رئيس وزراء صربيا خلال استقبال البابا تواضروس: علاقاتنا مع مصر راسخة ونرحب ببابا أكبر كنيسة بالشرق    موعد امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالقاهرة    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    عاجل|عدم تجديد التراخيص للمصانع خارج المناطق الصناعية يفرض اعباء جديدة على مصنعين الغزل والنسيج    السيسي: نبذل جهودًا مكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار ووقف إطلاق النار في غزة    فاينانشيال تايمز تطالب الغرب بكبح جماح نتنياهو وعدم الصمت تجاه غزة    موسكو: زيارة الرئيس الصيني لموسكو تاريخية وتعزز التعاون الاقتصادي    استبعاد ثنائي النصر أمام اتحاد جدة.. وجاهزية سيماكان    "ساقي لم تكن بخير وبكيت يومين".. لاوتارو يروي كواليس مؤلمة قبل لقاء برشلونة    قاضى المعارضات يجدد حبس سارة خليفة وأفراد عصابة المخدرات والحشيش الاصطناعى    القبض على عاطل فرض «إتاوات» على السائقين بالسلام    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يفتح باب التقديم لمشاريع "ملتقى القاهرة السينمائي"    مراهقة تحت الميكروسكوب هل ينجح الحب تحت العشرين؟    الصحة: مصر تمتلك واحدة من أقوى برامج التطعيمات ورصد الأمراض المعدية    "نجوم الساحل" يعلنون بداية فصل الصيف بطريقتهم الخاصة مع منى الشاذلي غدًا    وزير الصحة والسكان يناقش مشروع موازنة قطاع الصحة للعام المالي 2026/2025    الأسباب والأعراض    وزير الإسكان يتابع مشروعات «حياة كريمة» بمحافظات الأقصر والفيوم وكفر الشيخ    «ليه نستنى نتائج الأهلي؟».. طارق يحيى ينتقد تأخر صدور قرارات لجنة التظلمات حول أزمة القمة    دي يونج: وداع دوري الأبطال محبط وعلينا التركيز على لقب الدوري    قانون الإيجار القديم أمام البرلمان.. الحكم الدستوري لا يحرر العلاقة بل ينظمها بعد عقود من الظلم    وزارة التنمية تبحث الإستفادة من المنتجات غير المصرفية بالتعاون مع الرقابة المالية    إصابة شاب إثر انقلاب ملاكي داخل ترعة بقنا    تطورات حادث خط الغاز بطريق الواحات: ارتفاع عدد الوفيات ل6.. والنيابة تبحث عن الجاني    تحرير 507 مخالفات لعدم ارتداء خوذة وسحب 934 رخصة قيادة خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط: ضبط مشروبات غازية غير صالحة وتحرير 382 محضر خلال حملات تموينية    تعرف على مدة الدراسة فى الترم الأول بالعام الدراسى الجديد 2026    رئيس جامعة القاهرة يفتتح المؤتمر الدولي لكلية الصيدلة    صيدلة بني سويف الأهلية تنظم يومًا علميًا يجسد مهارات التواصل وتكامل التخصصات    العمل: بدء التقديم في منح مجانية للتدريب على 28 مهنة بشهادات دولية في معهد الساليزيان الإيطالي    حظك اليوم.. مواليد هذه الأبراج «شباب دائم» لا تظهر عليهم الشيخوخة هل أنت من بينهم؟    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    امتنعت عن المخدرات وتوبت توبة نصوحة.. وائل غنيم: أعتذر لكل من أخطأت في حقهم    استشهاد 22 فلسطينيا فى قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    مصر تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع جنوب آسيا وتدعو الهند وباكستان للتهدئة    خلال أيام.. صرف مرتبات شهر مايو 2025 للموظفين وفقًا لبيان وزارة المالية    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    طائرات مسيرة تُهاجم أكبر قاعدة بحرية في السودان.. ما القصة؟    سفير مصر ووزيرة الثقافة الفرنسية يشاركان باحتفالية إصدار كتاب حول مسلة الأقصر    استولى على 13 مليون جنيه.. حبس رجل أعمال 3 سنوات بتهمة الاحتيال على لاعب الأهلي "أفشة"    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    بيدري منتقدا الحكم بعد توديع الأبطال: ليست المرة الأولى!    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي على أصوله    كندة علوش تكشف علاقتها بالمطبخ وسر دخولها التمثيل صدفة    بعد حفل زفافها.. روجينا توجه رسالة ل «رنا رئيس»| شاهد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 7 مايو 2025 م    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 7-5-2025 بعد الزيادة الجديدة.. وبورصة الدواجن الآن    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود مسلم و«حواره»
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 04 - 2011

ماذا لو أتيح لصحفى - قومى أو حزبى أو مستقل - أن يجرى حوارا مطولا (فى لحظة كالتى نعيشها) مع الرئيس المخلوع، أو مع وريثه الأكثر «مخلوعية»، أو حتى مع أحد دهاقنة نظامه البائد.. هل سيستجيب هذا الصحفى لنداء الواجب، ويرضخ لشهوته المهنية، ويهرول - حاملا عدته وعتاده - إلى شرم الشيخ.. أم ينتصر لأحكام مليونيات التحرير، ويأبى على نفسه التورط فى حماقة قد تحشره فى زمرة المعادين للثورة؟
الذى أعرفه وأفهمه أن مهنة الصحافة تجاوزت هذا النوع من الأسئلة. ف«شرعية» الصحفى لم تعد تقاس أو تتأكد بمدى قدرته على تغليب مسؤوليته المهنية فحسب، بل بحرصه أيضا على تحييد أو مصادرة انتماءاته السياسية والاجتماعية والفكرية (والأخلاقية أحيانا) أثناء عمله. وبهذا المعنى يستطيع مثلا أن يجرى حوارا مع سياسى فاسد أو سفاح أو لص أو أى خارج على القانون دون أن يكون طرفا فيما يمكن أن يثيره مثل هذا الحوار من جدل. بالعكس.. ربما يصبح واجبا علينا أن نخلع قبعاتنا تقديرا لهذا الصحفى على تلك «الخبطة» أو هذا «السبق».
وقد وجدت نفسى فى الأيام القليلة الماضية أمام «جدل ما» بشأن المسؤولية المهنية للصحفى، وذلك فى أعقاب حوار من ثلاث حلقات نشرته «المصرى اليوم» وأجراه «محمود مسلم» - مدير التحرير ومسؤول الملف السياسى فى الجريدة - مع الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، وأحد أهم أركان نظام حكم الرئيس المخلوع.
لم يكن غريبا أن ينصب معظم الجدل الذى أثاره الحوار على ما قاله سرور، بغض النظر عما إذا كان صدقا أم ادعاء، أم مزيجا من كليهما. ولأن الحوار كشف عن الكيفية التى كانت تدار بها العملية السياسية خلال السنوات الست الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع، فقد أعقب نشره سيل من المقالات اقترب من الأربعين مقالا، فضلا عن مئات التعليقات على الموقع الإلكترونى للجريدة.
وتراوحت حدة هذه المقالات والتعليقات بين النقد المفرط فى قسوته والتأسى الممزوج بالسخرية مما آلت إليه أحوالنا وأحوال بلدنا. غير أن هناك من كتب متجاهلا «شهادة» سرور رغم أهميتها، ومتجاهلا أيضا «شطارة» محمود مسلم، سواء فى انتقاء فريسته (إذا جاز التعبير) أو فى إدارته للحوار، وراح يصفى عقده الشخصية وينفث أحقاده على الجريدة وعلى «مسلم» شخصيا، آخذاً المحاوِر (بكسر الواو) بجريرة المحاوَر.
ورغم استيائى، واستياء كثيرين، من فكرة أن يوضع «مسلم» فى موقف دفاعى لا يستحقه، فإن ثمة ملاحظات أرى أن من واجبى ذكرها هنا، لا بحكم صداقتنا، بل انتصاراً لما يمليه على ضميرى المهنى.
أولا: النسبة الغالبة من المقالات والتعليقات الإلكترونية التى أعقبت نشر الحوار انصبت - كما أنف القول - على محتواه، ولم ينشغل أصحابها ب«من أجراه» و«لماذا» و«كيف».
وحتى فى سياق تقييم جهد المحرر المحاور لم يزد الأمر عن وصفه ب«الزميل» أو «الصديق» أو «الصحفى القدير» أو «الصحفى المحترم»، فى حين أن هناك مقالات لم يأتِ له أصحابها على ذكر. وأظن أن حرص الصحفى على «إخفاء» نفسه لحساب «موضوعه» من الأمور التى تحسب له لا عليه.
ثانيا: إخفاء الصحفى لشخصيته فى حال إجراء حوار لا يعنى أن يكون مجرد «جهاز تسجيل» يذهب إلى «مصدره» بورقة أسئلة ويعود بالإجابات دون تدخل منه، ف«حضور» الصحفى فى الحوار لابد أن يتحقق عبر اختياره لتلك الشخصية العامة دون غيرها، واختياره لتكتيكات وأسئلة - ذكية أو مستفزة - من شأنها توريط المصدر فى تقديم قراءة جديدة لموضوع الحوار، أو دفعه على الأقل إلى «حقل» معلومات وحقائق لم تكن متداولة.
والحق أن أسئلة «مسلم» كانت تفضى، فى الغالب، إلى إصابة سرور بما يمكن أن يسمى «نزيف معلومات». أحيانا يكون السؤال قصيرا وبديهيا جدا: «ألا ترى أن مبارك أخطأ كثيراً؟»، وأحيانا يكون محرجا: «إذن.. نستطيع أن نقول إن أحمد عز هو من كان يدير المجلس فى الفترة الأخيرة؟».. «لماذا لم تعترض أو تستقيل أو تتخذ موقفا؟».. «هل كان كل همك أن تظل رئيسا للمجلس وفى مقابل ذلك تتركهم يفعلون ما يريدون؟».. إلخ.
كل الأسئلة فى الحقيقة كانت تهدف إلى انتزاع «شهادة» من رجل يتربع منذ أكثر من عشرين عاما على أحد أهم مقاعد العمل السياسى فى مصر، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، وهو ما يضفى على شغف «مسلم» بالمعلومات قيمة مهنية تتجاوز «الزهو» بالحصول عليها.
ثالثا: بعد أيام قليلة من اندلاع الثورة حل أحمد عز ضيفا على قناة «العربية» وواجهته راندة أبوالعزم، مراسلة القناة، بما تيسر من اتهامات أنكرها - بطبيعة الحال - جملة وتفصيلا. وقد تحلق المشاهدون حول القناة، بمن فى ذلك نحن معشر الصحفيين، لكن أحداً منا لم يتهم «العربية» أو مراسلتها بخيانة الثورة أو العمالة لنظام مبارك.. وهى التهم التى كان من المؤكد أنها ستُلصق بأى فضائية مصرية لو تجاسرت وأجرت الحوار نفسه.
من الواضح إذن أن المسألة لا تتعلق بكون «سرور» من رموز النظام البائد، ومن ثم فمكانه الطبيعى الآن وراء قضبان السجن لا أن تحوله الصحف إلى بطل أو نجم، بل تتعلق بأصداء ما يمكن اعتباره «حربا أهلية» فى بلاط صاحبة الجلالة، حيث تسعى بعض العناصر الصحفية الفاشلة، والتى لا تتكئ على إنجاز مهنى حقيقى، إلى تعويض فشلها من خلال التشكيك فى ذمم الآخرين المهنية والسياسية، أو التشكيك فى توجهات صحفهم، خاصة إذا كانت منافسة لتلك التى ينتمى إليها هؤلاء الفاشلون. ولم يعد خافيا أن «المصرى اليوم» أصبحت فى قلب هذه الحرب الأهلية.
رابعا وأخيراً: أعرف زملاء يعملون «مندوبين» لوزارات وأجهزة ومؤسسات سياسية وحزبية واقتصادية لدى صحفهم.. وليس العكس، وهو ما يفتح الباب أمام فسادهم من ناحية، وانهيار قيم العمل فى هذه الصحف من ناحية أخرى، لكننى فى المقابل أعرف زملاء آخرين ينتمون إلى أحزاب سياسية، ومع ذلك استطاعوا أن يجعلوا من هذا الانتماء «رافدا مهنيا» يميزهم عن غيرهم من الصحفيين، دون أن يكون عبئاً على صحفهم أو على ضميرهم المهنى. ليس عيبا إذن أن يكون الصحفى - حتى - صديقا ل«مصدره».. المهم ألا ينبطح أمامه أو يتعالى عليه، وأن يظل حريصا دائما على «مسافة» بينهما.. وتلك ميزة «محمود مسلم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.