وبالفعل حان موعد الأختبار الحقيقي لطلاب ثورة التحرير، وذلك بعد فترة مذاكرة ومراجعة لم تستغرق كثيراً. الأسئلة معروفاً سلفاً، وإجاباتها أيضاً! لذلك لم يزعجني أختلاف الآراء الحاد بين المؤيدين والمعارضين، ففي آخر المطاف سيدخل كل مواطن ليعبر عن رأيه بحرية لكن توجسي كان من المراقبين والعاملين في الكنترول "السري"، فهم دأبوا طوال العهد البائد على "تظبيط" أوراق التصحيح، وتعديل "النسب" بحسب تعليمات رئيس الكنترول. وكأي طالب فرغ من أمتحانه وخرج من اللجنة، يبقى المواطن في حالة من الترقب لمعرفة مصير ورقة إجابته، ويظل يدعو الله العلي القدير أن يكون مزاج المصححين "عنب" وهم يصححون ورقته! وكأي طالب ذاق الويلات دفاعاً عن درجاته الحقيقية التي "فبركها" الكنترول محاباة لابن سعادة فلان بيه، يتمنى المواطن أن تخرج النتيجة معبرة عن الأصوات الحقيقية التي شاركت في الاستفتاء دون تزييف أو تلاعب. كان للسياسيين والمفكرين والكتاب دور بارز في تعبئة الرأي العام تجاه التعديلات الدستورية، والكثيرون ملؤوا الدنيا صراخاً للتأثير على المواطن تحت ستر الدين والواجب الشرعي والشعارات المصكوكة كمحاربة العلمانية وقوى العمالة .. إلخ. لكن العبرة الحقيقية هي بالصرخات الفسفورية داخل لجان التصويت، دونما خوف أو إرهاب. وأياً كانت نتيجة هذا الاستفتاء، فعلينا جميعاً أن نعي أن عهداً جديداً قد بدأ في مصر لا صوت يعلو فيه فوق صوت الفسفور!