رئيس جامعة الأزهر يعلن افتتاح كلية جديدة للتمريض في العالم الدراسي المقبل    البابا تواضروس: مصر تعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولوياتها    محافظ سوهاج: خلق محاور مرورية جديدة تسهم في تخفيف الزحام    إعلام إسرائيلي: الجيش سيبدأ الليلة في هدم 106 بنايات بالضفة    الدفاع الروسية: إسقاط تسع مسيرات أوكرانية في أجواء مقاطعتي بيلجورود وكورسك    الزمالك يستعد لمواجهة سيراميكا كليوباترا دون راحة    منتخب سلاح الشيش رجال يحقق المركز الرابع بكأس العالم في كندا    «حقنة دون وصفة طبية».. حيثيات الحكم على صيدلي وعاملين تسببوا في وفاة شاب    هل بدأ الصيف؟ بيان الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة (عودة ارتفاع درجات الحرارة)    تجديد حبس قاتل زوجته في المنيا لمدة 15 يومًا    نجوم الوسط الفني يحتفلون ب«الزغاريط» في حفل زفاف رنا رئيس| صور    ليلى علوي تقدم واجب العزاء في المنتج الراحل وليد مصطفى    بمباركة أمريكية.. ما دور واشنطن في الضربة الإسرائيلية الأخيرة على الحوثيين؟    "ابدأ حلمك" يواصل تدريباته فى قنا بورش الأداء والتعبير الحركى    محمد عشوب: عادل إمام لم يصبه الغرور    وكيل صحة المنوفية: فرق مكافحة العدوى خط الدفاع الأول داخل المستشفيات |صور    شولتز: ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين    المغرب وموريتانيا يبحثان ترسيخ أسس التعاون جنوب-جنوب ومواجهة التحديات التنموية    تصعيد عسكري في غزة وسط انهيار إنساني... آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    التصريح بدفن جثتين طفلتين شقيقتين انهار عليهما جدار بقنا    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    أسرار حب الأبنودى للسوايسة    وزير الرياضة يهنئ المصارعة بعد حصد 62 ميدالية في البطولة الأفريقية    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    جامعة العريش تستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    "الجزار": انطلاق أعمال قافلة طبية مجانية لأهالي منطقة المقطم.. صور    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    «هكتبلك كل حاجة عشان الولاد».. السجن 10 سنوات لمتهم بإنهاء حياة زوجته ب22 طعنة    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    "قومي حقوق الإنسان" ينظّم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    هيئة الصرف تنظم حملة توعية للمزارعين فى إقليم مصر الوسطى بالفيوم    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    إعلام إسرائيلى: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق فى أحداث 7 أكتوبر    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «حلم منذ 100 عام».. ترامب: سنبني قاعة رقص عالمية في البيت الأبيض    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة القائمة المطلقة
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 05 - 2014

لا أعرف سبباً واحداً وراء التعجل فى إصدار قانون الانتخابات البرلمانية فى الأيام القليلة المتبقية من مدة الرئيس الانتقالى، ولا أعرف سبباً موضوعياً أو قانونياً واحداً يحول دون ترك الأمر للرئيس القادم ليقرر بالتشاور مع القوى السياسية شكل القانون الذى يجب إصداره.
هى بالتأكيد كارثة حقيقية، بعض ما يطرح الآن بخصوص القانون المزمع وضعه الذى غاب عنه الحس السياسى، ووضع أساساً لبرلمان إقصائى يستبعد كتلاً تصويتية قد تمثل أغلبية المجتمع، كما أن شكل تفصيل القانون الحالى يعيدنا للطريقة المباركية الشهيرة فى الإغراق فى التفاصيل والتفاصيل دون امتلاك أى رؤية سياسية واجتماعية تحدد ملامح القانون.
البعض لديه وهم أنه يمكن تفصيل قانون انتخابات على مقاس تيار أو قوة سياسية بعينها، وهذا لا يحدث إلا فى النظم التسلطية والاستبدادية، فالقوانين تكتب من أجل الصالح العام وتقدم للمجتمع من أجل أن تدفعه خطوات للأمام.
إن الحديث عن قانون لصالح التيار المدنى وهم كبير لأنه لا يوجد أى قانون سواء قائمة أو فردى يمكن أن ينقذ تياراً بعينه من أزمته، ويعزز من فرص نجاحه دون أن يقوم بعمله فى بناء مشروعه السياسى والحزبى واختيار أعضائه ومرشحيه وضبط خطابه السياسى والإعلامى، وليس البحث عن قانون تفصيل يتصور واهماً أنه سينقذه مما هو فيه. والمؤكد أن فى مصر جدلاً ممتداً حول القانون الأمثل للانتخابات، وهل الأنسب هو تبنى نظام الفردى أم نظام القوائم، وهل الأول يكون مطعماً بقوائم أم لا؟
والحقيقة أن انحيازنا منذ زمن بعيد للنظام الفردى المطعم بقائمة نسبية على مستوى المحافظات يرجع إلى أن نظام القائمة 100% الذى تتحدث عنه بعض القوى السياسية هو نظام متخيل لا علاقة له بالواقع المعاش، ويأتى فى إطار خطاب «الينبغيات» والأمانى الطيبة الذى اعتاد البعض ترديده، حين اعتبر أن تقويه الأحزاب ستبدأ بتبنى نظام القائمة بشكل كامل، وهو أمر غير صحيح بالمرة لأن القائمة ستخبئ نقاط ضعف الأحزاب وستكرس أوضاعها السلبية.
إن عماد العملية الانتخابية يجب أن يكون النظام الفردى لدوائر مساحتها معقولة (نائب لكل 400 ألف ناخب تقريباً) حتى لا يتحول النائب إلى مجرد مخلص لبعض مشاكل دائرته اليومية، وأن تطعيمه بالقوائم لن يكون بغرض خلق نظام مختلط (سمك لبن تمر هندى) إنما سيكون من أجل فتح الباب لمعالجة بعض المثالب الوارد حدوثها جراء انتخابات 100% فردى.
تبقى مشكلة الفردى الرئيسية أنها قد لا تسمح بمرور الأعداد الكافية من الخبراء والأكاديميين الذين يجب أن نراهم فى مجلس الشعب، ونفس الأمر ينسحب على المرأة والأقباط والشباب، ولذا من المهم تطعيم النظام الفردى بنسبة ثلث قوائم (بحد أقصى) على مستوى المحافظة وليس الدائرة، ولا الجمهورية كلها.
إن قائمة المحافظة النسبية تعنى عملياً أن تتواصل التيارات السياسية القاهرية مع المحافظات، وأن تعمل على خلق وجود حقيقى لها خارج القاهرة، وألا تستسلم لمقولة إن هناك محافظات ستختار التيار الإسلامى، فأفضل أن نتجه إلى القائمة الوطنية، لأن الحل سيكون بالعمل الجاد لمواجهة التأثير الإخوانى فى المحافظات بالسياسة وبتقديم مرشحين لهم تأثير حقيقى فى محافظاتهم لا أن يهرب البعض من تحمل المسؤولية ويتحدث عن قائمة وطنية تدار فى المركز وتنسى الأطراف.
إن كارثة القائمة الوطنية مزدوجة، فهى من ناحية تعزل التيارات المدنية عن التأثير والتنافس الحقيقى فى المحافظات وتكرس الوضع النخبوى الذى تعانى منه منذ عقود وتسلم الصعيد ومعها محافظة الفيوم لنفوذ التيار الإسلامى.. فيا فرحتى أن تكون هناك قائمة وطنية تعد فى القاهرة وتفوز فى الانتخابات وتكون منعزلة تماماً عن الواقع وتساهم بذلك فى تسليم محافظات الصعيد تسليم مفتاح للتيار الإسلامى الذى سيعبئ قواعده ضد العملية السياسية والبرلمان ومعه كل المحبطين والخاسرين فى الانتخابات.
إن قوائم المحافظات لن تكون طريقاً لدخول التيار الإسلامى إلى البرلمان، كما يتوهم البعض، إنما مسار حقيقى لربط نخب الأحزاب المدنية القاهرية بالمحافظات، وأن يكون البرلمان معبراً بدرجة معقولة عن القوى الاجتماعية المختلفة فى المحافظات.
أما الكارثة الثانية فهى نظام القائمة المطلقة الذى يعنى أن القائمة التى ستحصل على 51% من الأصوات ستأخذ كل المقاعد وتلك كارثة مكتملة الأركان، فهل يعرف معدوا هذا القانون أن أبرز عيوب النظام الفردى أنه لا يمثل أصوات المرشح الذى حصل على 49% من الأصوات، لأن النائب هو فقط من حصل على أغلبية الأصوات ولو بفارق صوت واحد، وبالتالى فإن نظام القائمة حين وضع لم يكن من أجل تقوية الأحزاب، كما يردد البعض عندنا، إنما من أجل فتح الباب أمام تصويت نسبى لكل قائمة تمثل فيه أصوات الناخبين ولا تستبعد منه أصوات القائمة الخاسرة كما يحدث على المقعد الفردى فتمثل كل قائمة فى البرلمان حسب الأصوات التى حصلت عليها، 10% أو 30% أو 60% وهكذا.
ولنا أن نتصور شكل البرلمان القادم الذى يقصى بشكل مطلق كل الأفراد والقوائم الخاسرة، بما يعنى وجود برلمان إقصائى منفصل عن المجتمع، فالقائمة يجب أن تكون نسبية لتعالج مثالب النظام الفردى فى عدم تمثيل الحاصلين على 49% من الأصوات لا دفعهم فى الفردى والقائمة إلى العمل خارج العملية السياسية.
إن المسار السياسى الحالى يواجه تحديات أكبر بكثير مما يتصورها القائمون عليه، وأن طرح أفكار مثل القائمة الوطنية المطلقة التى تقصى القوائم الخاسرة، يحول الاستقطاب بين التيارات المدنية والإخوان وحلفائهم إلى استقطاب وحرب طاحنة بين القائمة المدنية الفائزة والقوائم المدنية الخاسرة.
إن هناك من يتصور معارك مصر هى فى معاركه الصغيرة، وينسى أو يتناسى أن هذا البلد فى حاجة إلى مسار إدماجى لا إقصائى يستبعد بالقانون المحرضين على العنف والممارسين له، ولا يخسر كل يوم أنصاراً جدداً بسبب تعامل البعض مع السلطة كغنيمة، والقيام بتفصيل وهمى للقوانين على مقاس نخب وأحزاب محدودة التأثير، وسنكتشف بأسرع مما يتصور البعض أن «المسار المفصل» سيخلق خصوماً قادرين على تعطيل العملية السياسية بصورة أكبر بكثير مما يتصور البعض.
إن النظام المقترح هو نظام يعتمد بالأساس فلسفة النظام الفردى ويقسم الدوائر الانتخابية بين مستويين: الأول هو الدوائر الفردية غير المتسعة التى تعتمد على مساحة الدوائر القديمة وربما أصغر قليلاً ( مابين 350 ألفاً و400 ألف ناخب) هنا يدخل الاعتبار الشخصى والسياسى فى اختيار الناخب الذى سيشعر هنا بأنه يختار نائبه دون وصاية أو «كنترول» حزبى أو مالى، والمستوى الثانى يعتمد على قوائم نسبية مفتوحة على مستوى كل محافظة وليس قائمة وطنية مطلقة ولا قائمة دوائر، كما جرى فى الانتخابات السابقة، أى تجرى فى محافظة القاهرة انتخابات بين قوائم تضم كل واحدة 15 مرشحاً مثلاً، وفى الجيزة 12 وفى أسيوط 8 والدقهلية 10 وهكذا يحدد عدد أعضاء القائمة وفقاً لعدد سكان كل محافظة، وفى حدود سقف الثلث بحد أقصى (والربع بحد أدنى) للقوائم.
أعيدوا النظر فى القائمة الوطنية المطلقة قبل أن يدفع الوطن كله ثمنها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.