وصفه الكثيرون بالضحكة البشوشة، والهدوء، والرصانة، والوقار، والتواضع، وبأنه رجل جاء في ظروف لم تخلق لكل تلك الصفات، فهو لم يكن يتصور يومًا وهو يجلس على منصة أكبر مؤسسة قضائية فى مصر أن الأحداث، والأيام، والأقدار، يمكن أن تصل به إلى سدة الحكم، ليصبح رئيسا لجمهورية مصر العربية، فى مرحلة دقيقة، وحرجة فى عمر الوطن، وفى وقت تقف فيه مصر على صفيح ساخن.. ولكنه رغم ذلك تحمل المسؤولية، وخلع "روب" القاضي، وارتدي عباءة السياسي.. أنه المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، والذى أوشك أن يجمع أوراقه تاركًا قصر الرئاسة لمن يأتى بعده، ليصبح بذلك أول رئيس فى تاريخ مصر الحديث يترك القصر الرئاسى بإرادته، لينضم إلى صفوف المواطنين العاديين، وليترك للمصريين ذكرى رجل تحمل المسئولية بشرف، وأدى دورًا عظيمًا فى حماية الوطن، وفى تحسين صورة مصر أمام العالم. تولي عدلى منصور منصب رئيس الجمهورية عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى، وأقسم يمينين فى يوم واحد، ليصبح رئيسًا للمحكمة الدستورية، وبعدها بدقائق رئيسًا لمصر، ليصبح رجل المرحلة الصعبة، وليسطر أحرفًا من ذهب فى صفحات التاريخ المصرى، وكذلك فى صفحات تاريخه المُشرف. كانت أول لقاءات "منصور" داخل القصر الرئاسى، مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، تلاها لقاء مع الكاتب الكبير، محمد حسنين هيكل. على المستوى الداخلى، اتسمت خطوات "منصور"، وقراراته بالحكمة، والمسئولية، ورغم اللحظات الصعبة التى واجهتها مصر، إلا أنه أصدر العديد من القرارات المهمة ما بين قرارات اقتصادية، وسياسية.. وكانت أولى قرارات رئيس الجمهورية المؤقت من مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة "الاتحادية" هو إصداره قرار بحل مجلس الشورى، وتعيين اللواء محمد رأفت عبد الواحد شحاتة، مستشارًا للشئون الأمنية، واللواء محمد أحمد فريد التهامى، رئيسًا للمخابرات العامة، والدكتور مصطفى حجازى، مستشارًا للشئون الاستراتيجية، والمستشار على عوض، للشئون الدستورية، وأحمد المسلمانى، مستشارًا إعلاميًا، وسكينة فؤاد للمرأة، وإعفاء محمد رفاعة الطهطاوى، من منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى تكليف اللواء أركان حرب، عبد المؤمن فودة، بأعمال رئيس ديوان رئيس الجمهورية, ثم أصدر "منصور" قرارًا بتعيين الدكتور محمد البرادعى، نائبًا لرئيس الجمهورية، وأدى اليمين الدستورية أمامه فى 14 يوليو2013. بعد ذلك استقر "منصور" على تكليف الدكتور حازم الببلاوى، رئيسًا للحكومة فى 16 يوليو، وأدت الحكومة اليمين الدستورية أمامه، وبسبب غضب الشارع المصرى من الحكومة، فقد قبل "منصور" استقالة "الببلاوى"، وقام بتعيين المهندس إبراهيم محلب، رئيسًا لمجلس الوزراء لتبدأ الحكومة الثانية أعمالها فى عهد"المؤقت".. وفى 20 يوليو عام 2013, اتخذ عدلي منصور قرارًا بتشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012، فى سياق تنفيذ خارطة الطريق التى أعلن عنها فى 3 يوليو الماضى. وفي شهر أغسطس، أصدر منصور مجموعة من القرارات, كان أولها يوم 5 أغسطس, وهو إصداره قرارًا بتنظيم قانون عمل المجلس الأعلى للصحافة, وفي 6 أغسطس, أصدر قرارًا جمهوريًا بتعيين السفير أمجد عبد الغفار، رئيسًا جديدًا لهيئة الاستعلامات, وتعيين السفير إيهاب بدوى، متحدثًا إعلاميًا باسم رئاسة الجمهورية، وتعيين 40 وكيلًا، و180نائبًا لرئيس مجلس الدولة، وتعديل مكافآت المشاركة فى امتحانات القوات المسلحة، إلى جانب العفو عن 4 مساجين سعوديين. وفى نفس اليوم، أصدر "منصور" قرارين جمهوريين بالترخيص بإقامة كنيستين تابعتين للطائفة الإنجيلية، تقع الأولى بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، على مساحة 300 مترًا مربعًا، والثانية في مدينة أسيوط الجديدة على مساحة 1084 مترًا مربعًا، وذلك ضمن الأراضي المخصصة من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وفى 26 أغسطس، أصدر "منصور" قرارًا جمهوريًا بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة، والترقية لضباط القوات المسلحة، وفي 28 أغسطس, أصدر قرارًا بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة, ومجلس حقوق الإنسان، وفي 29 أغسطس أصدر قرارًا بتجديد حلف يمين الطاعة لضباط القوات المسلحة، وتعديل قانون الأنواط العسكرية للقوات المسلحة، وزيادة رواتب المجندين، وتعيين السفير حمدى لوزا، نائبًا لوزير الخارجية للشئون الأفريقية، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات. وفي شهر أكتوبر, أصدر منصور عدة قرارات, ففي يوم 4 أكتوبر أصدر قراره برفع مستوى التمثيل القنصلي في باريس، ولندن, وفي اليوم ذاته, قرر منح اسم الفريق الراحل محمد فوزى قلادة الجمهورية, وفي يوم 9 أكتوبر أصدر قرارًا جمهوريًا رقم 62 لسنة 2013، بتفويض وزير الدفاع والإنتاج الحربى فى بعض اختصاصات رئيس الجمهورية، المنصوص عليها فى المواد 9، 12، 24 من القانون رقم 87 لسنة 1960 فى شأن التعبئة العامة، لمدة سنة اعتبارًا من أول نوفمبر 2013. وفي شهر نوفمبر, أصدر المستشار عدلى منصور عددًا من القرارات الهامة، ففى 14 نوفمبر أصدر "منصور قرارًا جمهوريًا بقانون في شأن حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة، ينص على إنشاء لجنة للوقاية من الفساد، كما أصدر قرارًا جمهوريًا رقم 107 لسنة 2013، وذلك في يوم 24 نوفمبر, بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة، والمواكب، والتظاهرات السلمية, وهو ما عرف ب "قانون التظاهر". كما أصدر الرئيس المؤقت 6 قرارات في شهر ديسمبر, كان أولها دعوة الناخبين للإستفتاء على مشروع الدستور، وفي اليوم ذاته, أصدر قرارًا بمنح وسام العلوم والفنون ل13 مبدعًا, وفي يوم 22 ديسمبر, أصدر قرارًا بتشكيل لجنة تقصي حقائق في أحداث 30 يونيو، وفي يوم 25, أصدر قرارًا بتعديل رسوم تحليل المنتجات الصناعية, وفي يوم 26, أصدر قرارًا بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الصحافة, وفي 27 ديسمبر, قرر زيادة المعاشات بنسبة 10%. وفي يناير من العام الحالي, أصدر "منصور" قرارين, أولهما فى 2 يناير, حيث أصدر قرارات بقوانين لاتفاقات بترولية باستثمارات 1.2 مليار دولار, بلغت 8 اتفاقيات مع شركات إماراتية، وإيطالية، وإنجليزية، وأيرلندية، وكندية, وفي يوم 12 يناير, أصدر منصور قرارًا بمنح وسام العلوم والفنون، لعدد من شخصيات الدعوة الإسلامية. وفى فبراير, أصدر المستشار عدلى منصور 6 قرارات, منها ما يتعلق بتعديل قانون الزراعة, وآخر لتنظيم شئون المهن الطبية, وفي يوم 18 فبراير, أصدر قرارين بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة, برئاسة وزير الدفاع, وكذلك بتشكيل مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية، إلى جانب إصداره قرارًا جمهوريًا بترقية الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى آنذاك لرتبة المشير. وفي شهر مارس، أصدر الرئيس المؤقت 9 قرارات, ففي 8 مارس, أصدر قرارًا بقانون رقم 220 لسنة 2014 بتعديل قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، يتضمن 60 مادة مقسمة على 7 فصول، ويقضى بتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وهو ما أثار جدلا كبيرا فى الأوساط السياسية، وفي 16 مارس, أصدر 3 قرارات جمهورية, منها قرارًا بالموافقة على انضمام مصر لمجموعة الدول الثماني "النامية", وفي 20 مارس, قام بمنح أعضاء وفد تحكيم طابا وسام الجمهورية، وفي 23 مارس, أصدر قرارين جمهوريين، أولهما قرار بإلغاء تعيين رئيس جامعة بورسعيد, وقرار بتعديل قانون تنظيم الجامعات, وفي 27 مارس, أصدر قرارين, الأول بتعيين الفريق أول صدقي صبحي وزيرًا للدفاع, والآخر بتعيين الفريق محمود حجازي رئيسًا للأركان. وشهد شهر إبريل 6 قرارات جمهورية, كان منها 4 في أول إبريل منها قرار بانضمام مصر لاتفاقية قواعد المنشأ الأورومتوسطية, وقرار آخر بتعيين نائبين لرئيس المحكمة الدستورية العليا, وفي 2 إبريل, أصدر قراراً بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا, وفي 5 إبريل, أصدر قرارًا بتعديل أحكام قانون رأس المال.. وفى 22 إبريل أثار "منصور" جدلا كبيرا بإصداره قرارًا بقانون لتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة. وفي شهر مايو الجاري, أصدر "منصور" عددًا من القرارات الهامة، منها قرار في 4 مايو بالموافقة على انضمام مصر للاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب, وفي 5 مايو أصدر قرارًا بقانون يلزم هيئة المجتمعات العمرانية بتوفير مساكن لمحدودي الدخل, وفى 6 مايو أصدر قرارًا بالموافقة على اتفاق تسهيل ائتماني بين حكومة مصر والوكالة الفرنسية للتنمية، لدعم لتنمية المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر. وفى 15 مايو أصدر"منصور" قرارًا بالموافقة على اتفاقية قرض بين الحكومة المصرية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، والاجتماعي، للمساهمة في تمويل مشروع الربط الكهربائي بين مصر، والمملكة العربية السعودية، الموقعة في القاهرة بتاريخ 24/3/2014، وذلك مع التحفظ بشرط التصديق، وفى نفس اليوم أصدر قرارًا جمهوريًا بالقانون رقم 35 لسنة 2014 باعتماد التوقيت الصيفي سنويًا. وعلى المستوى الخارجى، ركز الرئيس "منصور" على إعادة العلاقات الطيبة بين مصر من خلال قيامه بجولة خليجية ضمت العديد من الدول، وكانت أول زيارة خارجية له منذ تسلمه مهام منصبه، إلى المملكة العربية السعودية، والتى استغرقت عدة ساعات، التقى خلالها بجلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين، وعبر الرئيس خلالها عن شكر وتقدير مصر، قيادةً وشعبًا، للموقف المبدئى للسعودية التى ساندت فيه إرادة الشعب المصرى على المستويين السياسى، والاقتصادى، حيث ساندت السعودية بكل قوتها مصر فى حربها ضد الإرهاب الذى تشنه جماعة الإخوان المسلمين، منذ عزل الدكتور محمد مرسى فى أوائل يوليو الماضى، وكذلك بسبب إعلان العاهل السعودى، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقوف السعودية شعبًا، وحكومة مع مصر ضد الإرهاب، واعقب ذلك زيارته للبحرين، والأردن، والكويت، ودولة الإمارات، التى كان لها دورًا كبيرًا بعد الثورة فى إنعاش الاقتصاد المصرى، من خلال ضخ عدد من الاستثمارات، والمساعدات. وعلى مستوى جولاته الأوروبية، كانت العاصمة اليونانية "أثينا" هى أول دولة أوروبية يتوجه إليها الرئيس المؤقت، المستشار عدلى منصور، فى يناير الماضى، وذلك عقب توليها رئاسة الاتحاد الأوروبى، فى زيارة استغرقت يومًا واحدًا، بهدف دعم العلاقات مع اليونان، والاتحاد الأوروبى، وعقد الرئيس خلالها جلسة مباحثات مع الرئيس اليونانى، كارلوس بايولياس. وخلال الزيارة تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين مصر واليونان، من أجل تنشيط العلاقات بينهما، منها اتفاقية لإنشاء مجلس رجال الأعمال المصرى واليونانى، اتفاقية بين مينائى بيرسون البحرى والإسكندرية، ومذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين بشأن الاتحاد الأوروبى. واستطاع "منصور" أن يُحقق إنجازًا تاريخيًا خاصًا بالقضية الفلسطينية ليختتم سجله التاريخى بنجاح عظيم، حيث نجحت مصر فى عهده فى إقناع حركتى "فتح" و"حماس" بالتوقيع على اتفاقية المصالحة التى طالما سعى إليها، وأكد عليها فى لقاءاته، وحواراته خلال عشرة أشهر . ولم يكن ملف المصالحة الفلسطينية هو الإنجاز الوحيد الذى حققه "منصور" ولكنه استطاع أيضا أن يعيد توازن علاقات مصر مع العديد من الدول الكبرى على رأسها روسيا وأصبح الوضع مختلفًا بالنسبة للعلاقات المصرية الروسية التى استعادت نشاطها، واستنشقت هواء التعاون من جديد بعد انقطاع دام طويلًا.