تطور جديد في أسعار الذهب لم تشهدها منذ 5 أبريل بسبب آمال خفض الفائدة    نتنياهو يتمنى تجاوز الخلافات مع بايدن ويقر بخسارة مئات الجنود في غزة    أعداء الأسرة والحياة l خبراء وائمة فرنسيون : الإخوان والسلفيين.. شوهوا صورة الإسلام فى أوروبا    موعد صلاة الجنازة على جثمان عقيد شرطة لقى مصرعه بببنى سويف    عمرو يوسف ويسرا وكريم السبكي يكشفون كواليس «شقو»    أعداء الأسرة والحياة l صرخات نساء «تجار الدين» أمام محكمة الأسرة    أحمد العوضي يحسم أمره بشأن العودة لياسمين عبدالعزيز.. ماذا قال؟    نقيب الجزارين: تراجع اللحوم ل380 جنيها بسبب الركود.. وانخفاض الأبقار الحية ل 165    أبرزها الموجة الحارة وعودة الأمطار، الأرصاد تحذر من 4 ظواهر جوية تضرب البلاد    اليوم| قطع المياه لمدة 8 ساعات عن بعض مناطق الحوامدية.. تعرف على الموعد    يحطم مخطط التهجير ويهدف لوحدة الصف| «القبائل العربية».. كيان وطني وتنموي داعم للدولة    شعبة الدواجن: السعر الأقصى للمستهلك 85 جنيها.. وتوقعات بانخفاضات الفترة المقبلة    أسرار «قلق» مُدربي الأندية من حسام حسن    أتالانتا يتأهل لنهائي الدوري الأوروبي بثلاثية أمام مارسيليا    ملف رياضة مصراوي.. زيارة ممدوح عباس لعائلة زيزو.. وتعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    أحمد عيد: أجواء الصعود إلى الدوري الممتاز في مدينة المحلة كانت رائعة    نجم الأهلي السابق: مباريات الهبوط في المحترفين لا تقل إثارة عن مباريات الصعود    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    حركة حماس توجه رسالة إلى المقاومة الفلسطينية    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    لتقديم طلبات التصالح.. إقبال ملحوظ للمواطنين على المركز التكنولوجي بحي شرق الإسكندرية    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    الاحتلال يسلم إخطارات هدم لمنزلين على أطراف حي الغناوي في بلدة عزون شرق قلقيلية    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    الفوائد الصحية للشاي الأسود والأخضر في مواجهة السكري    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مرادف «قوامين» و«اقترف».. سؤال محير للصف الثاني الثانوي    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    لمواليد برج العذراء والثور والجدي.. تأثير الحالة الفلكية على الأبراج الترابية في الأسبوع الثاني من مايو    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    حدث بالفن| فنانة تكشف عودة العوضي وياسمين ووفاة والدة نجمة وانهيار كريم عبد العزيز    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار هشام رجب عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى: التشريعات المؤثرة يجب ألا تصدر فى «الضلمة» بعيداً عن المجتمع (حوار)

مع بدء ممارسة البرلمان أعماله تسارعت الجهود مجددًا لبحث كيفية إصلاح قطاع الأعمال العام وتحريك أصوله الراكدة وتحقيق أعلى عائد ممكن من الاستثمارات التى تم ضخها فى هذا الكيان الضخم، ولأن مفتاح الإصلاح يبدأ من تغيير القوانين الحاكمة للنشاط الاقتصادى، فكان هذا الحوار مع المستشار هشام رجب عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى ونائب رئيس لجنة التشريعات الاقتصادية المنبثقة عنها.
وفجر رجب أكثر من مفاجأة أبرزها ما أعلنه بأنه أعد قانونا فى وقت سابق ليكون بديلا لقانون قطاع الأعمال العام، وكان سيحيى فكرة المفوضية التى أقرها رسميا المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق مع بداية تولى مسؤوليته، ثم سرعان ما تاهت فى ضغط زحام المشاكل والتحديات، وإلى نص الحوار:
* لماذا تغلب النزعة القانونية دائما علينا عند محاولة إصلاح أى قطاع؟
- التشريع يمهد للإصلاحات، ويعطى لمتخذ القرار مساحة أكبر للتحرك فى الاتجاة الصحيح، ولهذا يجب على الدولة قبل أن تحاسب أى وزير استثمار أو مسؤول عن هذا الملف أن تعطيه الإطار التشريعى الصحيح حتى يستطيع إدارة أصول الدولة بكفاءة، وقانون قطاع الأعمال الحالى يعرقل أى جهود جادة أو حقيقية لتطوير القطاع وتعظيم العائد الاقتصادى منه.
* ولكن بعض الشركات حققت فى ظل هذا القانون نجاحات ملحوظة بمجرد تحسين إداراتها؟
- قد يحدث، ولكن النجاح فى ظل هذا القانون 203 لا يعتمد على منظومة، ولكن مجرد مهارات فردية قد تتوفر لشركة ما فى وقت ما مع مجلس إدارة أو وزير «شاطر»، ولكن بمجرد تغييره تعود الشركة للخسارة من جديد، وهو ما يؤكد عدم وجود منظومة تشجع تحقيق نجاح دائم فى إدارة هذا الملف، ولا يمكن للدولة أن تستمر بهذا الوضع إذا كانت تسعى لتحقيق نهضة اقتصادية فى كل المجالات.
* يقول كثيرون إن النجاح ليس معياره ماديا فقط، فهل هناك دور اجتماعى للشركات العامة؟
- لا دور اجتماعى فى غياب النجاح الاقتصادى، فيجب أن تنجح كشركة أولا فى تحقيق إنتاجية عالية وبجودة مقبولة وتنافس، وبعد ذلك يتم تقدير شكل الدور الاجتماعى وتكلفته ومن يتحمله فى شفافية، كما أن هناك بعدا آخر يتمثل فى مفهوم النجاح، فليس معنى أن شركة كانت تحقق خسائر دائمة، ثم تتحول إلى ربح بسيط، أنها حققت إنجازا، وإنما المعيار الأهم هو حجم أعمال تلك الشركة مقارنة برأسمالها واستثماراتها وأيضا مقدار ما تسهم به فى الاقتصاد القومى، فلدينا مثلا العديد من الشركات الناشئة التى يبلغ حجم أعمالها ما يعادل كل شركات الدولة العامة.
* عندما تولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة الوزراء، كان هناك اهتمام بإنشاء مفوضية لإدارة قطاع الأعمال، وقانون لتنظيم إدارة أصول الدولة، فلماذا لم تكتمل التجربة؟
- أتصور أن الأمر يتعلق فقط بالتوقيتات ومدى ملائمة إصدار مثل هذا القانون الهيكلى وقتها، فمحلب تولى رئاسة الوزراء فى وقت كانت الأمور لاتزال غير مستقرة، واتسمت بالمزايدات والتربص، وكان أى حديث عن قطاع الأعمال العام تتم مواجهته بالسلبية والتشكيك، كما أن مثل هذا القانون يحتاج إلى برلمان لإصداره نظرا لحساسيته، فهو يحتاج إلى أن يتحمل ممثلو الشعب مسؤوليته وليس الحكومة فقط، والآن الوقت مناسب للمبادرة بإعادة طرح الموضوع، خاصة أن الوضع مازال كما هو عليه والشركات مازالت تحقق خسائر، مما يستدعى استمرار البحث عن الحلول واتخاذ خطوات لتعديل وتصحيح مسار عمل الشركات، وهو ما لا يمكن تحقيقه فى ظل قانون قطاع الأعمال العام 203 لسنة 1991، كما لا يمكن لصانع القرار أو الحكومة أو المجتمع معه انتظار نتائج مغايرة بنفس المنظومة القائمة والتى أثبتت فشلها خلال 26 عاما.
* متى بدأت فى الإعداد لهذا المشروع؟
- إنه من أصعب مشروعات القوانين التى عملت بها طوال حياتى، لأننا بدأنا من الصفر، وكان هناك جهد مبذول فترة تولى المهندس رشيد محمد رشيد وزارة الاستثمار قبل ثورة يناير 2011، حيث بدأنا مجموعة من الجلسات استمرت شهورا مع خبراء وعدد من رؤساء شركات قطاع الأعمال العام، وبدأنا دراسة الأسباب الحقيقية وراء تدهور وضع تلك الشركات، واستقر الرأى على أن القانون الحالى «معطل» ولا يساعد على اتخاذ أى خطوة لتطوير منظومة العمل بالشركات، وبعدها بدأت عملية الاطلاع على التجارب العالمية المثالية، ثم توقفنا لفترة بسبب الأحداث السياسية، ثم بدأت بعدها صياغة مشروع لقانون جديد لقطاع الأعمال، ولكن برؤية مختلفة وتحت مسمى «تنظيم إدارة الأصول والاستثمارات المملوكة فى الدولة» وتم عرضه من خلال وزير الصناعة السابق منير فخرى عبدالنور على حكومة محلب وتحمس له الأخير بشدة، إلا أن الملف تجمّد بعدها للأسباب السابقة.
*هل لهذا المشروع أى علاقة بعمليات الخصخصة؟
- على العكس تماما، ففلسفة القانون قائمة على استمرار ملكية الحكومة لتلك الشركات، ولكنه يعتمد كما هو واضح من اسمه على تحسين وتطوير قدرة الدولة على إدارة تلك الأصول وتعظيم الاستفادة منها، وبالتالى لا يمكن أن يكون مصيرها الخصخصة أو الطرح للبيع.
* من دراستكم لقانون قطاع الأعمال الحالى، ما العوار الذى يوجب إلغاءه؟
- القانون صدر عام 1991 لتطوير أداء المشروعات الاقتصادية للدولة من خلال الفصل بين الملكية (الدولة)، والإدارة، وإفساح المجال للشركات العامة لكى تدار بذات أسلوب ونهج إدارة الاستثمارات الخاصة، ولكن هذا لم يتحقق بسبب الصلاحيات الواسعة للوزير الحكومى فى إدارة تلك الشركات فهو يتولى رئاسة الجمعيات العمومية للشركات القابضة وتعيين واختيار أعضاء الجمعية العمومية للشركة، إلى جانب اختيار أعضاء مجالس إدارات الشركات التابعة، فضلا عن العديد من الاختصاصات الفنية، وهو ما يتضمن خلطا واضحا وصريحا بين فكرة الملكية والإدارة وهذا الخلط سمح بتغول الاعتبارات السياسية، أى أن السياسة هى الغالبة فى معظم القرارات خاصة الإصلاحية، وجاء ذلك على حساب الإدارة الرشيدة لشركات قطاع الأعمال العام، فالكل على علم أن كثيرا من التعيينات فى تلك الشركات جاءت نتيجة ضغوط سياسية.
* تدخل «الأمن الوطنى» فى أعمال إدارة تلك الشركات لضمان عدم اشتعال الاحتجاجات أمر غير قانونى، ولكنه يحدث، فما الضمان فى القانون الجديد كى يتم فصل السياسة عن الإدارة؟
- الأمن عادة يحرص على الاعتبارات السياسية لأنه يعرف أن الوزير – السياسى – هو المسؤول عن الشركات وبالتالى يريد تجنيبه وتجنيب الحكومة أى مشاكل عمالية كأولوية، وفى النهاية فأى اعتبارات سياسية تتدخل فى إدارة الشركات تجعل القرارات بعيدة تماما عن الاعتبارات المالية والاقتصادية ولا توفر المناخ الملائم للإدارة كما فى القطاع الخاص، ولدينا فى تاريخ تلك الشركات نماذج مختلفة كانت السياسة لها دور الغلبة فيها وفيما وصلت إليه، ولكن فى التشريع الجديد سيعود الأمر إلى طبيعته وستتحاور الإدارة مع جميع الأطراف من أرضية اقتصادية واضحة وشفافة للوصول إلى حلول لا تعوق تطور الشركة أو قدرتها على المنافسة بل تدعمها.
* وماذا عن الأسباب الأخرى لوجوب تغيير القانون الحالى؟
- أولا: الهيكل القائم لإدارة الشركات القابضة من خلال مجالس إداراتها بجمعياتها العمومية المتعددة ومصالح هذه الشركات المختلفة وربما المتعارضة لا يمكّن الدولة من اتخاذ قرارات اقتصادية تصحيحية لمسار هذه الشركات وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالدمج والتقسيم أو استخدام أرباح بعض الشركات فى تصحيح الهياكل المالية لبعض الشركات الأخرى، فهذا الشكل من الإدارة يفتقر للرؤية الشاملة أو المتكاملة فى الإدارة، وهو ما تعالجه فكرة المفوضية العامة المنصوص عليها فى المشروع الجديد والذى تتولى إدارة أصوال الدولة وتتكون من مجلس إدارة محترف ويشترط تفرغ أعضاء المجلس، بعكس الوضع الحالى حيث نجد أن أغلب أعضاء مجالس إدارة القابضة غير متفرغين.
ثانيا: الواقع الذى يفرضه قانون قطاع الأعمال العام الحالى هو «أيلولة» ما تحققه الشركات من أرباح إلى موازنة الدولة، ولا يوجد نص فى القانون يسمح باستخدام نسبة من الأرباح لإعادة ضخها لتطوير الشركة أو زيادة رأسمالها، والأمر يخضع دائما لمدى «شطارة» وزير الاستثمار فى تفاوضه مع وزير المالية، ولكن المشروع الجديد نص على نسبة ثابتة تصل إلى 40% من الأرباح يتم تحويلها إلى المفوضية لإعادة استثمارها فى تطوير الشركات وتحديث المعدات وتدريب العمالة.
* وما المشكلة فى «أيلولة الأرباح» أو عودتها إلى الخزانة العامة؟
- التجربة أثبتت أنه فى ظل العجز الدائم للموازنة فإن أى أرباح تحققها الشركات تذهب إلى الخزانة العامة بدلا من استثمارها أو استثمار جزء منها فى تحسين أوضاع الشركات، وللأسف تعجز الشركة عن تطوير أدائها وتستمر الخسائر وفى المقابل الدولة تدفع أضعاف ما تحصله لتغطية عجز شركات ودفع رواتب العمال لتستمر دوامة الخسائر والدعم الحكومى.
* يقال إن أى وزير لا يستطيع بسهولة عزل أى مجلس إدارة غير ناجح فى ظل القانون 203؟
- بالفعل، فعزل مجالس إدارات شركات قطاع الأعمال العام أمر بالغ التعقيد فى القانون، وبالتالى فإن الدولة لا يمكنها تحقيق المراقبة الفعلية لأداء تلك الشركات والتى تشعر بأنها فى مأمن حقيقى من العقاب أو العزل حتى إذا لم تحقق الأهداف المطلوبة أو أدارت الشركة بأسلوب فاشل وحققت خسائر بعكس الوضع فى القطاع الخاص، وكثيرون من وزراء الاستثمار السابقين أكدوا أنهم فى ظل القانون لا يمكنهم عزل مجالس الإدارات الخاسرة ونحن لدينا حوالى 9 شركات قابضة و166 شركة تابعة لا يمكن أن تستمر إدارتها بهذا الشكل.
* لكن كثيرا من المسؤولين أصبحوا من ذوى الأيدى المرتعشة خاصة خلال الخمس سنوات الماضية، ومهما عدلت من تشريعات قد لا يتغيرون؟
- النصوص الجنائية «الفضفاضة» لمساءلة الموظف العام، والتى تعاقب أى مسؤول عن استخدام سلطاته التقديرية حتى لو لم يثبت حصوله على نفع أو مقابل، ستظل عائقا أمام إحداث تنمية حقيقية فى مصر حال استمرارها بهذا الشكل، ولها تأثير بالغ فى قرارات المسؤولين، ولهذا يجب أن يتم علاجها بتعديل قانون العقوبات الجنائية.
* نستكمل الاعتراضات على القانون الحالى؟
- القانون الحالى لا ينظم أيضا إدارة مساهمات المال العام إلا فى قطاع الأعمال العام فقط، فى حين أن مساهمات الدولة الضخمة - موجودة فى 662 مشروعا ليست قطاع أعمال عام، هذا إلى جانب أن هناك اتجاها لدى الدولة حاليا بالدخول فى شراكات لتنفيذ عدد من المشروعات الكبرى فى قناة السويس وغيرها، وبالتالى يجب أن نجد تشريعا جديدا ينظم إداراتها لمساهمتها فى تلك المشروعات ويضمن الرقابة عليها وتحقيقها عوائد مناسبة دون أن يكون طاردا للاستثمار الأجنبى أو المحلى المشارك لها من القطاع الخاص، وبالمناسبة فإن الطابع السياسى الغالب على إدارة شركات قطاع الأعمال العام يجعل من المتعذر اتخاذ قرارات تصفية بعض الأنشطة التجارية فى التوقيت المناسب، متى كان استمرارها غير ذى جدوى اقتصاديا.
* إذن.. ما أهم ملامح مشروع القانون الجديد؟
- إنشاء مفوضية تعنى بإدارة أصول الدولة واستثماراتها تنوب عن الدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة فى إدارة الأصول والاستثمارات المملوكة لها، وتهدف إلى تعظيم العائد الاقتصادى للأصول من خلال تطوير قدرات الشركات القائمة على إدارة تلك الأصول، وإصلاح هياكلها المالية والإدارية، والارتقاء بمهارات العاملين بها، واستخدام الآليات والأدوات المالية الحديثة لتطوير مشروعاتها كما حرص مشروع القانون على إعطاء الجمعية العامة للشركة القابضة الحق فى عزل مجالس إدارات الشركة التابعة دون وضع أى قيود فى هذا الشأن، وذلك على النحو المعمول به فى قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981، باعتبار أن هذا حق أصيل لمالك المال لتمكين المفوضية من تحقيق أغراضها فى تطوير وإعادة هيكلة أصول الدولة لتعظيم العائد منها، كما أكد مشروع القانون أن يخول للمفوضية مقابل إدارتها للأصول نسبة لا تقل عن 40% من نصيب الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة فى أرباح الشركات القابضة ومساهمات المال العام تضاف إلى مواردها وتخصص للصرف فى أغراضها، ومنها تطوير الشركات القائمة وإصلاح هياكلها المالية وتحديث خطوط الإنتاج وتنمية مهارات العاملين.
* وماذا عن هيكل ودور المفوضية؟
- المفوضية تتشكل من مجلس الأمناء، وهو يضم من بعض الوزراء المختصين وعلى الأخص وزراء الاستثمار والمالية والتجارة والصناعة وعدد من الأعضاء من ذوى الخبرة لا يقل عن 4 ولا يزيد على 8، ودور مجلس الأمناء هو رسم السياسة العامة للمفوضية على أن يراعى فى تشكيله أن يتضمن أعضاء من ذوى الخبرة إلى جانب بعض أعضاء الحكومة المعنيين، وذلك لتغليب الاعتبارات الاقتصادية والفنية عند رسم السياسة العامة للمفوضية.
* .. ومجلس الإدارة؟
- يتشكل من رئيس متفرغ وعضوية نائب الرئيس و7 أعضاء من ذوى الخبرات المتميزة فى الإدارة وفى المجالات الاقتصادية والمالية، وتمت مراعاة البعد عن الأعضاء السياسيين أو الوزراء فى تشكيل مجلس الإدارة، ويتولى مجلس إدارة المفوضية إدارة شؤونها ومتابعة أداء شركات قطاع الأعمال العام ويضع قواعد وضوابط اختيار رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات القابضة أو التابعة، وكذلك اعتماد قواعد وضوابط اختيار ممثلى مساهمات المال العام.
* وما الذى سيفوز به مجلس الإدارة أو المفوضية من السلطات الحالية الممنوحة لوزير الاستثمار؟
- يتولى رئيس مجلس إدارة المفوضية اختصاصات الوزير المختص الواردة فى مواد قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991، ومنها رئاسة الجمعية العمومية للشركة وليس الوزير، بالإضافة إلى بعض الاختصاص الفنية الموكولة لرئيس مجلس الوزراء فى قانون قطاع الأعمال، وهذا الأمر يمكن المفوضية من اتخاذ القرارات بناء على أسس اقتصادية فى المقام الأول دون التأثر بالاعتبارات السياسية، أيضا فإن الجمعية العمومية للشركات القابضة تتشكل من مجلس إدارة المفوضية إلى جانب بعض الخبرات التخصصية والتفرغ والتمتع بأقصى درجات المهنية والمهارة ومن ثم تستطيع هذه المفوضية أن تخطط وتراقب وتطور أداء الشركات من واقع منظور ورؤية شاملة على خلاف الوضع القائم الذى تتعدد فيه الجمعيات العمومية بقدر تعدد الشركات القابضة.
* هل ثمة تجارب تمت الاستعانة بها فى إعداد المشروع؟
- تجارب ناجحة بالطبع، أبرزها ماليزيا وسنغافورة، حيث أنشأت هذه الدول صناديق أو أجهزة عملت على تطوير الهياكل والنظم الإدارية للشركات العامة وتبنت برامج لقياس أداء هذه الشركات ورفع كفاءة مجالس إداراتها والقيادات الإدارية بها وإدارة مساهمات الدولة فى الشركات بصورة احترافية، وقد حققت هذه البرامج نتائج إيجابية كبيرة، والسبب الرئيسى لهذا النجاح هو إسناد إدارة هذه الأجهزة أو الصناديق لقيادات تتمتع بأعلى مهارات الإدارة الاقتصادية والمالية الرشيدة ولديها من الخبرات التى تمكنها من ذلك ومنحها قدرا كبيرا من الحرية فى اتخاذ القرار دون تغليب أى اعتبارات أخرى.
* وفى ظل قانون الحد الأقصى للأجور.. كيف يمكن جذب كفاءات عالية؟
- هناك فتوى من الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة بشأن عدم خضوع شركات قطاع الأعمال العام للأقصى للأجور، كما أن الدستور سمح ببعض الاستثناءات، لجذب محترفين مهمتهم إدارة محفظة تصل حجمها إلى عشرات المليارات، وسيكون مردودها على الاقتصاد والدولة كبيرا، كما يمكن ربط جزء من الرواتب بكفاءة الإدارة وبما تحققه من مكاسب.
* صدور قانون بمثل هذه الحساسية يحتاج إلى قرار من البرلمان.. فهل التركيبة الحالية فى مجلس النواب مواتية لذلك؟
- عليك أن تضع البرلمان أمام مسؤولياته وهو من يحدد ما إذا كان يريد مساعدة الدولة من خلال القانون الجديد فى تحسين إدارة أصولها أم له هدف آخر؟، ولكن فى النهاية يجب أن تتحرك وتفتح هذا الملف دون مواربة ونوضح مزايا المشروع الجديد وعيوب القائم.
* كيف يستطيع القانون التعامل مع الضغوط العمالية والاعتصامات والإضرابات؟
- أى قانون من شأنه أحداث تغيير جذرى يجب أن يتبعه مقاومة عنيفة من المنتفعين بالوضع القائم- وهم بالمناسبة من يتمترسون خلف العمال فى كثير من الحالات دفاعا عن مصالحهم لا لصالح العمال ولا الصالح العام، ولكنى أعتقد أن العمال إذا آمنوا بأن المشروع سيوفر لهم سبيلا أفضل للنهوض بشركاتهم وأيضا مستواهم الفنى والمادى فإنهم سيدافعون عنه، وعلى الحكومة أن تؤدى دورها فى الإعداد الجيد للحوار حول المشروع والاستماع إلى كل الآراء بشأنه واعتقادى أن مشروعات القوانين المهمة لا يجب أن تطلع فى «الضلمة» والحكومة عليها تتحمل مسؤوليتها، فإما الاقتناع أو يولد التشريع منعزلا أو ميتا.
* وفى رأيك من سيقاوم المشروع؟
- ستكون هناك مقاومة عنيفة، وستأتى أساسا من قيادات وأعضاء مجالس إدارات بعض هذه الشركات الذين وفقا للوضع الراهن بمأمن عن الحساب والعزل، كما أنها تحقق مكاسب كبيرة من الوضع الحالى، وخاصة عدم التفرغ، والعمل فى أكثر من وظيفة، وهذه المجموعة يمكن أن تحاول المزايدة على المشروع من خلال إثارة العمال ضده للحفاظ على مكتسباته والترويج بأنه إحياء لمشروع الخصخصة، وأنه سيتم تسريح العمال وخلافه.
* هناك جدل ممتد حول نسب مشاركة الدولة التى تسبغ على مال أى شركة وصف المال العام؟
- قانون العقوبات الحالى يخضع الشركات التى تساهم فيها الحكومة بنسبة ولو 1% إلى باب أحكام الأموال العامة فى قانون العقوبات، وهو ما يؤدى إلى عزوف ورفض المستثمرين مشاركة الدولة فى المشروعات القومية عالية الربحية، لما لها من مخاطر كبيرة يراها المستثمر، وبذلك تضيع على الدولة فرص استثمارية كبيرة وأعتقد أنه ينبغى أن يتم تعديل قانون العقوبات فى هذا الشأن، وأن تتم نسبة مساهمة الدولة فى المشروع 51% أو أكثر حتى تخضع لحكم الأموال العامة وفيما عدا هذا يسرى على الشركة ما يسرى على الشركات المساهمة وفقا لأحكام قانون الشركات.
* ماذا عن حقوق العمال فى القانون؟
- الإبقاء على الوضع القائم خسارة للجميع، وخطورة حقيقية على العمال وإحداث التغيير الجذرى هو السبيل لتطوير وتحسين ظروف العمل بما يعود على حقوق العاملين ونسب مساهمتهم فى الأرباح، كما أنه بعيد كل البعد عن الخصخصة.
* وهل تصفية أو بيع أصول الدولة حل لمشكلة قطاع الأعمال الخاسر؟
- أنا مع تصفية وبيع الشركات الخاسرة فى حالتين فقط، إذا كانت لا توجد أى جدوى اقتصادية حقيقية من إعادة هيكلتها، وبالتالى ستظل تحقق خسائر يتحملها المواطن من دافع الضرائب وتظل حقوق العمالة بها فى حالة تدهور مستمر، وتعتمد على ما تضخه الدولة من إعانات، أو الحالة الثانية واستمرار الدولة فى أنشطة ومشروعات يستطيع أن يقوم بها القطاع الخاص بشكل أفضل وأجدى من الناحية الاقتصادية ولا يكون لها أى قيمة استراتيجية تجبر الدولة على الاستمرار فيها، ولكن هذا يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع المحافظة على حقوق العمالة ووضع برامجها،
وهذا الرأى يسير جنبا إلى جنب على ضرورة المحافظة على حقوق العمال ووضع برنامج لإعادة تأهيل العمالة ونقلها إلى شركات أخرى أو وضع برامج أخرى لها تراعى البعد الاجتماعى لهذه العمالة، لأن الإدارة السيئة من جانب الدولة هى التى خلقت هذا الوضع وليس العمال ومن ثم وجب على الدولة تحمل مسؤوليتها تجاه هذه العمالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.