تقرير: لعنة النفط يمكن أن تصيب الدول الأفريقية والمعونات ستستمر رغم الاكتشافات

ذكر صندوق النقد الدولي في تقرير جديد، نشر على موقعه الإلكتروني، بعنوان «المعونات والنفط»، أن المساعدات الخارجية التي تتلقاها الدول النامية، ظلت لفترة طويلة مصدرا لا بأس به لتمويل اقتصاداتها، وعلى سبيل المثال في عام 2012، خصص المانحون الرئيسيون في العالم نحو 127 مليار دولار لاقتصادات عديدة حول العالم، وقد توجه ثلث هذه المساعدات للدول ذات الدخل المنخفض في قارتي أفريقيا وآسيا.
وبحسب الصندوق، فبينما تمثل المعونات نحو أقل من 0.5% من الناتج المحلي لبعض الدول، ففي دول أخرى تعد المصدر الرئيسي لتمويل بعض اقتصادات الدول النامية، وتبلغ على سبيل المثال نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي ليبيريا، و5% لبوروندي.
وإذا كانت المعونات خلال العقود الماضية، مصدرا مهما لميزانيات الدول النامية، فخلال السنوات المقبلة، ربما تتغير الصورة، ويرجع ذلك إلى اكتشاف العديد من الدول المتلقية للمساعدات لكميات هائلة من الغاز والنفط، وبالفعل، قد ظهرت اكتشافات في بعض دول جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية، إلا أن الاكتشافات الضخمة إلى حد كبير، تواجدت في دول منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
وفي هذا الصدد، يقول بعض المحللين، أنه في غضون عشر سنوات سوف تكون أغلب الدول الأفريقية منتجة للنفط، وقد احتوت بعض حقول النفط أو الغاز المكتشفة على نحو 500 مليون برميل على الأقل من النفط القابل للاستخراج، وذلك في دول أفريقية مثل غانا وكينيا وليبيريا وموزمبيق وتنزانيا، وبناءً عليه، ستمثل موارد النفط نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، مما سيخفف بدوره القيود على إنفاق الحكومات.
وحول تأثير الاكتشافات النفطية على النمو الاقتصادي للدول، يؤكد الصندوق أن الدول الغنية بموارد النفط لم تزدهر كلية، مما دفع كثيرين إلى الحديث عن لعنة النفط، وفي هذا الشأن، يحذر بعض المحللين من أنه من المحتمل أن يكون الاكتشافات النفطية معوقا للنمو، فعلى مدى العقود القليلة الماضية، فإن متوسط النمو الاقتصادي في الدول الغنية بالموارد الطبيعية، وخاصة النفطية، كان أقل من تلك التي هي فقيرة في مواردها، وأيضا من الناحية الإحصائية، لم يثبت علاقة قاطعة بين الموارد النفطية والنمو، وإذا لم يكن للثروة النفطية تأثير سلبي على النمو، لا يمكن القول بأن هناك علاقة إيجابية قوية بينهما.
ويقول الصندوق، هناك عدد من الأسباب التي من الممكن أن تجعل لاكتشافات النفطية عواقب وخيمة، فيمكن أن تؤدي إلى ارتفاع قوي لقيمة العملة، وإنزواء قطاعات أخرى في الاقتصاد، خصوصا الصناعات التحويلية، فضلا عن احتمالية ظهور الفساد السياسي والصراعات الدخلية.
وحول أثر الاكتشافات النفطية على اتجاهات المعونات، يقول التقرير أن الدخل النفطي، سيخفف بالفعل قيود الميزانية على الاقتصادات النامية، وتباعا سوف تحتاج أقل قدر من المساعدات الخارجية، ولكن في الوقت نفسه، رغم ذلك، قد ترغب الجهات المانحة في مواصلة تقديم المساعدات، لضمان تدفق نفط الدول المتلقية للمساعدات إليها، فضلا عن تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وأملا في فوز شركات النفط الغربية بعقود لاستخراج النفط من هذه الدول المتلقية.
وفي ضوء السياق السابق، يذكر الصندوق أن النتائج التجريبية خلال العقود الماضية، أظهرت أنه ليس ثمة علاقة ارتباطية بين الاكتشافات النفطية العملاقة، والتغيرات في مساعدات التنمية، مما يرجح استمرار المساعدات التنموية إلى الدول النامية، والتي يمكن أن تخصصها الدول المتقدمة لبرامج تحسين الكفاءة الاقتصادية، و الحكم الرشيد.