في تحليل لها بشأن الأزمة الأخيرة في الأسواق الناشئة، والتي انخفضت فيها العملات وبورصات الأسواق الناشئة، ذكرت «رويترز» أن الأسواق الناشئة تقع بين مطرقة الولاياتالمتحدة وسندان الصين. وتقول «رويترز» على الرغم أن المستثمرين ظلوا لمدة كبيرة من عام 2013، يركزون استثماراتهم على عملات و أسواق الأسهم امتداداً من مومباي إلى موسكو وإسطنبول وحتى جوهانسبرج ، لكنها لاحقا اصطدمت بانحسار برنامج التيسير الكمي للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وقد تسبب الإجراء الأخير في تباطؤ بنك الاحتياطي الفيدرالي في طبع النقود، وكبح جماح السيولة العالمية عبر رفع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وارتفاع الدولار، وتقول «رويترز» بعد أن حققت تلك الأسواق مكاسب قوية من التيسير الكمي، تعاني الآن من انسحاب التدفقات المالية. وقداهتزت العديد من الأسواق الناشئة، بعدما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية ذات آجال 10 أعوام، لتسجل أكثر من 3 % مع بداية 2014، وذلك على إثر قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخرا بتقليص برنامج التيسير الكمي في يناير 2014، والتي على إثرها تدخلت العديد من البنوك المركزية للدفاع عن عملاتها، ورفعت أسعار الفائدة لتدعيم . وتضيف «رويترز» أن هناك أمر يثير الاستعجاب، وهو أنه مع تدافع المستثمرين للخروج من الأسواق الناشئة 2014، والتي دفعت ليرة تركيا، والبيزو الأرجنتيني، والروبل الروسي، والراند في جنوب أفريقيا إلى الانخفاض في يناير 2014، ذهبت عوائد سندات الخزانة في الاتجاه المعاكس،وانخفضت ما يقرب من نصف نقطة مئوية منذ 1 يناير الماضي . والمحصلة النهائية وفق«رويترز» بأن تقليص التيسير الكمي، كان من شأنه زيادة التقلبات في أسواق الأسهم الناشئة و الغربية معا، وهو ما يمكن مشاهدته أيضا في ارتفاع بعض الأصول الأخرى مثل الذهب، و الفرنك السويسري، وارتفاع مؤشر «فيكس» لقياس تقلبات مؤشر البورصة الأمريكية. وإذا استطاع برنامج تقليص التيسير الكمي في الولاياتالمتحدة، أن يجذب اهتمام العديد من المستثمرين خلال الآونة الأخيرة، فكذلك فإن هناك مصدر آخر لتحول الاهتمام نحو الصين، وهو الهبوط المحتمل للصين. وفي هذا الشأن، قال مايك هاول، مدير تنفيذي بشركة «كروس بوردر كابيتال» البريطانية: «الأسواق الناشئة يجب أن تكون أكثر اهتماما وتشعر بالقلق إزاء الأداء الصيني، أكثر من بنك الاحتياطي الفيدرالي». وفي حين أن مخاوف تباطؤ طويل الأمد الصين خفت بعض الشيء في أواخر 2013، لكن الدراسات الاستقصائية للأعمال في يناير 2014 تشير شكا آخر، حيث السلطات الصينية تدفع بنموذج نمو يقوم على الاستهلاك الداخلي ، وتهدف إلى ترويض طفرة الائتمان الأخيرة، عن طريق الضغط على أنشطة الإقراض من البنوك الظل . ويذكي أيضا المخاوف القادمة من الصين، ارتفاع ديونها السيادية، والتي بلغت بحسب مكتب تدقيق الحسابات الصيني 2.95 تريليون دولار في نهاية يونيو 2013 ، بزيادة 67% عن 2010، وهناك أمر آخر يستدعي الانتباه، وهو انخفاض أسعار الشحن العالمية بمقدار النصف في شهر يناير الماضي، يما يدل على تباطؤ الطلب العالمي . وبذلك إذا كان في الإمكان مراجعة وزارة الخزانة الأمريكية لعوائد سندات الخزانة هذا العام، والتي يمكن أن تكون تمثل بعض الاستقرار التلقائي للأسواق الناشئة، فهناك احتمال لمصدر قلق جديد في الأسواق المالية العالمية، ومبعثه الصين. وقال ديفيد لوبين استراتيجي ب«سيتي بنك»: «لقد تحول اثنان من التهديدات الكبيرة التي تواجه الأسواق الناشئة، رأساً على عقب»، مشيرا إلى أن الانتقال بين التأثيرين يمكن أن يؤدي في النهاية إلى ركود الاقتصاد العالمي، ويجعل من الصعب على نحو متزايد بالنسبة للعديد من البلدان النامية، إمكانية خروجها من المتاعب المالية. ويبدو أن هناك حالة من الذعر بين مستثمرين المدى الطويل، الذين ما زالوا يصرون على مزايا رخص الأسهم في الأسواق الناشئة، وبمرور الوقت سيفضلون اقتصادات ذات إمكانات نمو أعلى، وتركيبة السكانية أفضل، ووضع أفضل لموازنتها العامة، وهو ما يضع الأسواق الناشئة في وضع أفضل بكثير من دول العالم المتقدمة. ورغم ضعف الأسواق الناشئة على مدار الشهرين الماضيين، تذكر «رويترز» أنه هناك مازلت أسباباً وجيهة تشير لإمكانية التغلب على الأزمات المالية، حيث الوضع الحالي يبتعد كثيرا عن أوضاع عام 1990، حيث أسعار الصرف كانت جامدة، واحتياطيات العملة الصعبة متواضعة . وتقول «رويترز»، لكن مع استمرار العواصف المالية في العالم، سوف تصبح العيوب الهيكلية في الاقتصادات الناشئة أكثر بروزا، ولذا هرعت صناديق الاستثمار من الدول الناشئة، وبلغ صافي تدفقاتها للخارج نحو 14 مليار دولار شهر يناير الماضي وحده، متجاوزة بذلك مستويات عام 2013 كله، وقد لا ترغب صناديق الاستثمار العالمية في التعرض لمزيد من الخسائر، مما سيدفعها للهروب من الدول الناشئة. وقد يلوح في الأفق خيارا آخرا للاستمرار الاستثمار في الأسواق المالية الماشئة، وهوالانتقال مع تغيرات أسعار الفائدة في الأسواق التالي؛ تركيا والبرازيل والهند و إندونيسيا وجنوب أفريقيا، و بعض الأسواق الأخرى تبدو أكثر تحقيقا للنمو مثل كوريا الجنوبية وروسيا و الصين . وقال استراتيجي الأسهم الناشئة جون بول سميث ب«دويتشه بنك»: « وسأكون أكثر حذرا حيال الأسواق الناشئة»، قد لا يكون الوقت مناسبا للتحول تدريجيا نحو مزيد من الهبوط، لكن التوقعات للسنة المقبلة ليست إيجابية على العموم.