وزير الخارجية السوري: الشرع وترامب يؤكدان دعم وحدة سوريا وإعادة إعمارها    رئيس برشلونة: فليك ظاهرة ويامال عبقري    "هشام نصر" يُعلق على أزمة زيزو بنهائي السوبر ويكشف موقف الزمالك    عمرو أديب: المتحف الكبير ليس مكانًا لأي شعائر دينية أو سياسية    استشاري المناعة: الفيروس المخلوي خطير على هذه الفئات    إقبال متزايد فى الأقصر |ناخبو «العشى» يرفعون شعار «لجنة واحدة لا تكفى»    نجم الزمالك يزين قائمة منتخب فلسطين ب معسكر نوفمبر    التحفظ علي مقاول ومشرف عقب سقوط سقف علي عمال بالمحلة الكبرى    الصين: نتوقع من أمريكا الحماية المشتركة للمنافسة النزيهة في قطاعي النقل البحري وبناء السفن    القاهرة السينمائي يعلن القائمة النهائية لبرنامج الكلاسيكيات المصرية المرممة    مستشار البنك الدولى ل كلمة أخيرة: احتياطى النقد الأجنبى تجاوز الحد الآمن    "مجتمع المصير المشترك".. الصين وأفريقيا تعززان شراكتهما بأدوات قانونية متطورة    9 أصناف من الخضروات تساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين النوم    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020    كشف حساب صفقات الزمالك 2025 بعد خسارة السوبر.. ثنائى ينجو من الانتقادات    وزارة الداخلية السعودية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    مراسل إكسترا نيوز ل كلمة أخيرة: لجان المنيا شهت إقبالا كبيرا حتى ميعاد الغلق    الداخلية تكشف حقيقة «بوست» يدعي دهس قوة أمنية شخصين بالدقهلية    استجابة سريعة من الداخلية بعد فيديو تعدي سائق على والدته بكفر الشيخ    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    «هنو» فى افتتاح مهرجان «فريج» بالدوحة    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    منتخب الكاس شرفنا يا ناس    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    كرة سلة - الكشف عن مواعيد قبل نهائي دوري المرتبط رجال    رئيس الوزراء يوجه بتعظيم الإيرادات الاستثمارية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    مصابان وتحطيم محل.. ماذا حدث في سموحة؟| فيديو    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيلسون مانديلا.. محامي الحرية الراقد في سلام (بروفايل)
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 07 - 2014

أحب نيلسون مانديلا حياة الاستقلال ورفض تقييد حريته حتى ولو كلفه الأمر البقاء في السجون أكثر من 20 عامًا، فالمهم عنده كسر «العبودية والاستبداد» وأداء واجبه نحو شعبه، وبعدها يستطيع بعد رحلة حياة استمرت 95 عامًا أن «يرقد في سلام»، كما جاء في حسابه على «تويتر»، بعد إعلان نبأ وفاته، منذ عام، الذي جاء بعد فشل علاجه من عدوى في الرئتين، التي تسببت في قضائه 3 أشهر في المستشفى.
عملة نادرة تتميز بوجهين أحدهما يحمل صفة التواضع، والآخر يعيش بكبرياء الملوك.. هكذا يراه المقربون الذين خطفتهم شخصيته ببشرتها السوداء وملابسه الأنيقة ذات الألوان المزركشة.
«دوليهلاهلا».. أو نيلسون مانديلا، المولود في 18 يوليو من 1918، اعتنق السير على مبدأ استعادة كرامة كل مواطن بغض النظر عن بشرته أو جنسه.
ويحكي «مانديلا» عن اسمه الذي تعرفه به قبيلته «ثمبو»، وهو «دوليهلاهلا» ومعناه المشاغب، فيشير إلى أن أقاربه وأصدقاءه يرون سبب الزوابع التي واجهها في حياته يعود إلى اسمه، الذي صنع قدره.
القضية: خدمة الشعب
رفع «مانديلا»، الذي ولد في قرية «مفيزو» بمنطقة ترانسكاي في جنوب أفريقيا، شعار «خدمة الشعب»، وأدرك منذ شبابه أن لكل إنسان قضية ولكل قضية ثمن ولكل ثمن جائزة.
كانت قضية «مانديلا» التمرد من أجل قضية عامة تتلخص في إنهاء نظام «الأبارتايد»، وهو ما يعني «الفصل العنصري»، فالسلطة في بلاده كانت محتكرة من قبل أقلية كل حظوظهم في الدنيا أنهم يتمتعون ببشرة بيضاء.
نظام «الأبارتايد» العنصري اعتمد على سيطرة أهل البشرة البيضاء في جنوب أفريقيا على أقرانهم من أبناء البشرة السوداء، الذين حُرموا من حقوقهم السياسية بل الاجتماعية، فلا حق لهم في المسكن، ويمكن أن تذهب ملكيتهم إلى شخص أبيض إذا أراد ذلك، ولا عزاء لصاحب الحق إن كانت بشرته سوداء.
حمل «مانديلا» المسؤولية منذ نعومة أظافره، فعندما وصل قطار عمره للمحطة التاسعة ترك والده الحياة، وكان عليه أن يحل محله رئيسًا لقبيلة «ثيمبو»، وفقا لتقاليد القبيلة.
جنوب أفريقيا عانت في ظل نظام «الأبارتايد»، أو بالأحرى كانت المعاناة لدى أصحاب البشرة السوداء، فهم على سبيل المثال محرومون من التعليم، لكن الحظ أسعف «مانديلا»، وبصحبته عدد من الأطفال ذوي البشرة السوداء بالتعليم ليكون أول طفل من عائلته يلتحق بقطار التعليم، وأطلق معلمه اسم «نيلسون» عليه ليُعرف به حتى الممات.
ثمن «النضال»
«أصبحت محاميًا، وكان عملي كثيرًا ما يجعلني أشعر بأن اختياري صحيح».. كلمات يكتبها «مانديلا» في مذكراته «مسيرة طويلة نحو الحرية»، يفسر خلالها أوضاع مجتمع كان أصحاب البشرة السوداء تطاردهم الاتهامات، ويعيشون المأساة في كل مكان، فالجريمة تلحق بهم إذا دخلوا من باب مخصص لذوي البشرة البيضاء، فجريمة أن تركب حافلة للبيض، وجريمة أن تسير على شاطئ للبيض، وجريمة أن تستعمل صنبورًا للمياه يملكه صاحب بشرة بيضاء.
يروي «أبوالشعب» أو «بطل الأمة» رحلته مع رفاقه لهدم نظام «الأبارتايد» العنصري، فيكتب: «كانت عقيدتنا هي خلق أمة واحدة من القبائل، وإسقاط سيادة البيض، وإنشاء حكومة ديمقراطية».
بدأ «مانديلا» رحلة السياسة في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، المعارض لسياسة التمييز العنصري، عام 1944، وبمرور 8 سنوات تولى مسؤولية جناح الشباب للحزب، وآنذاك افتتح أول مكتب محاماة لذوي البشرة السوداء في جنوب أفريقيا عام 1952، وهو نفسه العام الذي أصبح فيه نائبًا لرئيس الحزب.
كان عام 1952 يحمل شعار «حملة التحدي»، التي تولى «مانديلا» رفع رايتها فطاف أرجاء أرضه السوداء يغذي لدى عقول أقرانه ضرورة التمرد على قوانين التمييز العنصري، فيأتي رد الحكومة البيضاء بمنعه من مغادرة «جوهانسبرج» لمدة 6 أشهر.
قاوم «مانديلا» الفصل العنصري بين أبناء وطن واحد بنضال سلمي، على نهج «غاندي» في الهند، تعلم شجاعة لا تعرف الانتصار إلا بهزيمة الخوف، أدرك لغة التضحية من أجل قضية، فكان عليه أن يدفع الثمن بداية من الستينيات في القرن الماضي، حيث تعرض متظاهرون سلميون خرجوا إلى الميادين، اعتراضًا على العنصرية، للقتل بسبب بطش الدولة، الذي حصد أرواح العشرات.
هنا تحولت دفة السلمية لدى «مانديلا» فقرر اللجوء للسلاح، وأصبح رئيسًا للجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وثارت زوبعة في جنوب أفريقيا نتج بعدها حكم بالسجن 5 سنوات بتهمة التدبير للإضراب والسفر غير القانوني، ليبدأ دفع ثمن القضية، التي يكافح من أجلها، فيأتيه حكم آخر عام 1964 منطوقه: «السجن مدى الحياة».. والتهمة: «خيانة عظمى، وتخطيط لعمل مسلح».
لم يلق «مانديلا» بالا لحكم السجن مدى الحياة، بل وقف يحث المؤمنين بفكرته على الاستمرار في الضغط من أجل تحويلها إلى واقع حتى ولو السلاح، بينما سعت السلطة لتشديد قبضتها عليها بتعذيبه داخل السجن، حتى يتوقف عن بث أحلامه في نفوس من يناصره، حيث يدعوهم إلى «مقاومة مسلحة» ل«سحق الفصل العنصري».
جائزة «مانديلا»
فشلت السلطة في اضطهاد «مانديلا»، فلاعبته بصك الحصول على الحرية مقابل وقف المقاومة المسلحة عام 1985، وكان الجواب لديه: «الأمر مرفوض»، والمقبول لديه كسر عنق العنصرية، وإحياء المساواة، والعدل في وطنه.
دخلت القوى الدولية بعد 5 سنوات على خط المعركة بين البيض والسود في جنوب أفريقيا، وهي تريد نصرة «مانديلا»، ومنح قبلة الحياة له، بعدما سلبت عنصرية «الأبارتايد» حريته.
لم يجد رئيس جنوب أفريقيا، فريدريك وليام دي كليرك، سوى حل وحيد في يده مؤداه أن يفرج عن «مانديلا»، لإعلان بدء إنهاء التناحر العنصري بين البيض والسود، وخرجت جنوب أفريقيا لتستقبل المناضل الباحث عن حرية بني وطنه، فكان ثمن ما حاز عليه بعد 28 عامًا حصوله على جائزة نوبل للسلام عام 1993 مناصفة مع «دي كليرك».
بعدها أصبحت عتبات سلم الرئاسة قريبة من أقدام «مانديلا»، سجين كافح من أجل فكرة علنًا دون مواربة، وبعيدًا عن العمل السري، فيحظى بدعم شعبه عام 1994، ويصبح أول رئيس أسود منتخب في جنوب أفريقيا، ثم يودّع السياسة بعد 5 سنوات، عمل خلالها على إصلاح منظومة حكم كانت قبضة البلاد تحتكرها الأقلية ولا عزاء للأغلبية السوداء.
ورفعت الولايات المتحدة اسم المناضل الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا من «قائمة الإرهابيين» عام 2008 بقرار من الرئيس السابق جورج بوش.
«مانديلا» أنشأ فور وصوله للحكم لجان «الحقيقة والمصالحة»، وضم إلى عضويتها المؤيدين والمعارضين لنظام «الأبارتايد»، ومهمة تلك اللجان التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، التي ارتكبت من قبل.
«كان هناك شيء لا يسر، وهو أنهم رفعوني إلى منزلة المسيح».. نطق هذه الكلمات في سره، وهو ينظر للآلاف من أقرانه السود، الذين تجمعوا وهم ينادون اسمه بحفاوة، ويستقبلون في الوقت نفسه تعاليمه بصدر رحب، فيخشى أن ينقلب ما تراه عيناه إلى غرور يضرب قلبه، لكنه ثابت على مبدئه حتى لو أعيدت الكرّة مرة أخرى، فيقول: «اخترنا المعركة وأعيننا مفتوحة، ولم تكن لدينا أوهام أن الطريق سيكون سهلًا، وعن نفسي لن أندم أبدًا على التزامي بالمعركة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.