لم يتعد ال 7 سنوات من العمر، بينما أحرقت الشمس وجهه من كثرة التجول اليومى بين أكياس القمامة المتراكمة حول برج الضغط العالى الموجود فى منطقة المحولات بحى الهرم والذى يبعد حوالى 100 متر عن محطة الكهرباء الرئيسية، حاملا على ظهره «جوالا» يمتلئ بالعلب الصفيح الفارغة التى يعمل طوال اليوم على جمعها. يقول ياسر ممدوح، جامع قمامة وأحد سكان المنطقة: «أنا ساكن هنا وبلعب هنا وبشتغل هنا». يضيف: «أنا وأصحابى المغربية بننزل نلعب حوالين» الضغط «(أبراج الضغط العالى) وبنقعد على المصطبة بتاعتها فى الهوا حتى العشاء». وفيما يمر بجواره سالكا طريقه إلى ورشة عمله، التى تبعد بضعة أمتار قليلة عن مكان سكنه الذى يجاور أعلى برج ضغط فى المنطقة، رجل يدعى عرفة السمكرى، هو «سمكرى المنطقة»، يقول: «مفيش حد بيسأل فينا هنا من الشرطة أو من المسؤولين لكن الدنيا هنا أمان هى بس بتتحول لوكر يتجمع فيه البلطجية ومدمنو المخدرات ليلا». يتذكر: «منذ حوالى 3 سنوات، جاء لنا موظف فى شركة الكهرباء ليطلب من سكان المنطقة أن نرشح له شخصا يكون مسؤولا عن حماية برج الضغط من السرقة مقابل راتب شهرى صغير وبناء غرفة خاصة، رفضنا وقلنا له نحن أولاد المنطقة ونستطيع تأمينها والحفاظ عليها، رحل ولم نره مرة أخرى منذ هذا الحين، وأصبحنا نحن المسؤولين فعليا عن البرج»، موضحا: «ما هو إحنا اللى مسكنا العيال اللى كانوا عايزين يفجروا البرج قبل كده ووديناهم قسم الشرطة واحنا اللى بنأمن كل حاجة هنا». يضيف: «لا أحد من شركة الكهرباء يهتم بهذه الأبراج أو يجرى عمليات صيانة لها. قبل عدة شهور أغرقت المنطقة مياه الصرف الصحى وهو ما أدى إلى صدأ جسم البرج، ليحضر بعدها موظفون وقاموا ببناء مصاطب أسمنتية كى تمنع وصول المياه إلى جسم البرج، طلبنا منهم سحب مياه الصرف التى تغرق المنطقة لكنهم رفضوا، ولم يهتم أحد بسحب مياه الصرف المحيطة بالمنطقة، وهو ما أجبر سكان المنطقة على تجميع الأموال لسحب المياه من حول الأبراج وداخل المنازل». يستكمل عرفة، الذى يدرك أن الأبراج مصدر خطورة لا يعرفها نوعها على صحته: «ليلا يكون صوت زن الكهرباء فى البرج عالى جدا من شدة ضغط الكهرباء، لكننا اعتدنا عليه. نحذر أولادنا من الصعود أعلى المصاطب ونقول لهم العبوا على المصاطب فقط.. فنحن نخاف على حياتهم»، يستطرد: «إحنا نفسنا المكان هنا ينظف من الزبالة اللى متجمعة فيه، رغم وجود 3 مدارس حكومية جنب الأبراج». فى محطة محولات الهرم، يعمل على أحمد، حصل على وظيفته فى المحطة كفرد أمن مدنى، تنقل فى عدد من محطات المحولات الكهربائية مثل وادى حوف وجنوب التبين فى منطقة حلوان وأخيرا محولات الهرم. يقول: «الدنيا هنا أمان ولا تحدث أى حالات سرقة إلا فيما ندر، فكل مكان لا بد أن تحدث به حالات سرقة من حين لآخر، لكن المفروض يكون جانبى دائما فرد أمن مسلح من وزارة الداخلية تحسبا لأى اعتداء»، يضيف: «موضوع سرقة نحاس أبراج الكهرباء ليس بالأمر الهين، فلصوص النحاس يحتاجون مراقبة الأبراج لفترة كبيرة حتى يعرفوا ساعات فصل التيار الكهربائى عن الأبراج لأنه إذا صعد البرج وهو يعمل، سيصعق فى الحال ويموت. الحرامية بيبقوا عارفين إن ساعات الفصل دى بتبقى ساعات راحة وليست مؤمنة، وهى الساعات التى دائما ما يتم فيها السرقة».