هنا «بهتيم» واحدة من مناطق مدينة «شبرا الخيمة»، لا يتجاوز عرض شوارعها المترين، مبانيها لا يتجاوز ارتفاعها فى أحسن الأحوال الثلاثة أدوار، وهو الارتفاع الذى التزم به سكان المنطقة ليس بمبادرة منهم وإنما إجباريا بسبب عبور أسلاك الضغط العالى فوق المنازل. على قدر خشية السكان من خطر السلك على قدر حرصهم على حماية البرج الحديدى الحامل له، خشية انهياره فوق منازلهم. البرج الذى أقيم قبل عقود، تنحصر صيانة شركة الكهرباء له فى مسح وتنظيف أسلاكه الباعثة للتيار، أما هيكله الحديدى فلم يتم تغيير أى جزء من معدنه على مدار هذه السنوات. شهادات الأهالى عن إهمال الشركة صيانة الأبراج تؤكدها الصور التى التقطتها عدسات الجريدة، حيث تتناثر أكوام القمامة أسفل البرج الذى تحول إلى مقلب لجمعها وفرزها، يعلوه مظلة عبارة عن حصيرة بلاستيك مربوطة من أربعة جوانب فى أطراف البرج، كى يستظل العمال أسفلها أثناء الفرز. يؤكد الأهالى اشتعال النيران بها بسبب سقوط شرر من أسلاك البرج، وفى تلك الحالة يهرول الأهالى للسيطرة على الحريق وإنقاذ المنطقة. تقول أم أكرم، ربة منزل من سكان المنطقة: «كل اللى الشركة بتعمله إنها بتيجى تمسح الأسلاك بعد فصلها بقماشة وتمشى، وده لما بيكون فى عطل». ف«كثيرا ما يحدث شرر فى الأسلاك لدرجة أنها بتضرب، والشرر يتساقط منه رماد أسود، يحرق جلد الأطفال حال تعرضوا له». صوت شرر الماس الكهربائى المنبعث من الأسلاك يسبب حالة من الفزع ويدفعهم للاطمئنان على حالة البرج خوفا من سقوط الأسلاك على رؤوسهم. محروس محمد، أحد السكان: «مش بنخلى حد يرش جنب البرج مياه، لأنه حديد وممكن يصدى، وكفاية عليه مياه المطر، ولا بنسمح لحد إنه يفكر يسرق أى حاجة من إجزاء هيكله الحديدى، خصوصا إن عمرنا ما شوفنا حد جاى يدهنه أو حتى ينظفه». لا يرى محمد حلا للبرج سوى إزالته: «لو فعلا فى صيانة بتتعمل للأبراج هتلاقى أنه من باب أولى إزالتها خاصة بعد ما حررت محضر رسمى بالحريق اللى حصل فى شقتى وقضى على كل ما فيها من مفروشات وأجهزة كهربائية، إحنا بيجى علينا وقت بنهرب بأولادنا من الخوف».