كارلو أنشيلوتي.. الثعلب الإيطالي الذي افترس «تيكي- تاكا»

كارلو أنشيلوتي، هذا المدرب الهادئ المبتسم، أنيق كلاسيكي مع كل بذلة كاملة يرتديها، يعمل كثيرًا ويتحدث قليلًا، هاجمه كثيرون مع انطلاق مسيرته التدريبية في ريال مدريد مع بداية الموسم الحالي، فلم يكن النادي الملكي في أفضل حالاته خلال تلك الفترة، وظن أغلب عشاق الميرنجي أنه سيرحل سريعًا بعد تجربة لن تكون أفضل مما عاناه الفريق مع جوزيه مورينيو في السابق.
إلا أن الأمر انقلب رأسًا على عقب، فبدأ قطار الريال فى تجاوز عقبة تلو أخرى وتقدم في سباق الصراع على لقب الليجا الإسبانية رغم البداية غير المقبولة، ثم انتفض مع مراحل الموسم النهائية ليقتنص باقتدار لقب الكأس الملكية الأسبانية من غريمه اللدود، برشلونة، ولا زال يحمل آمال منطقية في خطف لقب الدوري الإسبانى من فم أتلتيكو مدريد العنيد، وها هو يتأهل بكل قوة واستحقاق للمباراة النهائية في دورى أبطال أوروبا، للمرة الأولى منذ 12 عامًا.
وجاء هذا التأهل إلى نهائى كبرى بطولات الأندية في العالم على حساب حامل اللقب، بايرن ميونخ، الرهيب الذي توقع له البعض قنص اللقب للمرة الثانية على التوالي، لكن كان رد الإيطالي صاحب ال54 عامًا قاسيًا للغاية، حيث تغلب على البافاري في إسبانيا بهدف نظيف قبل أن يسحقه وسط أنصاره برباعية مذلة لن ينساها أحد مطلقًا.
أنشيلوتى يمتلك شخصية تدريبية مميزة للغاية، وكان من الطبيعى أن يحتاج إلى بعض الوقت ليتأقلم لاعبو ريال مدريد مع أسلوبه، وهو ما وضح في المحطات النهائية لأغلب البطولات التي شارك بها، فرغم أن الفريق امتلك طوال المواسم الماضية كوكبة هائلة من كبار نجوم اللعبة فى العالم، إلا أن الكل لاحظ التطور فى أسلوب لعب الفريق مع كارلو أنشيلوتي الذي درب من قبل ستة فرق بينها ثلاثة من أكبر وأشهر أندية العالم يوفنتوس وميلان وتشيلسي، مرورًا بريجيانا وبارما في إيطاليا، وباريس سان جيرمان.
ولم يعد الفريق مع أنشيلوتي يعتمد على نجومية ومهارة البرتغالى كريستيانو رونالدو وحده، ولم يعد يلجأ إلى الدفاع البحت في مواجهة الكبار، بل استطاع كارليتو أن يجمع بين رونالدو والوافد الويلزي جاريث بيل، صاحب الصفقة الأغلى في التاريخ في قوام واحد مع الفريق، وأدار الإيطالي مبارياته باقتدار بعدما أعاد قدرات جناحي الفريق بشكل متوازن دفاعًا وهجومًا ليزيد من مساحة التحرك بالعرض في الملعب وهو ما يصعب من مهمة منافسيه.
ويهتم أنشيلوتي بدعم كبير في وسط الملعب بشكل يجعل من هجماته السريعة بمثابة أمواج متلاحقة لا تتحملها دفاعات أعتى الفرق الدفاعية فى العالم، ويلعب غالبًا برأس حربة واحد مانحا الحرية للأطراف خاصة مع إعادة اكتشافه للجناح الأرجنتيني الطائر أنخل دي ماريا، واستعاد معه الريال صلابة خط دفاعه، وبلا أي مشكلة مع حراس مرماه حتى مع تبادلهم الأدوار في مختلف البطولات، نظرًا لما يتمتع به من روح طيبة تجعله صديقًا للاعبيه، رغم أن بعض وسائل الإعلام تتحدث حول شخصيته الهادئة التى قد تكون إحدى نقاط ضعفه !
ومنذ توليه مسؤولية الإدارة الفنية لفريق ريال مدريد في يونيو من العام الماضي، أدار كارلو أنشيلوتي 56 مباراة للنادي الملكي، حقق الفوز في 45 منها بنسبة نجاح «80.36%»، تعادل في ست مباريات وخسر خمس، أحرز فريقه 151 هدفًا وتلقت شباكه 42 هدفًا، بفارق تهديفي إيجابي «+109»، ويحسب أنشيلوتي على فئة المدربين أصحاب الفكر الهجومى ويقدم أداءًا سريع الإيقاع في أغلب مبارياته .
أنشيلوتى بدأ مسيرته التدريبية عام 1995 مع ريجيانا وصعد به إلى دورى الدرجة الأولى الإيطالى، وعبر سنوات طويلة أدار كارليتو 904 مباراة مع كل الفرق التى قادها تدريبيا، حقق الفوز فى 521 منها بنسبة نجاح ( 57.63% ) وتعادل فى 220 وخسر 163،، سجلت الفرق معه 1598 هدفا وسكن مرماها 779 .
فاز بالعديد من الألقاب كمدرب، بدأها بكأس إنتر توتو الأوروبي 1999 مع يوفنتوس، ثم حقق مع ميلان لقب الدوري الإيطالي 2003/2004، كأس إيطاليا 2002/2003، كأس السوبر الإيطالى 2004، دورى أبطال أوروبا "مرتان 2002/2003 و 2006/2007"، كأس السوبر الأوروبي "مرتان 2003 و 2007" و كأس العالم للاندية .
وانتقل بعدها إلى تشيلسى الإنجليزى ليحقق معه لقب بريمييرليج وF.A Cup 2009/2010، ثم حقق لقب الدورى الفرنسى مع فريقه باريس سان جيرمان 2012/2013، وأخيرا قبل أسبوعين حقق أولى بطولاته مع ريال مدريد بالفوز بكأس ملك أسبانيا .
يذكر أن أنشيلوتى قد حقق لقب دورى أبطال أوروبا كمدرب وكلاعب بمسماه القديم، وولد فى ريجيولو بإيطاليا.. كان لاعبا بخط الوسط فى فرق بارما، روما وميلان، وحقق معها العديد من الألقاب، كما شارك مع المنتخب الإيطالي الأول فى كأس العالم 1990 ولعب مع الآزورى 26 مباراة سجل فيها هدفًا واحدًا .