لاتزال أزمة العقارات المهدَّدة بالانهيار تثير غضب الأهالى فى الإسكندرية، التى تأتى فى مقدمة المحافظات التى شهدت انهيار عدد كبير من مبانيها، وبلغت- بعد موجة الطقس السيئ- 41 عقارا تنوعت بين تهدم سُّلم داخلى وجزئى أو انهيار كامل. وتحت أنقاض «عقارات الموت»، يسقط مئات الضحايا البسطاء بين قتيل وجريح، حتى أضحت العقارات المنهارة كابوساً مزعجا لسكان «الثغر»، ولاتزال المبانى المخالفة تناطح السحاب دون أى قانون رادع أو عقوبات مشددة للمخالفين، فى ظل صمت تام من المسؤولين بالوحدة المحلية ومهندسى الأحياء، الذين يرفضون إخلاء أكثر من 5 آلاف عقار آيل للسقوط صدرت له قرارات إخلاء، ما يُنذر بكارثة جديدة. وتنهار العقارات بالتزامن مع تشييد الأبراج غير المرخصة، التى وصل عددها فى المحافظة إلى نحو 26 ألفا و701 عقار بمختلف الأحياء، طبقا لآخر إحصائية تم إجراؤها منذ 7 أشهر، ورغم إزالة نحو 504 عقارات مخالفة فى عهد اللواء طارق مهدى، محافظ الإسكندرية الأسبق، ومثلها خلال فترة هانى المسيرى، المحافظ السابق، حيث استخدم كلاهما طرقاً جديدة ومبتكرة من معدات الهدم مثل الجاك هامر والونش 22 والقاطع الماسى والديناميت، فإن سرعة البناء المخالف كانت أكبر بكثير من تلك التى تمت إزالتها. وتصدرت الإسكندرية قائمة العقارات المخالفة والمنهارة بين المحافظات، وشهدت ظاهرة ما يسمى «الكحول»، وهو اسم شخص يتحمل مخالفات العقارات، مقابل حصوله على مبلغ من المال، وفى كثير من الأحيان يكون هذا الشخص متوفًّى. ويكشف النائب هيثم الحريرى أن انهيار العقارات جزء من منظومة الفساد التى نعيشها من البناء المخالف تحت سمع وبصر المسؤولين، كما أنه مسؤولية مشتركة بين الأحياء ووزارة الداخلية، حيث نجح المقاولون فى الحصول على تراخيص بناء مخالفة، داعيا إلى تطبيق القانون بصدور قرارات من الأحياء تنفذها «الداخلية». ويتابع: «للأسف توجد عقارات كثيرة آيلة للسقوط، والمحافظة لا تصدر ولا تنفذ قرارات الإزالة، ونفاجأ بانهيارها»، موضحا أن نحو 1500 عقار صدرت لها قرارات إزالة بعضها به أدوار مخالفة أو العقار كله مخالف، ما يهدد حياة السكان. ويؤكد خالد محمد، خبير هندسى، أنه بتتبع حالات الانهيارات على حدة، تبين أن ارتفاع معدلات الفساد بالمحليات من أهم أسباب تفاقم الظاهرة، لأن معظمها تكون حديثة البناء، فضلا عن صعوبة حصول المواطن على تراخيص البناء من خلال القنوات الشرعية، مضيفا أن ضعف أجور مهندسى الأحياء فتح الباب أمام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات، وأنه لابد من تحسين أجور المهندسين. ويقول محمد عمار، مهندس إنشاءات، إن أبرز أسباب الانهيارات يعود لضعف الإنشاءات وغش المقاولين المسؤولين عن البناء. ويقول الدكتور مهندس ناصر درويش، أستاذ الهندسة الإنشائية بجامعة الإسكندرية، إن 75% من حجم البنايات والمنشآت التى تنهار فى المحافظة بين الحين والآخر هى فى الأصل عبارة عن عقارات قديمة تجاوزت عمرها الافتراضى. ويواصل: «الحل يكمن فى تعديل بعض بنود قانون البناء الحالى رقم 136 لسنة 1981 بحيث يُسمح فيه باعتبار قرار الترميم الصادر من الجهة الإدارية- (الأحياء)- بمثابة ترخيص حال قبوله من جميع الأطراف، الساكنين والجهة الإدارية». ويقول الدكتور هشام سعودى، أستاذ التخطيط العمرانى والإنشاءات بجامعة الإسكندرية، إن الأحياء تضم مبانى قديمة، بسبب انعدام الترميم والصيانة، بجانب العوامل الطبيعية والطوبغرافية للتربة فى بعض المناطق. ويشير إلى أن أبرز المناطق التى توجد بها مبان قديمة وآيلة للسقوط ولم تخضع يوماً لأعمال ترميم وصيانة هى الجمرك وكرموز وغيط العنب ومحرم بك القديمة، ومبانيها مهددة بالانهيار فى أى وقت، فضلاً عن مناطق حديثة، لكنها بُنيت فى غفلة من المسؤولين فى مناطق مصطفى كامل والعزب الواقعة على الطريق الزراعى والدائرى ومحور شارع 45 والمعمورة قبلى وأبوقير قبلى.
