اتفقنا جميعاً من قبل على أن نختار الرهان الذي ظنه البعد انه رهانا خاسرا لسنوات طويلة وهو أننا قادرين على إسقاط النظام، ومكثنا لثماني عشر يوما متواصلا نلعب على هذا الرهان ونحن على يقين بالخسارة ولكن لكم يكن لدينا وقتها رهانا أخر سوا الموت في الميدان أو استرداد كل خسارتنا على مدار 30 عاما واقتناص حريتنا المكسب المنتظر. كانت روح المغامرة لدى الجميع وبنفس الحماس لان المكسب كبير ويستدعى أن نغامر بأرواحنا، خرجت الملايين إلى الميدان وفى كل مرة كانت الملايين تتزايد وتترابط من اجل إطاحة الديكتاتور، إلى أن حدث وهدءت الأوضاع وعادت الملايين إلى أشغالها لتكمل مسيرة أخرى وهى البحث عن رزقها. وظلت المتغيرات والاضطرابات تاتى تباعا فى إطار الثورة المضادة التى أنكرها الكثيرين واعترف بوجودها بعض العقلاء، والتي عملت بشكل منظم وممنهج على اخماض نار الثورة وقتل آمال الثوار فى استرداد مصر مرة أخرى، رغم ان من ساهم في هذه الثورة المضادة لم تصل أعدادهم إلى ملايين مشابهة لمن كانوا فى ميدان التحرير الا انهم نجحوا باستخدام الاعلام والشائعات فى تفتيت شمل ملايين الثوار. ورغم ما توالى من أحداث بعد رحيل مبارك واستقرار الحياة بشكل نسبى الا ان الملايين لم تعود ولو مرة واحد للميدان للدفاع عن الثورة والرد على ما كان يحدث من تجاوزات، مؤكدين بذلك القاعدة السياسية القديمة التى تؤمن بان زخم الثورات يتراجع مع تقدم الوقت. حتى بعد ان بدا المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتصرف وكأنه هو من ثار على مبارك غافلا ان الشعب هو الصانع الحقيقي للثور وان دور الجيش يجب ان ينحصر فى حماية مكتسبات الثورة وليس ان يتدخل فى إدارة أرادة الشعب وتوجيه الثورة الى اتجاه رفضه الثوار من البداية. ولكسر هذه الحالة من الصمت بالميدان جدد الثوار الدعوة مرة أخرى للتظاهر لضمان استمرار الثور بعد ان هدئت الاوضاع لفترة تقترب من شهر انحصر فيها زخم الثوار فى الميدان فى بضع الآلاف وبالرغم من كل ذلك فان دعوة غداً مازالت تراهن على عودة الملايين للنزول من جديد.