المفتي لطلاب جامعة هولندية: لا توجد محاكمات سياسية في مصر

أجرى الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، الثلاثاء، حوارًا مفتوحًا مع طلاب جامعة «أوتريخت» الهولندية، وتُعد واحدة من أكبر وأقدم جامعات أوروبا، في إطار حملته الأوروبية لتصحيح صورة الإسلام في الغرب.
وأكد المفتي، خلال اللقاء، أن الإرهاب يسعى إلى الخراب والفناء والدمار والفوضى وعدم الاستقرار والشر، أما الشعوب فإنها تسعى بإنسانيتها إلى التعمير والبناء والحياة والأمل والخير.
وأوضح «علام» أن مواجهة الأيديولوجيات المنحرفة تحتاج حربا فكرية يتعاون فيها العلماء مع وسائل الإعلام الدولية، والأوساط الأكاديمية في مجال النشر والبحث، من أجل تفنيد الأيديولوجيات المتطرفة وفضح أفكارهم الخاطئة، عبر إتاحة المجال للعلماء المسلمين الوسطيين واستضافتهم، ودعمهم لتفكيك الادعاءات الكاذبة والفهم المشوه للقرآن.
وقال المفتي إنه حان الوقت كي نأخذ على عاتقنا تحمل مسؤولية مكافحة الإرهاب والعمل بجد واجتهاد وإصرار جماعي، لكي ننقذ العالم ونخلصه من التطرف ونجنب أنفسنا والبشرية جمعاء المزيد من إراقة الدماء، مؤكدًا أن وجود الإرهابيين والمتطرفين وما يرتكبونه من جرائم ضد الإنسانية يُعد حجر عثرة في طريق السلام والأمن الدوليين، وتشويهًا لصورة الإسلام، وقطعًا للعلاقات الدينية والثقافية المتبادلة بين الشعوب.
واستطرد قائلاً: «أريد أن أكون واضحًا مرة أخرى، الإسلام يرفض تمامًا التطرف والإرهاب، ولكن إذ لم نفهم العوامل والدوافع التي تلقي بالشباب في طريق التطرف والإرهاب، ونحاول إيجاد الحلول الجذرية لعلاج الظواهر، فلن نستطيع أن نقضي على الآفة الخطيرة التي تهدد العالم أجمع».
وحول التعليق على أحكام القضاء، أكد المفتي أنه لا توجد محاكمات ذات توجه سياسي، وأن جميع المحكمات تجري في إطار سيادة القانون، وأن القضاء مستقل والمحاكمات تتم بعد تحقيق قضائي متكامل، مشددا على ضرورة انفتاح العالم الإسلامي على العالم الغربي، وعلى حقائق العصر مع الحفاظ على ثوابت الأمة وتقاليدها، موضحًا ضرورة أن يُشكل المسلمون في الغرب قوة ضاغطة، ترفع صوتها مدافعة عن دينها وصورتها وهويتها وثقافتها بصورة حضارية، ضد حملات الإسلاموفوبيا التي زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة.
وأشار المفتي إلى أن وسائل الإعلام الغربية نظرت إلى أعمال فئة قليلة عالية الصوت مثيرة للقلاقل في العالم الإسلامي، واعتبروهم ممثلين لمعتقدات أغلبية المسلمين، زاعمين أن الإسلام دين أساسه العنف، وللأسف ساهمت الوسائل الإعلامية في تأكيد الرأي الخاطئ من خلال تناولها للإسلام.
وطالب المفتي بعدم الانجراف في تبني المُسميّات التي تطلقها التنظيمات الإرهابية على أنفسها، كمصطلح الدولة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية، لافتا إلى أنها تحاول أن تحصل على توصيف الدولة، رغم أنها ليست كذلك، كما أنها تحاول أن تلصق صفة الإسلامية إليها على غير الواقع؛ فلا هي دولة ولا تمت للإسلام بصلة.
وأوضح أن الجماعات الإرهابية تأتي بنصوص مبتورة من التراث، وتخرجها من سياقاتها لتحقيق أهدافها الدنيئة، مؤكدًا أن دار الإفتاء تفضح الانحرافات الفكرية وتفندها من خلال مرصد التكفير.
وحول مواجهة ظاهرة الخوف من الإسلام «الإسلاموفوبيا» أكد أن ذلك يتطلب تضافر جهود المؤسسات الإسلامية المعتدلة في الغرب، مع المؤسسات الدينية المعتبرة في الدول الإسلامية كالأزهر الشريف، باعتباره المرجعية الأولى للعالم الإسلامي، ولأنه الجهة المختصة بالحديث في شؤون الإسلام، ولأن لديه أدوات وإمكانات مخاطبة الغرب ولديه المصداقية والقبول لدى المسلمين وغير المسلمين.
ودعا المفتي الأوروبيين إلى تكثيف الحوار بين الأديان والثقافات والنهوض بمبادئ السلام والحرية والمساواة والأخوة، من أجل مواجهة أولئك الذين يُريدون فرض الإرهاب والهمجية على العالم، مشددًا على أن الفهم الخاطئ للإسلام والأفكار المسبقة عن المسلمين تدفع بالبعض إلى ارتكاب أعمال معادية للإسلام، وتزيد من العنصرية تجاه المسلمين.
وطالب بصناعة خطاب دعوي عصري واقعي ومقاصدي، قادرًا على صياغة وتكوين فكر المسلم الأوروبي، بما يجعله قادرًا على أن يكون مواطنًا أوروبيًّا إيجابيًّا، يعتز بدينه ولغته وهويته، وينتمي لوطنه الأوروبي، ويسهم في بناء حضارته في ضوء نصوص الشرع وأحكامه.