كان النائب العام قد تلقى العديد من البلاغات تفيد بتضخم ثروة الثلاثة وأبنائهم وزوجاتهم مستغلين مناصبهم السياسية فى الاستيلاء على المال العام وإهداره وقرر إحالتها إلى جهاز الكسب غير المشروع. وقائع الشغب فى أثناء مباريات الكرة على امتداد العالم لا تكاد تتوقف، وتتخذ أشكالاً متجددة كل يوم. فإذا حاولنا أن نقارن بين ما يشهده أى استاد فى أى بلد، وما جرى عندنا مساء السبت، أثناء مباراة الزمالك مع الأفريقى التونسى، فسوف نكتشف أن ما شهدناه جميعاً فى تلك الليلة مختلف تماماً عن مثيله فى أى دولة، من ناحيتين: الناحية الأولى، أن الملعب فى أى مباراة مخصص دائماً ل22 لاعباً، ولا يجوز لأحد سواهم أن يقترب من هذه المساحة المخصصة للعب، اللهم إلا إذا كان الذى من حقه الاقتراب هو حكم المباراة، أو أحد فريق الإنقاذ، لإغاثة لاعب سقط على الأرض.. أما ما عدا ذلك، فالجمهور له مكانه، الذى ليس من حقه أن يتجاوزه تحت أى ظرف، ولذلك، فعندما يقع شغب فى أى مباراة، فإنه يكون فى العادة بين الجمهور وبعضه، فى مقصورات المشاهدة، ولا يتعداه إلى أرض الملعب أبداً! عندنا، كان 80 ألف متفرج يتابعون، وفجأة قام ألفان منهم، واقتحموا الملعب، فى الوقت الذى تجمدت فيه قوات الأمن فى أماكنها، ربما من هول المفاجأة، ثم كان على باقى المتفرجين فى مقاعدهم أن يتسمروا هم أيضاً فى مواقعهم، وكأن على رؤوسهم الطير، إذ لا أحد كان يصدق ما جرى أمام عينيه وما رآه، ولم يكن أحد يستطيع أن يقطع بما إذا كان ما يتابعه على الأرض خيالاً، أم حقيقة! هذه واحدة.. والثانية، وهى الأهم، أن الذين انزعجوا مما وقع - وهو مزعج حقاً - ليس من حقهم أن ينزعجوا إلى هذه الدرجة، لا لشىء إلا لأن ما تابعناه على أرض الملعب يجرى تقريباً، وربما بالصيغة نفسها، فى مصر كلها، هذه الأيام! ويمكنك بسهولة أن تتصور مصر كلها ملعباً، ثم تتأمل ما يدور هنا أو هناك، وسوف لا تجد فرقاً كبيراً، بل ربما تجد تطابقاً بين أحداث المباراة المحزنة، وأحداث أخرى هى صورة منها، فى هذا الشارع، وفى ذلك الميدان، وفى تلك الشركة.. وهكذا.. وهكذا! وإلا.. فما معنى أن يقوم بعض موظفى عدد من الشركات والمؤسسات باقتحام مكتب المدير - مثلاً - ويطالبونه بالرحيل فوراً، فإذا امتنع ليس حباً فى البقاء، وإنما لأن رحيله أو بقاءه ينظمه قانون، ولا يحكمه غوغاء.. إذا فعل ذلك هجموا عليه، وضربوه، وأخرجوه، وألقوه فى الشارع! الوقائع من هذا النوع كثيرة، وفى بعض المرات مات رئيس الشركة فى أيدى الثائرين عليه، ولانزال نتابع أحداثاً مماثلة، يوماً بعد يوم، مصدقين مرة، وغير مصدقين مرات! والمعنى أننا إذا كنا انزعجنا بقوة من شغب مباراتنا مع تونس، فانزعاجنا طبعا فى محله، ولا بديل عن أن ينال المتجاوزون أقصى عقاب، غير أننا فى الوقت نفسه يجب أن ننزعج أكثر وأكثر، وأن نترجم انزعاجنا - كحكومة - إلى فعل، لأن استاد مصر، كبلد، لا يختلف كثيراً عن استاد القاهرة، الذى شهد المهزلة! هل من أجل هذه المهازل قامت ثورة 25 يناير العظيمة؟!