على الرغم من أحاديث قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي عن دور الشباب في رسم مستقبل مصر، إلا أن مجريات الواقع تكشف زيف الادعاءات، فما زالت الثقة في شباب مصر منعدمة لدى المنظومة الانقلابية، التي لا تريد أن تراهن على الانتفتاح أو الحيوية التي يمتاز بها الشبا، والذي يرفض في غالبه الكبت والقمع السلطوي الذي تمارسه السلطات المصرية.. في هذا السياق، من الشيخوخة السياسية التي ترسم مستقبل مصر الذي بدأ يتراجع نحو الوراء منذ الانقلاب على ارادة الشعب المصري في 3 يوليو 2013، كشفت الدوائر السياسية المقربة من منظومة الانقلاب العسكري، ان نجل السيسي الضابط محمود السيسي، المشرف على لجنة ادارة انتخابات الدم البرلمانية، التي تنطلق في 17 أكتوبر الجاري، قد استقر على اختيار أول رئيس مؤقت بعد الانقلاب العسكري عدلي منصور، لرئاسة مجلس النواب القادم، وأن شكل اللجان البرلمانية وتشكيلها، قد تم الانتهاء منه، عبر عملية هندسة الانتخابات والقوائم الانتخابية، التي أدارتها أجهزة الأمن والاستخبارات، بعيدا عن ارادة الشعب وحتى المؤشحين أنفسهم.. حيث كشفت مصادر سياسية مطّلعة في قائمة "في حب مصر" الانتخابية المدعومة من عبدالفتاح السيسي، أن الجهاز الأمني الذي أشرف على تشكيل القائمة، أنهى كافة الامور المتعلّقة بالبرلمان، من حيث الهيكل العام للجان الداخلية للمجلس عقب تشكيله، وكذلك رئيس مجلس النواب المقبل. وأكدت المصادر أنه تم الاتفاق بشكل نهائي على اسم عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، خاليا، لتولي منصب رئيس مجلس النواب المقبل، كاشفةً تفاصيل الجلسة التي تم فيها الاتفاق على اسم منصور، لافتة إلى "أن ولاية منصور كرئيس للمحكمة الدستورية ستنتهي في 23 ديسمبر المقبل، وهو الأسبوع نفسه الذي ستنتهي فيه المرحلة الأخيرة من الانتخابات البرلمانية". وأشارت إلى أنه تم الاتفاق على أن منصور سيكون على قمة قائمة الأعضاء المعيّنين للمجلس الذين سيقوم السيسي باختيارهم، وفقاً للدستور الذي يسمح للسيسي بتعيين نسبة 5% من عدد النواب ال548، وسيبلغ عدد الأعضاء المعينين 27 عضواً، بعدما كان عشرة أعضاء فقط وفقاً للدستور القديم. وأوضحت المصادر أن الجلسة التي حضرها الضابط بجهاز الاستخبارات محمود السيسي، والمستشار القانوني لحملة السيسي الرئاسية محمد أبو شقة، ومنسّق حملة قائمة "في حب مصر" سامح سيف اليزل، وأسامة هيكل، استندت إلى المادة 28 من قانون مجلس النواب الجديد التي تنص على أن "لعضو المجلس المعيّن الحقوق نفسها المقررة للعضو المنتخب، وعليه ما عليه من واجبات". وتجدر الإشارة إلى أن دستور 2014 الذي وضعته لجنة الخمسين في أعقاب انقلاب الثالث من يوليو 2013، يتيح للأعضاء المعينين تولي منصب رئيس مجلس النواب، على عكس دستور 2012 الذي وضعته اللجنة التأسيسية في عهد الرئيس محمد مرسي، على اعتبار أن التعيين في هذا الحالة جاء من سلطة تنفيذية لرئيس الجمهورية، ولذلك لا يجوز أن يكون رئيس أعلى سلطة تشريعية ورقابية معيّناً من جانب السلطة التنفيذية. وأضافت المصادر: "لا تتصورا أن لأي من القوى والشخصيات التي تخوض مجلس النواب رأياً آخر بخلاف ما تم الاتفاق عليه بشأن اسم رئيس مجلس النواب المقبل"، مستندة في تحليلها إلى ما يدور حالياً من ضغوط أمنية تجري ضد من يريد التمرد أو الظهور كمستقل، ، فاحتجاز رئيس حزب الوفد السيد البدوي بمحكمة جنوبالجيزة في قضية شيك من دون رصيد قديمة ما هي إلا ورقة إنذار لكافة العاملين في المشهد السياسي الراهن". الاستعانة بعدلي منصور، وفق مراقبون، يرجع لسابق تجربته في تولي الرئاسة باشراف السيسي، والذي قدم فيها كل ما يريده السيسي وما لم يطمح أن يحلم به، من قرارات وقوانين كارثية على مصر ومستقبلها بلوتاريخها، من قوانين فتح فترات الحبس الاحتياطي وعدم الرقابة على ميزانيات الجيش والشرطة، ومنح الرئاسة خقوق وصلاحيات لا يمكن أن تتواجد إلا في جمهوريات الموز أو أفلام السينما. حصاد الدم في عهد "الدمية" عدلي منصور، اشهر دمية في التاريخ السياسي المصري، فبحسب موقع "ويكي ثورة" -أشهر مواقع توثيق الأحداث عقب ثورة 25 يناير- فإن عدد القتلى منذ تولي منصور رئاسة البلاد، وحتى نهاية شهر يناير الماضي بلغ 3248 قتيلًا من المعارضين، في جميع أنحاء البلاد. وكانت أشهر الجرائم المرتكبة في عهد منصور، ما حدث من قتل متعمد للمعتصمين والمتظاهرين في "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"، و"دار الحرس الجمهوري"، و"المنصة"، وأحداث ميداني "رمسيس" و"الدقي". كما أشار الموقع إلى أن عدد المصابين في عهد منصور حتى يوم 28 فبراير الماضي، وصل إلى 18 ألفًا و535 مصابًا، وعدد المقبوض عليهم والملاحقين قضائيًا حتى 15 مايو المنصرم بلغ 41 ألفًا و163 مصريًا! 50 قرارا كارثيا أما فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذها منصور فقد تجاوز عددها 50 قرارًا تنوعت ما بين قرارات انتقامية من جماعة الإخوان المسلمين ومن المعارضين، وقرارات تصب بشكل مباشر في مصلحة الجيش والشرطة، وقرارات أخرى اقتصادية تفتح الباب على مصراعيه أمام الفاسدين. قرارات انتقامية الحبس الاحتياطي أبرز القرارات الانتقامية التي اتخذها منصور في سبتمبر الماضي، حيث قرر وضع تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية، والذي يسمح بتمديد فترة الحبس الاحتياطي دون سقف زمني في القضايا التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد وهو القرار الذي وصفه الحقوقيون والقانونيون بأنه انتقامي بامتياز، وأنه مخالف لكل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر. قانون التظاهر أصدر منصور قانون التظاهر والذي يهدف من ورائه تقييد حق التظاهر، ومواجهة مظاهرات رافضي الانقلاب وكذلك الحركات الثورية الأخرى التي أعلنت رفضها للانقلاب. ومن بين القرارات الانتقامية ، إلغاء قرار تعيين الدكتور عماد يحيى عبد الجليل خضر رئيسًا لجامعة بورسعيد رغم انتخابه. كما أصدر عدلي منصور مؤخرًا قرارًا جمهوريًا، بإلغاء قرارات رئيس الجمهورية أرقام 57 و58 و75 و122 و218 لسنة 2012 والخاصة بالعفو الرئاسي عن اثنين وخمسين شخصًا، وهو القرار الذي وصف بأنه انتقامي بامتياز، فضلًا عن افتقاده لأدنى المعايير القانونية والدستورية. تمكين العسكر كما استُخدم قائد الانقلاب عدلي منصور طوال هذه الفترة كدمية يمرر من خلالها قوانين تمكن لسيطرة المؤسسة العسكرية وتمنحهم امتيازات غير مسبوقة، فكان من أبرز قرارات منصور ، قرار بقانون رقم 73 لسنه 2013 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنه 1975، وفي يناير 2013 أصدر منصور قرارًا بترقية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، إلى منصب المشير تمهيدًا لترشحه للرئاسة. وفي فبراير 2014 أصدر منصور قرارًا جمهوريًا بإنشاء مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية كل من: رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والعدل والصحة والاتصالات والتعليم ورئيس المخابرات العامة ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، كما أصدر قرارًا جمهوريًا باستحداث ميدالية تذكارية باسم 30 يونيو، بمواصفات محددة في القرار، تمنح لجميع ضباط القوات المسلحة الموجودين بالخدمة أثناء 30 يوليو وجميع طلبة الكليات والمعاهد والمدارس العسكرية، وجميع العاملين المدنيين بالقوات المسلحة، وفي الشهر نفسه أصدر قرارًا نشر بالجريدة الرسمية بتخصيص قطعة أرض مساحتها 133 فدانًا و13 قيراطًا و23 سهمًا أي ما يعادل «560.882.28 مترًا مربعًا» بمنطقة إدكو من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، لصالح القوات المسلحة. وفي مارس 2014 أصدر منصور قرارًا بترقية الفريق صدقي صبحي وزيرًا للدفاع خلفًا لقائد الانقلاب، وفي مايو 2014 أصدر قرارًا بقانون بإعادة تحديد مرتب ومخصصات رئيس الجمهورية بأن "يحدد مرتبه بمبلغ مقداره واحد وعشرون ألف جنيه شهريًا، بالإضافة إلى بدل تمثيل بمبلغ مقداره واحد وعشرون ألف جنيه شهريًا؛ أي 42 ألف جنيه شهريًا . قوانين سيئة السمعة من أبرزها ؛ قانون منح الأراضي بالمجان، أصدر منصور هذا القرار في شهر مارس 2014 بتفويض رئيس وزراء حكومة الانقلاب إبراهيم محلب رئيس الوزراء- انذاك-، في بعض اختصاصات رئيس الجمهورية، وتضمن القرار تفويض رئيس الوزراء في مجالات التصرف بالمجان في أملاك الدولة ونزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وحماية الآثار. كما أصدر قرارًا في سبتمبر 2013 والذي شمل تعديل القانون بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات لوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة ليسمح بالتعاقد والاتفاق بالأمر المباشر من رئيس المصلحة إلى الوزير المختص في مبالغ تتراوح بين 500 ألف جنيه إلى 10 ملايين جنيه. القروض كما كان للقرارات الخاصة بالقروض نصيب وافر من قرارات الديكوري منصور إلى أن أغرق البلاد في ديون محلية خارجية غير مسبوقة في تاريخ مصر؛ ففي 16 مارس أصدر منصور قرارًا جمهوريًا بالموافقة على اتفاقية قرض من الصندوق الكويتي بمبلغ 30 مليون دينار كويتي، لتطوير نظام التحكم والإشارات على خط السكة الحديدية بنها – الزقازيق – الإسماعيلية – بورسعيد. وفي 1 إبريل، أصدر قرارًا بالموافقة على اتفاق تمويل الاتحاد الأوروبي بشأن برنامج دعم إصلاح التعليم الفني، على مرحلتين، تتكلف المرحلة الأولى 33 مليون يورو، كقيمة من المفوضية الأوروبية يتم ردها، وتتكلف المرحلة الثانية 50 مليون يورو كقيمة لا ترد. وفي 7 مايو، قرر الموافقة على اتفاق تسهيل ائتماني بين الحكومة والوكالة الفرنسية للتنمية، لدعم المشروعات الصغيرة، بقيمة 80 مليون يورو، تسدد على 15 سنة، بفترة سماح 4 سنوات. وفي اليوم ذاته أيضًا، أصدر قرارًا بالموافقة على قرض الصندوق العربي للإنماء لتمويل مشروع محطة توليد كهرباء أسيوط “الوليدية”، وتبلغ قيمته 200 مليون دولار. وفي 9 مايو، أصدر المؤقت 3 قرارات جمهورية بالموافقة على منح وقروض تنموية في قطاعات مياه الشرب والصرف الصحي, من جهات أوروبية والحكومة الإماراتية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية “أوفيد” بقيمة 209 ملايين يورو. كما أصدر –أيضًا- قرارًا بشأن الموافقة على اتفاق قرض من وصندوق “أوفيد” بقيمة 30 مليون دولار لتطوير محطات طلمبات الري.. ويبقى الحبل على الجرار..من مزيد من القرارات التي تؤمن الانقلاب وأعوانه على حساب حريات الشعب وآماله، في وقت بالغ الخطورة اقتصاديا ما يفتح شهية نظام السيسي بغطاء تشريعي نحو مزيد من القروض والاستدانة للخارج ورهن أصول مصر للعالم!!