هنا الجامعى.. والهارب.. والمطلّق

فشل كمحاسب ويخجل من «المخبر»
بعد العناء الشديد للحصول على كراسة الشروط الخاصة بالمتقدمين لشغل وظيفة «معاون أمن» التى تم استحداثها مؤخرا، دقق «سمير» خريج كلية التجارة، بجامعة عين شمس فى الشروط الواجب توافرها، قبل أن يتوقف عند شرط ضرورة الحصول على الشهادة الإعدادية للتقدم لشغل الوظيفة قائلا: «عمرى ما كنت أتخيل إنى أشتغل شغلانة زى دى، بس أكل العيش مر، والحياة صعبة، وما فيش فرص فى أى مكان».
يجلس «سمير» الذى طلب عدم ذكر اسمه بالكامل على أحد المقاهى الشعبية القريبة من مصلحة التدريب بوزارة الداخلية لإعادة النظر فى جدوى التقدم لوظيفة لا تحتاج سوى مؤهل أقل من المتوسط.
يقول بعد تذكر سنوات الدراسة الجامعية، وأحلام الحصول على وظيفة فى «شركة قطاع خاص»: «أنا المفروض أطلع أشتغل محاسب، بس كل لما أروح أقدم على وظيفة ألاقى الشركات عايزة ناس عندها خبرة من 3 إلى 5 سنوات، وما حدش راضى يوظف حديثى التخرج، والمبتدئين فى المحاسبة».
يصمت «سمير» محاولا التغلب على شعور الخجل من التقدم لتلك الوظيفة مع من يرى أنهم أقل منه اجتماعيا ودراسيا، يقول: «مش عارف لو قبلت فى الوظيفة هقول للناس إيه، الناس اللى تعرفنى عارفة إنى بقالى سنة بدور على شغل فى المحاسبة، وأنا هاتكسف بعد كده أقول للناس إنى شغال مخبر فى الداخلية، بس بردوا أكل العيش مر».
فر من التجنيد إلى نار الشرطة
بعد قضاء ساعتين فى الطابور، انتظارا للدخول إلى مصلحة التدريب لوزارة الداخلية الواقعة فى منطقة عين شمس، لسحب كراسة الشروط للتقدم لشغل الوظيفة التى تشترط ألا يكون المتقدم لها مجندا بالقوات المسلحة وقت التقديم، شعر (ر. ع) الذى طلب الاكتفاء بذكر الحروف الأولى من اسمه، خوفا من فشل مخططه فى التحايل على الشرط الوظيفى وإخفاء حقيقة وجوب تقديم أوراقه للتجنيد فى القوات المسلحة، بالسعادة بسبب اقتراب تحقيق هدفه:
«أنا المفروض أقدم كمان كام شهر أوراقى للتجنيد، بس أنا عرفت من خلال حد قريبى فى الشرطة إن اللى هيتم اختياره فى الوظيفة مش هيتاخد فى الجيش لقضاء فترة التجنيد الإجبارى». يتحدث عن استثناء المقبولون فى الوظيفة من أداء الخدمة العسكرية، وفقا لأحكام القانون 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية، بشرط قضاء مدة ثلاثة عشر عاما فى خدمة الشرطة المصرية.
يستكمل (ر) الذى حضر من ضواحى منطقة الجيزة للتقديم- شرح وجهة نظرة قائلا: «أنا معايا شهادة إعدادية، ولو رحت الجيش هقضى سنتين من عمرى من غير أى فائدة لى أو للبلد، لكن هنا ممكن أستفيد وأفيد البلد، ومش أنا بس اللى عاوز أعمل كده، فى ناس كتير أعرفهم بيعملوا كده علشان نضمن الحصول على مقابل مادى، وعدم الحاجة للغربة عن الأهل والأصدقاء».
طلّق زوجته بسبب الشرط السابع
«يشترط على المتقدم ألا يكون متزوجا».. هكذا جاء الشرط السابع من الشروط العشرة للالتحاق والتقدم لشغل وظيفة معاون أمن، المستحدثة من قبل قطاع شؤون الأفراد بوزارة الداخلية والتى علم بها عبدالمنعم (تم تغيير الاسم بناء على طلب منه)، منذ أسبوع عن طريق أحدى البرامج التليفزيونية التى كان يشاهدها فى بيته منفردا بعد خلافات مع زوجته، الأمر الذى دفعة بسبب عدم وجود عمل له للتفكير فى تطليق زوجته لتجاوز العائق الوحيد له فى طريق التقدم للوظيفة:
«فى الأول كانت فكرة تطليق مراتى غريبة شوية، بس بعد يومين من التفكير قررت أعمل كده عشان ألحق أقدم على الوظيفة، وبعد كده يبقى ربنا يحلها من عنده»، وأثناء وقوفه أمام معهد تأهيل ضباط الصف وجنود الشرطة بمنطقة جسر السويس، إحدى مناطق التقدم لشغل الوظيفة، يضيف بعد ابتسامة ساخرة: «الجواز بدرى كان بطلب من أبويا، بس أنا مستريحتش فيه، وعشان كده خدت القرار ده فى الآخر». الحصول على امتيازات رجال الشرطة، والحق فى الترقى والاستفادة من صندوق الزمالة بالشرطة، دفعته للمضى قدما فى قرار تطليق زوجته التى لا تزال مذهولة من القرار هى وعائلته- حسبما يقول- للحصول على الوظيفة التى لم يجد غيرها منذ أن ترك الدراسة بعد مرحلة الإعدادية وفشله منذ ذلك الحين فى الثبات بوظيفة واحدة لأكثر من شهور، قبل أن يرى أن حلم الوظيفة أهم من الاستقرار العائلى.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة