يقول محمد أرناؤوط في كتابه (الإسلام في أوروبا المتغيرة) إن ألبانيا صارت جزءا من الدولة العثمانية في 1382 واستقلت عام 1913بعد خمسمائة سنة من التبعية للدولة العثمانية. ومع تنامى النزعات القومية والاستقلالية في القرن التاسع عشر بدأ الألبان يسعون لتشكيل دولتهم المستقلة، ودخلوا في مواجهات مسلحة مع الدولة العثمانية، وتشكلت الرابطة الألبانية، التي وضعت في 1878 برنامجا يقوم على ضم المناطق الألبانية في ولاية واحدة تحمل اسم ألبانيا ضمن الدولة العثمانية. وبدأت الرابطة تنشط في توسيع علاقاتها مع الأوروبيين في مواجهة الدولة العثمانية، ونشطت أيضا الحركة القومية الألبانية وفى أوائل القرن العشرين، وبدء انهيار الدولة العثمانية، ثم حرب البلقان، ثم الحرب العالمية الأولى، تم إعلان الدولة الألبانية المستقلة في عام 1912 ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وانعقاد مؤتمر الصلح في باريس بين 1919 و1920. جددت إيطاليا واليونان ويوغسلافيا مطالبها في ألبانيا ونشأت حركة مقاومة ألبانية،وتشكلت حكومة ألبانية برئاسة سليمان دلفينا، وقد أجبرت هذه الحكومة القوات الإيطالية على الانسحاب من ألبانيا، واعترفت الدول الكبرى باستقلال ألبانيا، وحصلت على عضوية عصبة الأمم في 1920، وجرت انتخابات برلمانية في عام 1921. واختار البرلمان أحمد زوغو رئيسا للحكومة، ومنذ الحرب العالمية الثانية دخلت ألبانيا في الحكم الشيوعى لأكثر من أربعين سنة، ودخل الألبان في مواجهة مسلحة مع الاحتلال الإيطالى وصعدت أثناء المقاومة المجموعات الشيوعية وفي 1942 قامت الجبهة القومية برئاسة مدحت فراشرى. ودار نزاع مسلح بين الشيوعيين والقوميين والليبراليين وانتصرالشيوعيون، وهيمن الشيوعي أنورخوجة على الحكم في عام 1944، وأعلن ألبانيا جمهورية شعبية «زي النهارده» فى11 يناير 1946 برئاسته، وبدأت الحكومة في عمليات واسعة للقضاء على المظاهر الدينية وإغلاق المساجد، وصودرت ممتلكات المساجد والكنائس والمؤسسات الدينية. وُلد خوجا في 16 أكتوبر عام 1908، لأسرة من الطائفة البكداشية وكان والده يتمتع بوضع اقتصادى ميسور، ودرس أنور في فرنسا وانضم للحزب الشيوعى الفرنسى وآمن بمبادئ الشيوعية وحين عاد عمل مدرسا للغة الفرنسية وفُصل من العمل بتهمة «اعتناقه الشيوعية». عرف عنه أثناء رئاسته عداءه للإسلام ومنذ دخول الإسلام ألبانيا على يد العثمانيين في القرن الثامن الهجرى أصبحت جزءاً من الدولة العثمانية على مدى 500 عام، حتى حصلت على استقلالها بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، وأصبحت دولة مستقلة. ثم تولَّى أحمد زوغو الحكم في البلاد سنة 1922 بعد أن نجح في الدفاع عن بلاده ضد الاحتلال الفرنسى والنمساوى والإيطالى، فلما واجه عواصف وفتناً داخلية استعان بيوغسلافيا، وتمكن من إحكام قبضته على البلاد، التي صار رئيسا لها بعدما صارت جمهورية عام 1925، وسرعان ما أعلن أحمد زوغو نفسه ملكًا عام 1928 وظل يحكم ألبانيا إلى أن قام هتلر بغزواته في أوروبا، ومكن حليفه موسولينى من اجتياحها في 1939 وفر زوغو إلى إنجلترا، ومنها إلى مصر، حتى تُوفِّى عام 1946م. وبقيت ألبانيا تحت الاحتلال الإيطالى ثم الألمانى فقادت جبهة التحرير القومية بقيادة الشيوعيين حركة المقاومة وكان «خوجا» بعد أن أنهى دراسته قد سافر إلى بلجيكا حيث عمل سكرتيرًا للسفارة الألبانية، ثم عاد إلى بلاده عام 1936 واشتغل بالتدريس، ثم انخرط في صفوف المقاومين وصار قائدا للمقاومة وشارك في تأسيس جبهة التحرير القومية التي يتزعمها الشيوعيين. ثم تولى رئاسة اللجنة الألبانية المناهضة للفاشية في مايو 1944 وشارك في تأسيس الحزب الشيوعى الألبانى وتولى أمانته فلما انتهت الحرب العالمية الثانية وخرج الألمان من ألبانيا أُجريت الانتخاباتوفاز «أنور خوجا» برئاسة الحكومة الألبانية عام 1945. وعلى أثر استقرار الأحوال أُجريت انتخابات عامة عام 1946 فاز فيها أنور خوجا، وعلى أثرها أُعلنت ألبانيا جمهوريةً شعبية، وأُلغيت الملكية وأصبح أنور خوجا رئيسًا للبلاد،كان هذا «زي النهارده» في 11 يناير 1946 وظل يحكم ألبانيا نحو أربعين عاما أبدى خلالها عداء ظاهرا للإسلام وعزل بلاده سياسياً واجتماعياً عن جميع بلدان العالم تقريباً. كما قيد الحريات الشخصية، وكانت ألبانيا أفقر بلد أوروبى حتى تُوفى «زي النهارده» في 11 أبريل 1985. وبوفاة أنور خوجة عام 1985 دخلت ألبانيا في مرحلة جديدة من الانفتاح على العالم الإسلامى، ثم دخلت منذ أواخر الثمانينيات في مرحلةسياسيةجديدة قائمة على الحريات والتعددية السياسية والتحول الإيجابى نحو العودة إلى الإسلام والازدهار الاقتصادى، وانتهى الاحتكار الشيوعى عام 1992 عندما أجريت انتخابات عامة، وفازت المعارضة برئاسة الحزب الديمقراطى بالأغلبية النيابية، وانتخب صالح بريشا كأول رئيس غير شيوعى منذ عام 1944.