سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025 فى البنوك الرئيسية    ننشر سعر الذهب اليوم الأربعاء 21 مايو 2025.. جرام 21 يسجل 4595 جنيهًا    شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية لمتوسطى الدخل.. بمساحات من 90 - 127 مترا    نهائي الدوري الأوروبي وكأس الرابطة.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    صحيفة عكاظ: نيوم قدم عرضا بقيمة 5 ملايين دولار لضم إمام عاشور    رئيس بعثة الحج: نعمل على راحة حجاج القرعة على مدار 24 ساعة    خارجية أستراليا: نشعر بالأسف إزاء التقارير بشأن المخاطر على الرضع فى غزة    مصرع وإصابة 39 شخصا في هجوم استهدف حافلة مدرسية جنوب غربي باكستان    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    38 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    مشاجرة وإطلاق نار فى الهواء دون إصابات بسوهاج.. والأمن يضبط المتهمين    طعنوه ب"مطواة".. تحقيق عاجل في مصرع صاحب مقهى بمشاجرة مع 3 أشخاص بكرداسة    قضية نوال الدجوي.. س: هل تتهمين أحدا بالسرقة ج: يرافقونني منذ عامين    "جيو تيان" تبدأ تجاربها 2025.. الصين تطلق أول حاملة طائرات مسيرة فى العالم    بوتين من كورسك: المسيرات تعد واحدة من المجالات الرئيسية التى نسعى لتطويرها    النسيان والذى منه!    إيهود أولمرت: ما تفعله إسرائيل بغزة يقترب من "جريمة حرب"    الليلة.. صراع بين توتنهام ومانشستر يونايتد على بطل الدوري الأوروبي    العملية استغرفت 5 ساعات.. استخراج مسمار اخترق رأس طفل في الفيوم- صور    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يختار تصميما لدرع القبة الذهبية    اليوم.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه    لينك و موعد نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    إسرائيل تواصل هجومها على غزة رغم الانتقادات الدولية    الخارجية الفلسطينية ترحب بالإجراءات البريطانية ضد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    هبوط كبير تجاوز 800 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 21-5-2025    ثلاثي الأهلي يجتاح قائمة الأفضل ب الدوري في تقييم «أبو الدهب».. ومدرب مفاجأة    أفضل وصفات طبيعية للتخلص من دهون البطن    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    أسطورة ليفربول: مرموش يمكنه أن يصبح محمد صلاح جديد    محمد معروف المرشح الأبرز لإدارة نهائي كأس مصر    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    مجلس الصحفيين يجتمع اليوم لتشكيل اللجان وهيئة المكتب    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    تحول في الحياة المهنية والمالية.. حظ برج الدلو اليوم 21 مايو    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    توقيع عقد تعاون جديد لشركة الأهلي لكرة القدم تحت سفح الأهرامات    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مديح الغراب
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 04 - 2014

في مقالة سابقة تناولت بعجالة الفكرة الذهنية المغلوطة المأخوذة عن الغراب، والتي تربطه بالأحداث السيئة وتعتبره من الطيور المشؤومة، وتتطير حينما تراه فجأة أو تسمع صوته الذي يطلق عليه النعيب، وذكرت أن وجوده في الكتب السماوية كافة جاء بوصفه معلمًا ومرشدًا لقابيل بن سيدنا آدم بعدما قتل شقيقه هابيل، واحتار في كيفية التصرف في الجثة، ثم ساق الله له الغراب الذي كان قد مات رفيقه في ذات الوقت، فحفر الأرض ودفنه، فانتبه قابيل لما فعله الغراب وقلده وستر جثة أخيه، ومن هنا ارتبطت صورة الغراب بالموت إضافة إلى أن سواد لونه الغطيس وصوته العميق عززا هذه الصورة في ذهن الغالبية، ثم وقع في يدي كتاب عن الغراب، اسمه الغراب.. التاريخ الطبيعى والثقافى.. تأليف: بوريا ساكس. ترجمة: ايزميرالدا حميدان.. من منشوارات دار كلمة، هذا الكتاب ثري بمعلوماته وحقائقه وطرائفه.. وبعد أن قرأته وجدت أني شاركت في ظلم الغراب لنقص معلوماتي، لذا سأسرد بعضها في هذا المقال حتى يستفيد بها بعض المهتمين بهذا الطائر أو الكارهون له دونما سبب.
لدينا مثل عامي دارج هو «ياما جاب الغراب لأمه» ويقال تحقيرًا وتصغيرًا للهدايا والهبات تافهة القيمة التي تهدى إلى الناس، قطعًا لم ير أحد غرابًا يهدي أمه هدية تافهة، والأعجب أن الغربان تفتتن بالأشياء البراقة وأطلق على بعضها لقب «الغراب اللص» لأنها اختطفت خواتم ذهبية أو ماسية بعد أن استلبها بريقها، ومن الطبيعي أنه بعد هذه القنصة سيعود بغنيمته إلى عشه ليهديها إلى أمه أو رفيقته أو أولاده (إذن من أين جاء هذا المثل العجيب؟).. الحكاية التالية ممكن أن توضح لنا سبب إطلاق هذا المثل، لورانس كيلهام، الذي ألّف كتابًا مهمًا حول السلوك الاجتماعي لفصيلة الغربان، كان قد أطلق النار ذات مرة على غراب فسقطت منه ريشة واحدة إلى الأرض، ثم طار الغراب بعيدًا، عندما توقف كيلهام ليعيد حشو مسدسه، عاد الغراب وطار فوق رأسه، وأسقط بقايا التوت البري التي كان يأكلها على قبعته، فاستنتج كيلهام أن الغربان، بالإضافة إلى كونها ذكية، لديها حس الدعابة أيضًا، ببساطة ممكن أن نخمن من هذه الحكاية أن القرويات وهن يطاردن الغراب كى يبعدنه عن محاصيلهن، كان الغراب يعود ويلقى عليهن بأسوأ هداياه.. بيض ممشش، ثمار تالفة، حشرات وخلافه.
ومن الأقاويل المغلوطة أيضا عن الغربان التى كانت سائدة فى أوروبا قبل عصر النهضة، أن الغربان تنقر عيون البغال والثيران والأبقار في المزرعة عمدًا، وعندما يرى الفلاحون أن حيواناتهم لم تعد ذات فائدة، يذبحونها ويسلخون جلدها، وبهذه الطريقة تحصل الغربان الذكية على فرصة لالتهام جزء من الذبيحة (كتاب شهير عن الطبيعة منشور عام 1349م) كما أن ارتباط الغربان السود بشدة بالموت في الثقافات الشرقية والغربية في العصور القديمة راجع إلى رحلتها القاسية في البحث عن الطعام، التي كان يقودها ذكاؤها إلى تتبع الجنود الذاهبين إلى القتال، لتنال من طعامهم وهم أحياء وقد يصبحون طعامها إذا ما قتلوا، وكانت هذه نهاية مرعبة، فكل محارب كان يعرف أن مصيره المحتمل هو أن تأكله الغربان، وكان هذا مزعجًا جدًا ومفزعًا، خاصة في الثقافات التي تعتقد أن قدر الأموات في العالم الآخر، يعتمد ولو جزئيًا على الدفن اللائق.
وبعد ذلك تضخمت وتغولت الأساطير التي تتناول الغراب، لدرجة أن هذا الكتاب الذي أحدثكم بشأنه ذكر أن الإسلام كانت له نظرة أكثر سلبية نحو الغربان، وسرد أسطورة شهيرة في الغرب عن واقعة هجرة النبي محمد (ص) إلى المدينة، عندما اختبأ في الغار من المشركين الذين يتتبعونه، لمحه الغراب وهو يدخل إلى الغار، وكان حينها طائرًا أبيض، وصرخ الغراب :(غار، غار!) في محاولة منه لخيانة النبي وإرشاد المشركين إلى مكانه في داخل الغار، لكن المشركين لم يتمكنوا من فهم ما قاله الغراب وانصرفوا، وعندما غادر سيدنا محمد(ص) ملجأه، حوّل الغراب إلى اللون الأسود ولعنه بقوله إن على الغراب منذ ذلك اليوم أن يكرر نداء الخيانة. (الحكاية ساذجة بالطبع وأسطورة مختلقة فكل أدبيات العرب في عصور ما قبل الإسلام خاصة الشعر مليئة بوصف الغراب والتركيز على لونه الأسود وصوته الذي كانوا يعتبرونه منفرًا).
نصل إلى الجزء الذي خصصناه في مدح الغراب علميًا وطرائفيًا..
تقع الغربان في قمة هرم عالم الطيور، فيما يخص أدمغتها، لأنها تمتلك أكبر الأدمغة نسبة إلى حجم جسم أي طير، كما أن أدمغتها مزدوجة تمامًا بالخلايا العصبية.
وقد سرد الحكيم اليوناني (أيسوب)، الذي يقال إنه عاش في القرن السادس قبل الميلاد، أن غرابًا عطشان عثر على جرة بها بعض الماء، وكانت أثقل من أن يستطيع قلبها، فبدأ الغراب بإلقاء الحصى في فتحة الجرة، حتى ارتفع مستوى الماء واستطاع الشرب منها، وقد راقب علماء أمريكيون طائر الغراب، ورأوه وهو يقوم بإسقاط أجسام صلبة في كأس من الماء ليرفع مستوى الماء فيها، تمامًا كما في الحكاية التي ذكرها أيسوب في كتابه الشهير (خرافات أيسوب).
في مدينة سينداي في اليابان قامت الغربان باكتشاف طريقة حاذقة لكسر ثمرة الجوز، فهي تأخذ ثمرة الجوز وتنتظر قرب طريق السيارات، حتى يتحول لون الإشارة الضوئية إلى اللون الأحمر، فتهبط وتضع الجوزة أمام عجلة السيارة وتحلق ثانية، وعندما يتحول لون الإشارة إلى اللون الأخضر، تعود لتأكل قطع الجوزة التي كسرتها السيارة.
ومن مزايا وطرائف الغربان أنها تتمتع بحيوية وتحب اللعب، فهي تقوم بالكثير مما يبدو أنه لعب بلا جدوى، مثل حمل غصن صغير عاليًا وإسقاطه، ثم الانحدار بسرعة نحو الأسفل والتقاطه مرة ثانية، كما تتدلى الغربان أحيانًا على الأغصان بالشقلوب دون أي سبب واضح، وتقف في بعض الأحيان على قدم واحدة، ويقوم بعضها بتنفيذ شقلبات خلفية في أثناء الطيران، وشوهدت الغربان في منطقة «ألاسكا» تقوم بكسر قطع من الثلج المتجمد على الأسطح المائلة وتستعملها كمزلجة لتنزلق عليها.. ومسك ختام تقاليد الغربان الصارمة أنها تكتفي بوليف أو وليفة واحدة طوال مدة الحياة، وإذا مات الزوج أو ماتت الوليفة يعيش ناسكا بعدها (وهو يتزوج وعمره ثلاث سنوات ويعيش أحيانًا لأكثر من 50 عامًا) بالذمة هل هذا طائر يستحق كل هذه الكراهية؟
مكاوي سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.