بعد رحلة بحث لمدة 5 ساعات.. «المصرى اليوم» تشترى الدولار ب9.30 جنيه

مع تصاعد أزمة الدولار، أجرت «المصرى اليوم»، الأربعاء، تجربة عملية لشراء ألف دولار. وبدأت التجربة مع البنوك الحكومية التى اشترطت تقديم ما يفيد بالسفر للخارج (تذكرة طيران وفيزا) وموافقة البنك المركزى، للحصول على ألفى دولار كحد أقصى، ليقضى محرر «المصرى» 5 ساعات فى البحث و«اللف» على شركات الصرافة التى رفعت سعر الدولار إلى 9.35 جنيه، حتى نجح فى الشراء بسعر أقل، واستبدل الألف دولار ب9 آلاف و300 جنيه. فيما اشترت نفس الشركة الدولار من أحد المواطنين مقابل سعر 8.90 جنيه فقط.
على شباك أحد البنوك الخاصة، وقف «أحمد محمود» ينتظر دوره للحصول على نقود من حسابه الخاص، خلف الصراف البنكى، تُضىء شاشة تُعلن الأسعار الرسمية للعملات المختلفة، ما لفت انتباه «أحمد» هو سعر الدولار المستقر عند مستوى أقل من 8 جنيهات، طلب من الصراف الحصول على دولارات بسعر الشراء، لتكون الإجابة ابتسامة خافتة تعقبها كلمات متهكمة «عشان تاخد دولارات لازم يكون معاك تذكرة طيران، وباسبور، تصورهم وتجيبهم، وبعد 3 أيام، لو البنك وافق، ممكن نديك 2000 دولار، مش أكتر».
«الحصول على الدولار أصبح حلما مستحيلا».. يقول محمد سالم إبراهيم، الذى يعمل فى مجال الاستيراد والتصدير، مؤكدًا إن مكاتب الصرافة «تُخزن الدولارات» كونها تعلم أن أسعار الصرف آخذة فى الارتفاع «والدولار قيمته هتزيد لكن الجنيه فى النازل».
«المصرى اليوم» قامت بمجموعة جولات على مكاتب الصرافة فى منطقتى «وسط البلد» و«مصر الجديدة» لشراء ألف دولار أمريكى بسعر الصرف الحكومى الرسمى، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل.
وحسب أحد العاملين فى مكتب صرافة، لا يمكن الحصول على دولارات من السوق الرسمية و«اللى عايز يشترى ليس أمامه سوى السوق السوداء، وسعر الدولار الواحد فيها وصل إلى 9.30 جنيه».
وأرجع عامل بمكتب صرافة، طلب عدم نشر اسمه، السبب فى انخفاض المعروض من الدولارات إلى تقلص إيرادات السياحة والاستثمار وضعف الإنتاج، ما جعل الدولار يقفز إلى ذلك المستوى الذى يصفه بالتاريخى، مشيرًا إلى أن البنك المركزى يسعى لغلق مكاتب الصرافة لإحكام السيطرة على سعر الدولار فى السوق الموازية، وهو الأمر الذى يراه العامل «فاشلا بكل المقاييس».
أمام أحد مكاتب الصرافة بمنطقة «مصر الجديدة»، وقف شاب فى منتصف العقد الثالث، يراقب الداخلين إلى المكتب الشهير، ويسأل الخارجين بصوت خافت «عايز دولارات؟» إذا ما كان الرد بالإيجاب، يسأل عن الكمية المطلوبة ويبدأ فى تحديد السعر «9.5 جنيه ولو عايز 100 ألف هجيبلك». دخل محرر «المصرى اليوم» فى مفاوضات معه للحصول على سعر أقل، وبعد فترة من الوقت يستقر السعر عند 9.30 جنيه «لأن المبلغ صغير قوى» بزيادة قدرها نحو 1.5 جنيه عن السعر الرسمى.
ورفض الشاب الإجابة على سؤال «المصرى اليوم» عن مصدر النقد الأجنبى، مكتفيا بالقول: «المهم مصلحتك تتقضى»، إلا أنه عاد ليؤكد أن الدولارات موجودة بوفرة فى السوق السوداء، وأن معظم زبائنه من كبار التجار، الذين يلجأون إلى السوق الموازية للحصول على نقد أجنبى يعينهم على قضاء مصالحهم واستيراد بضائعهم: «لو هيعتمدوا على الدولة أو البنوك مش هيجيبوا قشاية من بره».
وفى رحلة البحث عن دولار بسعر أقل، قابل محرر «المصرى اليوم»، مينا جميل، وهو شاب يستعد للسفر للخارج، وقضى عدة أيام فى محاولة استبدال عدة آلاف من الدولارات، إلا أنه لم ينجح إلا فى الحصول على مبلغ 2000 دولار بالسعر الرسمى «بعد عناء»، على حد قوله. وقال «مينا» إن هذه الكمية لن تكفى 4 أشهر فى الخارج سيقضيها فى الدراسة بإحدى الجامعات، ما اضطره لشراء مبلغ إضافى من السوق السوداء، متسائلاً عما يفعله رجال الأعمال للحصول على الدولارات بشكل دائم لتمويل عمليات الاستيراد؟
السؤال أجاب عنه «عمرو شحتة»، رجل أعمال يعمل فى مجال قطع غيار السيارات، مشيرا إلى أنه يعتمد بالأساس على النقد الأجنبى لشراء بضائعه، وأكد أن البنوك لا تستطيع توفير الاعتمادات اللازمة لشراء البضائع من الخارج إلا بنسبة لا تزيد على 30% من حجم التعاملات ما يضطره للجوء للسوق السوداء لتوفير باقى المبالغ.
ويرى «عمرو» أن عدم توفير السيولة الدولارية سيتسبب فى عدد من الأزمات لا تقتصر على ارتفاع الأسعار فحسب، بل تمتد لتشمل تسريح العمال وقلة الجمارك ونقص جودة المعروض من السلع، ويشير الشاب الثلاثينى إلى أن الأزمة الحالية واحدة من أشد الأزمات ضراوة فى السوق المصرية، وهو ما قد يضطر رجال الأعمال إلى غلق مصانعهم، فيما يلجأ غيرهم إلى استيراد سلع رديئة لبيعها بنفس ثمن البضائع الجيدة وتحقيق فارق السعر من «جيب الزبون».