- عبدالرحمن ..... عبدالرحمن ، انت معايا !؟؟ - عبدالرحمن ..... ايييه ، الي واخد عقلك يتهنا به ! - عبدالرحمن ..... انت في حاجة شاغلة دماغك يا بني ؟؟ كنت أحاول في ذلك اليوم ألا أكون شاردا حقا .. أستجمع كل طاقاتي النفسية للظهور طبيعيا .. أتكلف ربما الحديث والنقاش .. وأحيانا أتكلف اصطناع مداعبة وكأني أريد أن أثبت أني لست منشغلا أو متعلقا -بشكل واع أو غير واع- بأي شئ آخر -أعرفه أو لا أعرفه!- .. ورغم هذا يخونني شرودي .. ويفضح لي -قبل غيري- انشغالي ! ، لا أعلم لماذا فشلت محاولة الكتمان ؟؟ هذا يتطلب أن أسأل أولا : هل كانت محاولة واعية متعمدة ؟؟ أم أن شيئا ما حركني غريزيا أنك لا يجب أن تظهر شاردا أو منشغلا .. فترجمت هذا إلى محاولة تقدمت من مبتدى لا واع إلى منتهى واع ومحسوس ؟؟ حسنا أيا كان .. لماذا فشلت هذه المحاولة ؟؟ هل لأنني حاولتها أصلا ؟؟ يجيئني خاطر خائف أحيانا من أن يحدث ما أخاف من حدوثه ! ربما إذن شردت لأني خفت من أبدو شاردا ! ربما ! أو ربما كان ما شردت فيه ومعه أقوى من محاولتي كبحه ! ولكن .. فيم كنت شاردا في الأساس !؟؟ لن أقول لك أنني لست أذكر ! حيث أن ذلك قد يكون غير صادق تماما .. ربما الأنسب أن أقول أنني لست أستطيع تحديد طبيعة ما كنت شاردا فيه أو معه ! عندما نبهت في المرات الثلاثة إلى شرودي .. كنت بعد أن أستجمع شتاتي خلال لحظات أبتسم -ربما استمرارا في نفس المحاولة- وأقول شبه مداعبا -ربما لنفس السبب- : الحب بقى / يمكن باحب / الحب وسنينه ! أرى هذه الإجابة تحتمل معي دائما قدرا عاليا من الصدق .. إذ أؤمن بشكل شبه يقيني أن كل مشاعرنا ومواقفنا بل وأفكارنا وقناعاتنا مردها الأول -بشكل ما- إلى الحب .. ثمة عوالم لا تنتهي .. تكمن وتنفجر .. في ومن هذه الكلمة ! أعتقد أنه لو جاز لنا أن نعرف الحب لقلنا أنه المصدر الرئيسي للتشريع في دستور إنسانيتنا .. وهو بمثابة مادة فوق إنسانية .. إذ لا يمكن لإنسان أن يعدلها أو يغيرها أو يلغيها أو يستفتي نفسه عليها .. حيث إن إنسانيته ساعتها ستفقد جزء كبيرا من شرعيتها ! .. بمناسبة الاستفتاء .. لماذا لا نريد أن نقتنع أن اختيار كل منا كان مرتبطا بشكل ما بالحب أيضا ؟؟ حب الوطن .. حب الاستقرار .. حب المغامرة .. حب المصالح ! عودة إلى الشرود .. الذي رددته ككل ما في الإنسانية إلى المرد الأوسع : الحب ، حيث استلفتني في لحظة انتباهي من شرودي في المرات الثلاثة شيئان : أولهما : صور الوجوه التي تتوارد تلقائيا إلى الذهن عندما أنطق أو تنطق في حضوري كلمة فيها الحاء ، والباء ! بعض هذه الوجوه كان حاضرا فعلا في مرة من مرات شرودي .. بل إن أحدها هو من نبهني في مرة منهم .. يااآااه .. إننا نحب كثيرين .. ويمكننا أن نعرفهم فقط بأن نشرد وننتبه قائلين : "حب" ! ، يارب لماذا نتصور دائما أننا لا نحب سوى إنسان واحد فقط .. غالبا ما يكون غائبا وبعيدا ولا يشعر بنا !؟ ثم لماذا حتى عندما نتكلم عن غيره ممن نحب مثل الآن يأبى إلا أن يحشر وجوده في سطورنا بدون وعي منا !؟ اممم .. ربما هذا هو جزء آخر من أسرار الحب !! أنا أحب لا جدال .. هل لا زلت تشك يا صديقي !؟؟ أما ثانيهما : فهو وقع نبرة من ينبهني على نفسي .. في مرة شعرت أنه يريدني أن أنتبه حتى أركز في كلامه وأنجز ما كنا نفعله .. وفي الثانية شعرت بصبغة مزاح خفيفة فيها محاولة من محاولات ملء وتمضية وقت انتظار مشترك لا نفعل فيه شئ حتى يحين موعد مضي كل منا إلى مشغولية أخرى ! ، أما الأخيرة فلمستني من داخلي .. إذ ربما لمست أنا في داخلها نبرة ولو خفيفة من الانشغالي بي .. ونبرة ولو أخف من التعاطف ! .. هل كان فيها هذا حقا .. وهل كان ما في قبلها ما تصورته ؟؟ أم أننا نحس الآخرين تجاهنا بقدر إحساسنا تجاههم ؟؟ وربما نضفي على قيم حيادية متعادلة نزعات موجبة أو سالبة بقدر موجبيتنا أو سالبيتنا نحوها ؟؟ وهل ترى كانت للحظة شرودي أو تفسيري لشرودي قيمة موجهة أيضا عند من نبهوني أم أنها ظلت لحظة محايدة مثل التي قبلها والتي تليها ؟؟ وهل يثير بوحي الآن إن قرأوه قيمة ما موجهة -إيجابا أو سلبا- كذلك لديهم ؟؟ وهل ثمة صواب أو خطأ أني بحت لهم بهذا البوح الآن ؟؟ كما بحت لأحدهم ببوح أعمق سابقا رغم أن العمق بيننا كان محدودا .. فإذا به توغل داخلي بعدها ! الآن يمكنني أن أنهي مساحة التساؤلات التي يعني وجودها حالة ما من اللا يقين .. حيث أني موقن الآن من شئ مهم .. هو أن البوح كالشرود يرتبط دائما بالحب .. وغالبا بالخوف .. وأحيانا بالضيق !وأنا الآن في حالة شعورية ثلاثية البوح !