يعد بلا منازع أخطر رجل في العالم حاليًا، ورغم قصر قامته وضعف هيئته، فهو الرجل الذي تقف جميع الأجهزة الأمنية والمخابراتية في معظم الدول الكبرى بالعالم عاجزة أمامه، حتى إنه في كل مرة يتم اعتقاله، يتمكن بسهولة من الهرب من داخل أكثر السجون للحراسة، حكايته تشبه كثيرًا الأفلام البوليسية، لدرجة أن قصة حياته ومغامراته مع الأجهزة الأمنية لو تم تحويلها لفيلم سينمائي قد لا يصدقها البعض. هو خواكين جوزمان الملقب ب«آل تشابو»، من أشهر وأخطر تجار المخدرات في العالم، يترأس منظمة الاتجار بالمخدرات لأكبر وأقوى مافيا عالمية «كارتل السينالوا»، أصلها من المنطقة الساحلية المكسيكية المطلة على المحيط الهادئ سينالوا، ويشتهر بلقب «آل تشابو جوزمان»، وكلمة «آل تاشبو» تعني بالمكسيكية قصير القامة. بعد اعتقال سلفه كبير تجار المخدرات، أصيل كارديناس من خليج كارتل في 2003، أصبح «آل تشابو» مهرب المخدرات الأكثر نفوذا في العالم وفقا لوزارة الخزانة في الولاياتالمتحدة، التي وصفت عملية إلقاء القبض عليه العام الماضي بأنها «أكبر عملية مطاردة لرجل في التاريخ»، وورد بمجلة «فوربس» الأمريكية، أن «آل تشابو» يعد واحدا من «أقوى الناس» في العالم منذ 2009، وذكرت المجلة أنه عاشر أغنى رجل في المكسيك في 2013 مع ثروته التي تبلغ مليار دولار، وتعتقد وكالة مكافحة المخدرات في المكسيك أن «آل تشابو» أكثر تأثيرا من مهرب المخدرات الكولومبي بابلو اسكوبار. حياة فقيرة ولد «آل تشابو» في 25 ديسمبر 1954 بالمكسيك، لعائلة فقيرة في مزرعة «لا تونة» بالقرب من درجتو بسينالوا، وباع البرتقال عندما كان طفلا، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية، لديه أختان «أرميدة»، و«برناردة»، و4 إخوة هم: «ميجل إنجل»، و«أورليانو»، و«ارتورو»، و«اميليو»، ولا تتوفر معلومات كافية عن السنوات الأولى ل«آل تشابو»، ويقال إن أباه كان مربيا للماشية وتعامل في تجارة الخشخاش. كان والد «آل تشابو» «وسيطا» وعرف كبار تجار المخدرات في سينالوا من خلال بيدرو أفيليس بيريز، لاعب رئيسي في تجارة المخدرات، وكان حينها «آل تشابو» في العشرينات من عمره، وفي نهاية سبيعنيات القرن الماضي، حصل «آل تشابو» على فرصته الكبيرة الأولى، إذ كان مسؤولا عن نقل المخدرات من السييرا إلى المدن المكسيكية، وحدود البلد والإشراف على الشحنات، ونسق بعدها رحلات الطائرة والشاحنات القادمة من كولومبيا إلى المكسيك. وبعد القبض على مهرب المخدرات، فيليكس جالاردو، بذل «آل تشابو» كل جهده للسيطرة على «كارتل السينالوا» بالكامل، وأصبح المطلوب الأول لدى حكومات المكسيكوالولاياتالمتحدة والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية. وذكرت «فوربس» أن زعماء العصابة السابقين، كانوا يركزون على تصدير الكوكايين، لكن «آل تشابو» وزع أعمال المنظمة، لتشمل الماريجوانا، والهيروين، والميثامفيتامين، واستغل التوسع في أسواق المخدرات النامية في آسيا وأوروبا لمواصلة بناء إمبراطوريته. ويصل عدد القتلى الذين يعتبر «آل تشابو» مسؤولًا عن قتلهم إلى نحو 34 ألف شخص، طبقًا لتقرير مجلة «فوربس»، وعندما جاء الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون، إلى السلطة، في 2006، كانت المواجهات بين قوات الجيش والمنظمة عنيفة، ونتج عنها حمام من الدم عانى منه الجيش المكسيكي، والعصابات المتنافسة على حد سواء، فيما يعد أعنف الاشتباكات في تاريخ المكسيك. سوابق فرار تم القبض على «آل تشابو» للمرة الأولى في «جواتيمالا» في 9 يناير 1993، وتم تسليمه إلى المكسيك وحكم عليه بالسجن لمدة 20 سنة و9 أشهر لتهريب المخدرات والرشوة، وتم إيداعه في سجن «لا بالما»، وفي 22 نوفمبر1995، تم نقله إلى سجن «بوينتي جراندي» في خاليسكو، بعد إدانته ب3 جرائم، وهي حيازة الأسلحة النارية والاتجار بالمخدرات وقتل الكاردينال خوان خيسوس أوكامبو بوساداس، ثم حاول الفرار وحكم عليه بالسجن في سجن اتحادي يقع على الحدود وهو «دي خواريز»، لكن في 19 يناير 2001، هرب «آل تشابو» من السجن بعدما اختبأ في عربة نقل ثياب الغسيل، دافعا بالعديد من الحراس لمساعدته على الهروب، وبدأت بعدها بحرب عصابات دموية بين زعماء المافيا المكسيكية، وسقطت على طرق تهريب المخدرات جثث آلاف الضحايا منذ 12 ديسمبر 2006، واستطاعت القوات الخاصة المكسيكية إلقاء القبض عليه في فبراير 2014 في «مزاتان» في ولاية سينالوا، واعتبرته نصرًا كبيرًا لها، نظرًا لخطورته. تحول «آل تشابو» إلى «أيقونة» في المكسيك وعدد من دول العالم، فبعد أقل من ساعات على هروبه من محبسه، سُجلت حركة بيع كثيفة على الإنترنت لقمصان وقبعات تحمل صوره، ونظم الكثير من المؤلفين في المكسيك أغنيات تمجده، ويعتقد البعض أن أسطورته لن تنتهي سريعا. هروب هوليودي في حادث مثير، هرب «آل تشابو» زعيم كارتيل المخدرات «سينالوا»، في يوليو الماضي، من أحد السجون الأشد حراسة وسط المكسيك، عبر نفق يمتد أكثر من كيلومتر ونصف الكيلومتر. وفي آخر مرة ظهر حينها «آل تشابو» على كاميرات الرقابة أثناء الاستحمام في سجن «التيبلانو»، غرب العاصمة المكسيكية، قبل أن يختفي، وفق مفوضية الأمن القومي، وأطلق الإنذار بعد اختفائه بفترة وتم التأكد من فراره. وبعد ساعات غرد حساب باسم «خواكين جوزمان» على موقع «تويتر» قائلا: «الحياة تتغير باستمرار، يوم في الحفرة، ويوم في القمة»، وكتب معقبا على تصريحات المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، دونالد ترامب، قائلا: «سأجعلك تأكل كلماتك»، وكان «ترامب» اتهم في وقت سابق الحكومة المكسيكية بإرسال «مثيري المشاكل والشغب للولايات المتحدة، بعضهم يجلب المخدرات وبعضهم معتدون جنسيون». ليلة القبض عليه بعد 6 أشهر من هروبه وأخيرا.. أعلنت الحكومة المكسيكية أنها قبضت، أمس الأول، على «آل تشابو» ونقل إلى نفس السجن شديد الحراسة الذي فر منه قبل 6 أشهر عبر نفق امتد لأكثر من ميل، وألقي القبض عليه بولاية سينالوا التي ينحدر منها بشمال غرب المكسيك، ورغم فراره من مداهمة جرت عبر أنبوب للصرف الصحي، فإنه ضُبط أثناء محاولته الفرار بسيارة، وقال مصدر رفيع بالشرطة إن عملية القبض عليه تمت بمشاركة قوات من مشاة البحرية، وبمشاركة إدارة مكافحة المخدرات وقوات الأمن الأمريكية، ونُقل في مروحية تابعة لقوات مشاة البحرية «المارينز»، مساء الجمعة.