تحليل إشبيلية «2-1» برشلونة.. «بميسي أو بدونه»

انتظر عمالقة الأندلس حتى الجولة السابعة لينتفضوا محققين فوزهم الثاني فقط هذا الموسم، بعد تخطيهم للغريم برشلونة بهدفين لهدف، على ملعب رامون سانشيز بيثخوان.
بتشكيلة اضطرارية لأقصى حد، بدأ «إنريكي» المباراة بتعديل تكتيكي، لا خططي، بمشاركة «ماسكيرانو» في وسط الملعب في ظل غياب «إنييستا»، ليتقدم «بوسكيتس» إلى جانب «راكيتيتش»، في خطة «4-3-3» المعتادة للكتلان، مع اكتمال المثلث الهجومي بمشاركة «منير» إلى جانب «سواريز» و«نيمار».
«إنريكي» كان يملك سيرجي روبرتو ليشارك رفيقًا ل«راكيتيتش» ويحتفظ كل من «بوسكيتس» و«ماسكيرانو» و«ألفيش» بمواقعهم في الوسط وقلب الدفاع والظهير الأيمن على الترتيب، ولكن «إنريكي»، بما يعلمه عن سرعة إشبيلية في المرتدات، فضّل الاحتفاظ ب«ماسكيرانو» قريبًا من خط دفاعه المهزوز، لتوفير التغطية العفوية عند كل هجمة بسرعة أكبر من «بوسكيتس»، البطيء نسبيًا، ما يوحي بأن «لوتشو» قد قرأ المباراة جيدًا قبل بدايتها.
ورغم أن الحديث الأكبر سيظل عن غيابات برشلونة لاعتبارات إعلامية إلا أن أوناي إيمري افتقد هو الآخر ثلاثة من أهم عناصره الأساسية، الحارس بيتو والمدافع دانييل كاريتشو وصانع الألعاب الأبرز إيفر بانيجا، الذي أتى من فالنسيا الموسم الماضي لتعويض انتقال «راكيتيتش» لبرشلونة.
التركي الرائع صاحب لقبي «يوروبا ليج» مع عملاق الأندلس، فضّل البدء ب«4-5-1»، والاحتفاظ ب«يورنتي» و«إيموبيللي» على دكة الاحتياط، مشركًا كيفن جاميرو، أسرع مهاجميه، ومن خلفه «إيبورا» بديلاً ل«بانيجا».
هنا يقتضي الكليشيه التحليلي أن نشير إلى أن قوة برشلونة في خط وسطه وهجومه، وأن مفتاح إيقاف برشلونة هو محاصرته في مناطقه ومنعه من بدء الهجمة.. إلخ، الحقيقة أن هذا خطأ تكتيكي شائع، حيث يفترض أن خط الوسط الأقوى هو الذي يحظى بالسيطرة ومن ثم يفرض إيقاعه، فالاستحواذ لا علاقة له بفرض الإيقاع، فالبارسا ليس بصدد تقديم تجربة أداء مسرحية بل يلعب مباراة مهمة وقد تكون مصيرية في ماراثون «الليجا»، لذا لا تعني قدرته على التمرير في وسط الملعب بأريحية أن المباراة في متناوله، بل في الواقع هي لا تعني أي شيء، يمكنك أن تتراقص أمام الأسود كما تشاء، دون أن يغير ذلك نتيجة المواجهة.
استمرارك في الرقص لشوط كامل لا يعني أن الأسود ستفعل المثل، وتحيُّنها للحظة المناسبة ليس سلبية، ربما يعني فقط أنها ليست جائعة الآن، كذلك لم تكن أسود إشبيلية جائعة لامتلاك الكرة، فتركتها للكتلان يلهون بها كما يشاءون، ونفذت هجماتها حينما بدت اللحظة مناسبة للخروج واصطياد أخطاء مدافعي «البلاوجرانا»، فكانت هجمات الأندلسيين كعمليات القلب في دقتها وخطورتها، بقيادة نجمهم الأبرز وأفضل لاعبي المباراة، كرون ديلي.
المدرب التركي للأندلسيين يمتلك ميزة لا تضاهى، هي خط وسط من التروس، لا يمتلك لاعبو وسط إشبيلية الكثير من شيءٍ ما، لكنهم يمتلكون الكافي من كل شيء، بدنيات ممتازة، سرعات، قوة في الالتحامات، ومهارات مفيدة في الثلث الهجومي، لذا يعتمد تكتيك «إيمري» على التدوير الدائم بينهم في الملعب، غير متقيد بمراكز ومهام تقليدية بقدر سعيه لهدفه الأهم وهو قطع الكرة والانطلاق نحو المرمى.
لكن ربما يبدو الحديث السابق متجنيًا على الكتلان، الذين قادوا المحاولات الأكثر والأخطر طيلة المباراة، وحرمهم القائمين والعارضة من التسجيل في ثلاث مناسبات، نعم سيخرج الجميع للحديث عن أثر غياب «ميسي»، رغم أن البارسا عاد بعد تأخره أمام باير ليفركوزن بدونه، لذا فالتركيز على أثر غياب الأرجنتيني قد يكون منطقيًا في مباراة نهائية، ولكنه لم يكن كذلك في مباراة إشبيلية، فالبارسا لم يعانِ كثيرًا في الوصول لمرمى ريكو، المتألق، وتبارى لاعبوه في إضاعة الفرص رغم تألق الحارس الإسباني الشاب، ولا نحتاج للتذكير بأن البارسا تعادل مع إشبيلية في نفس الملعب العام الماضي في وجود «ميسي»، وبعدما تقدم بهدفين.
لكن قراءة «إنريكي» الجيدة قبل المباراة لم تسعفه أثناءها، فاكتفى بمشاهدة نفس اللعبة تتكرر دون أن يجري التعديل اللازم، تقدم مرتد من أحد الطرفين يغري واحدًا من قلبي الدفاع للخروج لمقابلته بينما يتسلل «إيبورا» من خلفه ليحقق زيادة عددية أو موقف متكافئ على قلب الدفاع الآخر، ثم هدف!
محاولات البارسا الخطيرة أغرت لوتشو بالإبقاء على خطته كما هي، أملاً في أن تتفوق فاعلية فريقه على الخصم، ما كان مقامرة من صاحب الثلاثية، فالرهان على حالة الكتلان الذهنية لم يكن في محله في ظل الغيابات والتراجع في المستوى، ولن يكون ممكنًا في الجولات القادمة كذلك، التي ربما تشهد فقدان البلاوجرانا لمزيد من النقاط إن لم ينتبه إنريكي لتطورات كل مباراة على حدة.