يُناقش لجان مجلس النواب، منذ الثلاثاء الماضي، القوانين والقرارات التي أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس السابق عدلي منصور، على أن تنتهي من مهامها مطلع الأسبوع المقُبل، لعرضها على الجلسة العامة. وتنص المادة 156 من الدستور على أنه «إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، ويتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون». ويبلغ مجموع القوانين، التي صدرت قبل إقرار الدستور وبعده أكثر من 380 قانونا، وعدد القرارات بقوانين وأصدرها الرئيس السابق عدلي منصور والحالي عبدالفتاح السيسي، تبلغ 340 قانونًا منذ إقرار الدستور، في يناير 2014، وما يقرب من 50 قانونًا صدروا قبل إقرار الدستور، وبحاجة لمناقشة داخل المجلس. وقال الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، في بيان الخميس، إنه من بين «القوانين التي ستتم مناقشتها قانوني مباشرة الحقوق السياسية، ومجلس النواب، وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية، الذي انتخب البرلمان على أساسه، وقوانين الموازنة العامة، وغيرها من القوانين المهمة الأخرى». وتابع أن «الأمر متروك لمجلس النواب، للنظر في هذه القرارات بقوانين الهامة والآثار المترتبة عليها، وأنه على ثقة كاملة من تحمل جميع النواب المسؤولية الوطنية على أكمل وجه». وأحد أهم هذه القوانين هو قانون الخدمة المدنية، الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي في 12 مارس الماضي، قبل ساعات من انطلاق مؤتمر «دعم وتنمية الاقتصاد المصري» في شرم الشيخ. وبدأ العمل به بداية من يوليو الماضي، بينما صدرت لائحته التنفيذية في نوفمبر الماضي. وفي 7 مايو 2015، قبل بدء تنفيذ القانون بشهر واحد، أصدر السيسي قرارًا باعتبار رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء جهات ذات طبيعة خاصة واستثناءهما من قانون الخدمة المدنية. وأثار القانون الكثير من الجدل داخل قطاعات متعددة، وفي نهاية شهر مايو الماضي، أصدرت 21 نقابة عمالية ومهنية ومستقلة بيانًا مشتركًا أعلنت فيه رفضها للقانون، مؤكدة أن «القانون يتضمن سلبيات خطيرة ستؤثر في حقوق العاملين في الدولة في ما بعد»، مطالبين رئيس الجمهورية بإيقاف العمل به. واعتبرت لجان الحقوق المدنية والسياسية واللجنة التشريعية ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان في بيان لها أن «القانون لم يعرض للمناقشة المجتمعية أو على الأقل مع ممثلين للعاملين بالدولة الذي ينظم القانون أوضاعهم». فيما أعلن هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، أن هناك إجماع داخل لجنة القوى العاملة بالمجلس على رفض القانون، ومن المفترض أن تناقش اللجنة، والحريري أحد أعضائها، القانون ضمن باقي القوانين المرتبطة بملف القوى العاملة، على أن تقدم تقريرًا للبرلمان في جلسة مناقشة القوانين مطلع الأسبوع المقبل، وأضاف «الحريري» أنه يتمنى النجاح في إسقاط القانون خلال جلسة التصويت المقبلة. وإلى جانب قانون الخدمة المدنية، أصدر السيسي في 11 يوليو الماضي قرارًا بقانون يمنحه الحق في إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم إذا ما «قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، أو إذا فقد الثقة والاعتبار، أو إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية، أو إذا فقد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية». كما أصدر السيسي في يونيو الماضي قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات. ونص التعديل على تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات من قبل رئيس الجمهورية بعد أن كان يتم انتخابهم طبقًا لتعديل سابق للقانون في 2012، كما أصدر السيسي قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون الأسلحة والذخائر وتعديلاته، نص على ضرورة الحصول على موافقة وزارة الدفاع على استيراد الأسلحة النارية وذخائرها والكميات المسموح باستيرادها. كما كان أحد القوانين المثيرة للجدل هو القرار بقانون الذي أصدره السيسي في يوليو الماضي بالسماح لوزارتي الدفاع والداخلية بإنشاء شركات خاصة لحراسة المنشآت ونقل الأموال. وإلى جانب هذه القوانين، صدرت قوانين أخرى تتعلق بجهاز الدولة الإداري وسيتم التصويت عليها في مجلس النواب خلال الخمسة عشر يومًا الأولى لانعقاده، منها: تعديل قانون القضاء العسكري والذي جعل من التقاضي العسكري على درجتين، وقانون تنظيم شؤون أعضاء المهن الطبية والذي حدد كادر المهن الطبية الجديدة، وقانون القيادة والسيطرة على شؤون الدفاع عن الدولة والقوات المسلحة، وقانون العلم والسلام الوطني الذي يقضي بعقوبة الحبس لكل من يهين العلم، أو من يخالف المادة الخاصة بالوقوف احتراماً للسلام الوطنى، وقانون حظر تصوير بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة برجال القوات المسلحة ورجال الشرطة تصويرًا ملونًا يطابق الأصل أو يضاهيه، وتعديلات قانون هيئة الشرطة التي تحدد اختصاص وزير الداخلية بإحالة أفراد وضباط الشرطة للمحاكمة أمام محاكم عسكرية، وهو القانون الذي تم إلغاؤه بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في ديسمبر 2014. وفي السياق ذاته، من القوانين التي لن يناقشها البرلمان، وأكثرها إثارة للجدل، هي القوانين التي أصدرها منصور قبل ذلك التاريخ، مستندًا لانفراده بصفة أصلية بسلطة التشريع التي منحها له الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو 2013، وبناء عليه لا يُصبح البرلمان ملزمًا بمراجعتها، وإن كان له سلطة مراجعة وتعديل أيٍ منها، سواء خلال الخمسة عشر يومًا الأولى لانعقاده أو بعدها، وهي حوالي 50 قانونًا. من أهم هذه القوانين وأكثرها إثارة للجدل هو قانون التظاهر رقم 107 لعام 2013 الذي أصدره منصور في نوفمبر 2013، والذي انتقده الكثيرون للقيود الكبيرة التي فرضها للتقييد من الحق في التظاهر والتجمع السلمي. ويُعد تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية 83 لعام 2013 في سبتمبر 2013، الذي يقضي بعدم التقيد بالمدد القانونية اللازمة للحبس الاحتياطي للمحكوم عليهم في أول درجة بالإعدام والمؤبد، أحد أهم القوانين التي قد لا يراجعها مجلس النواب في الفترة المقبلة. وكان قانون الاجراءات الجنائية قد وضع حدًا أقصى للحبس الاحتياطي للجرائم التي تصل عقوبتها للمؤبد والاعدام يصل إلى عامين، إلا أن تعديل منصور للفقرة الأخيرة من المادة 143 قضى بتحرير محكمتي النقض والجنايات من القيود القانونية المُرتبطة بمدد الحبس الاحتياطي وجعل تمديد الحبس الاحتياطي للمتهمين في كثير من قضايا العنف والإرهاب، التي تطال آلاف المواطنين أمرًا مباحًا. وانتقد كثيرون هذا التعديل لما يحمله من انتقاص من حقوق المتهم الذي يقضي مددًا طويلة في الحبس الاحتياطي، واعتبر العديد من الحقوقيين أن التعديل جعل من الحبس الاحتياطي عقوبة في حد ذاتها؛ إذ تم استخدامه للتنكيل بالكثير من المعارضين السياسيين الذي تجاوزت مدد الحبس الاحتياطي لهم سنتين في كثير من الأحيان، بينما شارف آخرون على تجاوزها. وأصدر منصور أيضا قرارا بتعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات والذي يسمح في الحالات العاجلة أن يتم التعاقد بالاتفاق المباشر بناء على ترخيص من الوزير أو المسؤول المختص. ونص التعديل على: «يجوز في الحالات العاجلة التي لا تحتمل اتباع اجراءات المناقصة أو الممارسة بجميع أنواعها، أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناءً على ترخيص من رئيس الهيئة أو رئيس المصلحة ومن له سلطاته في الجهات الأخري وذلك فيما لا تتجاوز قيمته 500 ألف جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقي الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل، ومليون جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال، بالإضافة إلى الوزير المختص ومن له سلطاته أو المحافظ فيما لا تجاوز قيمته 5 ملايين جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقي الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال النفنية أو مقاولات النقل و10 ملايين جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال». كما نص قرار بقانون آخر يجيز التصالح في النزاعات الضريبية القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين على إمكانية تشكيل لجان تصالح مكونة من القضاة بمصلحة الضرائب. وتكون هذه اللجان منوطة بإجراء عمليات التصالح بين المصلحة وبين الممولين الذين قدموا طعونا على قرارات إلزامهم بدفع مبالغ ضريبية مُحددة أو هؤلاء المتهمين بالتهرب الضريبي. كما أصدر «منصور» أيضًا قرارًا بقانون في أغسطس2015 لتعديل بعض أحكام قانون العقوبات لإلغاء الحبس في تهمة إهانة الرئيس، وتخفيض الغرامة ضد الصحفيين في ذات الجريمة إلى عشرة آلاف جنيه. وأصدر «منصور» قانون حظر تعارض مصالح المسؤولين بالدولة رقم 106 لسنة 2013، والذي وضع تعريفًا للأشخاص الخاضعين للقانون ومفهوم تعارض المصالح: وهو كل ما يمثل تعارضًا ماديًا بين مصلحة شخصية للمسؤول الحكومي وما يتطلبه منصبه من مراعاة للمصلحة العامة والنزاهة والشفافية اللازمين، كما أقر القانون تشكيل لجنة الوقاية من الفساد المنوط بها تنفيذ القيود التي فرضها القانون ومراقبة تطبيقه. كما أصدر «منصور» أيضا قرارًا جمهوريًا رقم 79 لسنة 2013، بإلغاء قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 135 لسنة 2010، مع استمرار العمل بقانون التأمين الاجتماعي المطبق حاليًا، بعد إضافة مادة جديدة إليه تتضمن زيادة المعاشات المُستحقة للعاملين للغير سواء في الحكومة أو القطاع الخاص طبقا لقواعد معينة. وأجرى «منصور» تعديلًا كذلك على بعض أحكام قانون تنظيم الصحافة المُتعلقة بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة والذي تضمن أيضًا نقل جميع الصلاحيات التي كان يمارسها مجلس الشورى؛ والتي تتعلق بشؤون الصحافة والمؤسسات الصحفية والعاملين بها إلى المجلس الأعلى للصحافة. وأخيرا أصدر منصور قرارًا بقانون رقم 106 لسنة 2013 لتعديل بعض أحكام قانون المرور والذي يقضي بمنع ترخيص سيارات الأجرة التي مضى على صنعها عشرون عاما. في سياق متصل، أصدرت مجموعة من المنظمات الحقوقية بيانا بأهم 9 ملفات يُفترض أن تُهيمن على أجندة مجلس النواب في الفترة المقبلة؛ أهمها احترام الدستور ومراجعة كافة القوانين التي تم تمريرها في الفترة السابقة والنظر في مدى مطابقتها للدستور، والنظر في مُعالجة أزمة مكافحة الإرهاب بشكل عام، بالإضافة إلى توصيات مُتعلقة بضمان استقلال القضاء، وتطبيق العدالة الانتقالية، وتفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها في الدستور، وتعزيز مواد الدستور فيما يخص المساواة وحقوق النساء والأطفال، وضرورة انضمام مصر لبعض الاتفاقيات الدولية المُتعلقة بحقوق الانسان، وأخيرًا، ضمان استقلال الاعلام ووقف خطاب الكراهية والتحريض.