كشفت المستندات التي حصلت «المصرى اليوم» عليها عن وجود خلاف حاد بين وزارة الزراعة ومحافظة الدقهلية من جهة، ووزارة التموين من جهة أخرى، بعد شراء الأخيرة 47 فدانا من أجود الأراضى الزراعية بقرية جوجر على رافد المنصورة- جمصة بالدقهلية، لإقامة مول تجارى ومنطقة تجارية بها منافذ بيع الجملة والتجزئة، وهو ما رفضته المحافظة و«الزراعة». وتعود وقائع الأزمة إلى حين شراء شركة «الصالحية» للاستثمار والتنمية الزراعية أرضا زراعية كبيرة من منتفعى الإصلاح الزراعى بقرية جوجر التابعة لمركز طلخا، وتقع واجهتها على رافد «المنصورة- جمصة» بالدقهلية، خلال عام 2009، ثم أعادت الشركة بيع مساحة من الأرض لجهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين، وقدرها 46 فدانا و18 قيراطا و11 سهما بموجب عقد بيع ابتدائى، في 24 فبراير 2010، لإقامة مول تجارى ومنافذ للجملة والتجزئة، بينما رفض 6 من الفلاحين تتخلل أراضيهم المساحة المذكورة بيع الأرض للشركة أو «التموين». وأكدت مصادر بمحافظة الدقهلية أن شركة الصالحية كان يملكها نجلا مسؤول كبير سابق، وتم شراء مساحات محيطة بالأرض لصالح الشركة وبعض المنتفعين بالمحافظة وخارجها لتبويرها والاستفادة منها عند إقامة أي مشروعات على المساحة المباعة ل«التموين». وأكدت المستندات أنه صدر قرار من وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق باستنزال مساحة الأرض من الرقعة الزراعية، في 2/11/2009، إضافة إلى قرار وزير التجارة والصناعة الأسبق برقم 76 لسنة 2011 بتحديد تلك الأرض ك«منطقة تجارية ومرفق ذى طبيعة خاصة»، وتم نشر القرار في «الوقائع المصرية»، بعددها رقم 22 في 26 يناير 2011. وتعاقدت «التموين» مع شركة «المقاولون العرب» لتنفيذ شبكة مرافق للأرض بقيمة إجمالية 26 مليون جنيه، وسددت دفعة مقدمة قدرها 6.5 مليون جنيه، إلا أن الفلاحين رفضوا ومنعوا نزول الشركة للأرض الزراعية، وطردوا جميع العمال منها، واستمروا في زراعتها حتى الآن. وفى 27 يوليو 2011، صدر قرار من وزير الزراعة بعدم استنزال هذه المساحة من الأراضى الزراعية واستغلالها في الزراعة، وتم عقد اجتماع بمكتب سكرتير عام مساعد محافظة الدقهلية، في 1 إبريل 2014، وبحضور جميع المسؤولين ذوى الصلة بهذه المساحة، وانتهت اللجنة إلى تفعيل قرار وزير الزراعة، المؤرخ في 29/7/2011، بشأن الاحتفاظ بزراعة الأرض التي تم شراؤها من منتفعى الإصلاح الزراعى، حفاظا على الرقعة الزراعية. وخاطبت وزارة التموين محافظة الدقهلية، بتاريخ 11/5/2014 مؤكدة عدم التزام المزارعين بعقود البيع المبرمة معهم على الأرض المملوكة لجهاز تنمية التجارة الداخلية بمنطقة طلخا، وطالبت المحافظة بإصدار تعليماتها إلى مديرية الزراعة بالدقهلية بعدم صرف الحصة الزراعية الخاصة بالأرض من الأسمدة والمحاصيل الزراعية المقررة للمساحة المشار إليها والتنبيه على الجمعية المختصة، تنفيذا لقرار وزير الزراعة باستنزال الأرض من الرقعة الزراعية، وهو ما رفضته المحافظة التي أرسلت الخطاب رقم 10/12/ح بتاريخ 14/6/2014 تؤكد فيه صدور قرار لاحق لوزير الزراعة بتاريخ 29/7/2011 بعدم استنزال الأرض من الرقعة الزراعية. وقالت، في الخطاب: «على الشركة في حالة احتياجها لتنفيذ أي مشروع بغرض النفع العام شراء أرض بديلة، وهى متوفرة في مدينة جمصة، وذلك بالطرق القانونية بعيدا عن الأرض الزراعية للحفاظ عليها، وإن كل القوانين والشرائع تجرم قتل الحياة والبناء على الأرض الزراعية». وعرضت المحافظة على «التموين» أرضا بديلة لإقامة مشروعاتها بجمصة على مساحة 45 فدانا، إلا أن الوزارة رفضت وأصرت على تبوير الأرض. ولجأت «التموين» إلى المهندس إبراهيم محلب، رئيس لجنة استرداد أراضى الدولة، مؤخرا، لتنفيذ إزالة الزراعات وإخراج الفلاحين من الأرض لصالح تنفيذ المشروع. وعُقد اجتماع تمهيدى بين ممثلين من الجهات المعنية لدراسة تسليم الأرض لوزارة التموين وإزالة التعديات عليها، في 4 مايو الجارى، وشددت خلاله المحافظة على عدم تبوير الأرض، بعد تسليمها لجهاز «تنمية التجارة» والحفاظ عليها ضمن الرقعة الزراعية وفق قرار وزير الزراعة السابق. وأكد محضر الاجتماع، الذي حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، أن التعديات على الأرض عبارة عن مزروعات موسمية، وعلى جهاز تنمية التجارة الداخلية عمل رفع مساحى للأرض، بالتنسيق مع مديرية المساحة، لتحديد ملكية «الجهاز» وفصلها عن ملكية المزارعين، وتحديد موعد لتنفيذ الإزالة وتسليم الأرض لوزارة التموين، «دون الموافقة على تبويرها»، والتى أكد مندوبها خلال الاجتماع أنه سيتم استصدار قرار جديد من وزير الزراعة باستنزال الأرض من الرقعة الزراعية، وهو ما أثار استياء الحضور.