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية اليوم    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود مسلم و«حواره»
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 04 - 2011

ماذا لو أتيح لصحفى - قومى أو حزبى أو مستقل - أن يجرى حوارا مطولا (فى لحظة كالتى نعيشها) مع الرئيس المخلوع، أو مع وريثه الأكثر «مخلوعية»، أو حتى مع أحد دهاقنة نظامه البائد.. هل سيستجيب هذا الصحفى لنداء الواجب، ويرضخ لشهوته المهنية، ويهرول - حاملا عدته وعتاده - إلى شرم الشيخ.. أم ينتصر لأحكام مليونيات التحرير، ويأبى على نفسه التورط فى حماقة قد تحشره فى زمرة المعادين للثورة؟
الذى أعرفه وأفهمه أن مهنة الصحافة تجاوزت هذا النوع من الأسئلة. ف«شرعية» الصحفى لم تعد تقاس أو تتأكد بمدى قدرته على تغليب مسؤوليته المهنية فحسب، بل بحرصه أيضا على تحييد أو مصادرة انتماءاته السياسية والاجتماعية والفكرية (والأخلاقية أحيانا) أثناء عمله. وبهذا المعنى يستطيع مثلا أن يجرى حوارا مع سياسى فاسد أو سفاح أو لص أو أى خارج على القانون دون أن يكون طرفا فيما يمكن أن يثيره مثل هذا الحوار من جدل. بالعكس.. ربما يصبح واجبا علينا أن نخلع قبعاتنا تقديرا لهذا الصحفى على تلك «الخبطة» أو هذا «السبق».
وقد وجدت نفسى فى الأيام القليلة الماضية أمام «جدل ما» بشأن المسؤولية المهنية للصحفى، وذلك فى أعقاب حوار من ثلاث حلقات نشرته «المصرى اليوم» وأجراه «محمود مسلم» - مدير التحرير ومسؤول الملف السياسى فى الجريدة - مع الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، وأحد أهم أركان نظام حكم الرئيس المخلوع.
لم يكن غريبا أن ينصب معظم الجدل الذى أثاره الحوار على ما قاله سرور، بغض النظر عما إذا كان صدقا أم ادعاء، أم مزيجا من كليهما. ولأن الحوار كشف عن الكيفية التى كانت تدار بها العملية السياسية خلال السنوات الست الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع، فقد أعقب نشره سيل من المقالات اقترب من الأربعين مقالا، فضلا عن مئات التعليقات على الموقع الإلكترونى للجريدة.
وتراوحت حدة هذه المقالات والتعليقات بين النقد المفرط فى قسوته والتأسى الممزوج بالسخرية مما آلت إليه أحوالنا وأحوال بلدنا. غير أن هناك من كتب متجاهلا «شهادة» سرور رغم أهميتها، ومتجاهلا أيضا «شطارة» محمود مسلم، سواء فى انتقاء فريسته (إذا جاز التعبير) أو فى إدارته للحوار، وراح يصفى عقده الشخصية وينفث أحقاده على الجريدة وعلى «مسلم» شخصيا، آخذاً المحاوِر (بكسر الواو) بجريرة المحاوَر.
ورغم استيائى، واستياء كثيرين، من فكرة أن يوضع «مسلم» فى موقف دفاعى لا يستحقه، فإن ثمة ملاحظات أرى أن من واجبى ذكرها هنا، لا بحكم صداقتنا، بل انتصاراً لما يمليه على ضميرى المهنى.
أولا: النسبة الغالبة من المقالات والتعليقات الإلكترونية التى أعقبت نشر الحوار انصبت - كما أنف القول - على محتواه، ولم ينشغل أصحابها ب«من أجراه» و«لماذا» و«كيف».
وحتى فى سياق تقييم جهد المحرر المحاور لم يزد الأمر عن وصفه ب«الزميل» أو «الصديق» أو «الصحفى القدير» أو «الصحفى المحترم»، فى حين أن هناك مقالات لم يأتِ له أصحابها على ذكر. وأظن أن حرص الصحفى على «إخفاء» نفسه لحساب «موضوعه» من الأمور التى تحسب له لا عليه.
ثانيا: إخفاء الصحفى لشخصيته فى حال إجراء حوار لا يعنى أن يكون مجرد «جهاز تسجيل» يذهب إلى «مصدره» بورقة أسئلة ويعود بالإجابات دون تدخل منه، ف«حضور» الصحفى فى الحوار لابد أن يتحقق عبر اختياره لتلك الشخصية العامة دون غيرها، واختياره لتكتيكات وأسئلة - ذكية أو مستفزة - من شأنها توريط المصدر فى تقديم قراءة جديدة لموضوع الحوار، أو دفعه على الأقل إلى «حقل» معلومات وحقائق لم تكن متداولة.
والحق أن أسئلة «مسلم» كانت تفضى، فى الغالب، إلى إصابة سرور بما يمكن أن يسمى «نزيف معلومات». أحيانا يكون السؤال قصيرا وبديهيا جدا: «ألا ترى أن مبارك أخطأ كثيراً؟»، وأحيانا يكون محرجا: «إذن.. نستطيع أن نقول إن أحمد عز هو من كان يدير المجلس فى الفترة الأخيرة؟».. «لماذا لم تعترض أو تستقيل أو تتخذ موقفا؟».. «هل كان كل همك أن تظل رئيسا للمجلس وفى مقابل ذلك تتركهم يفعلون ما يريدون؟».. إلخ.
كل الأسئلة فى الحقيقة كانت تهدف إلى انتزاع «شهادة» من رجل يتربع منذ أكثر من عشرين عاما على أحد أهم مقاعد العمل السياسى فى مصر، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، وهو ما يضفى على شغف «مسلم» بالمعلومات قيمة مهنية تتجاوز «الزهو» بالحصول عليها.
ثالثا: بعد أيام قليلة من اندلاع الثورة حل أحمد عز ضيفا على قناة «العربية» وواجهته راندة أبوالعزم، مراسلة القناة، بما تيسر من اتهامات أنكرها - بطبيعة الحال - جملة وتفصيلا. وقد تحلق المشاهدون حول القناة، بمن فى ذلك نحن معشر الصحفيين، لكن أحداً منا لم يتهم «العربية» أو مراسلتها بخيانة الثورة أو العمالة لنظام مبارك.. وهى التهم التى كان من المؤكد أنها ستُلصق بأى فضائية مصرية لو تجاسرت وأجرت الحوار نفسه.
من الواضح إذن أن المسألة لا تتعلق بكون «سرور» من رموز النظام البائد، ومن ثم فمكانه الطبيعى الآن وراء قضبان السجن لا أن تحوله الصحف إلى بطل أو نجم، بل تتعلق بأصداء ما يمكن اعتباره «حربا أهلية» فى بلاط صاحبة الجلالة، حيث تسعى بعض العناصر الصحفية الفاشلة، والتى لا تتكئ على إنجاز مهنى حقيقى، إلى تعويض فشلها من خلال التشكيك فى ذمم الآخرين المهنية والسياسية، أو التشكيك فى توجهات صحفهم، خاصة إذا كانت منافسة لتلك التى ينتمى إليها هؤلاء الفاشلون. ولم يعد خافيا أن «المصرى اليوم» أصبحت فى قلب هذه الحرب الأهلية.
رابعا وأخيراً: أعرف زملاء يعملون «مندوبين» لوزارات وأجهزة ومؤسسات سياسية وحزبية واقتصادية لدى صحفهم.. وليس العكس، وهو ما يفتح الباب أمام فسادهم من ناحية، وانهيار قيم العمل فى هذه الصحف من ناحية أخرى، لكننى فى المقابل أعرف زملاء آخرين ينتمون إلى أحزاب سياسية، ومع ذلك استطاعوا أن يجعلوا من هذا الانتماء «رافدا مهنيا» يميزهم عن غيرهم من الصحفيين، دون أن يكون عبئاً على صحفهم أو على ضميرهم المهنى. ليس عيبا إذن أن يكون الصحفى - حتى - صديقا ل«مصدره».. المهم ألا ينبطح أمامه أو يتعالى عليه، وأن يظل حريصا دائما على «مسافة» بينهما.. وتلك ميزة «محمود مسلم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.