القرارات الغائبة

تناولت مسألة الغاز مرتين. مرة كتبت خواطرى. مرة نشرت رسالة للمهندس صلاح حافظ. كان هذا بالأمس. طالبت بالمصارحة والشفافية فى ملف الغاز. فى حقيقة الأمر الموضوع لا يقتصر على الغاز وحده. طريقة أداء الحكومة تشمل كل القطاعات. بما فى ذلك قطاع البترول. ومن بينه إنتاج الغاز. المصارحة منعدمة. المواجهة مبتعدة. الجرأة نادرة. الوضوح غائب.
صدمتنا حكومة الدكتور حازم الببلاوى. كان يمكن أن تقوم بالكثير. متحللة من أى أعباء. أغلب من فيها لا يريدون أن يقوموا بأدوار أخرى فى المستقبل. يجب ألا يخافوا على شعبيتهم. كان عليهم أن يواجهوا الشعب بالحقائق. أن يتخذوا قرارات حاسمة. ألا يؤجلوا المشكلات. ألا يمارسوا نفس الهدهدة للرأى العام. أن يبذلوا جهدا. يتسلحوا بالجرأة. يتشجعوا للتاريخ. يحسموا أمورا كثيرة. يساهمون بذلك فى تمهيد الطريق أمام أى رئيس جديد. للأسف يضعون أمامه عراقيل إضافية.
لا أقول إنهم يتعمدون. هم لا يقدرون. مرتعشون. خائفون. مترددون. أى صفة بخلاف أنهم قادرون على اتخاذ قرار ما تحتاجه ملفات هنا وهناك. مثلا قواعد التعامل فى قطاع البترول. بدءا من الشراكات مع الأجانب وصولا إلى الدعم الذى يتم إنفاقه على الطاقة. مصر تضع عشرات المليارات على دعم الطاقة. أشرت إلى هذا فى خواطرى عن الغاز أول مرة. كان على الدكتور الببلاوى أن يتخذ قرارا. كان على الأقل يمكنه أن يصارح الشعب. بدلا من ذلك أوحى للموظفين بأن لدى الحكومة تمويلا. رفع الحد الأدنى للأجور. لم يوفر مصادر جديدة للدخل.
ملف الطاقة تحديدا يحتاج إعادة نظر شاملة. الأسعار. الدعم. التوزيع. التوفير الذى يمكن أن يتحقق سوف يعود بفائدة كبرى على كل المواطنين. الحكومة يمكنها أن تتحمل غضب المصريين من انقطاع الكهرباء. تقبل أن يعيشوا فى الظلام ساعات. أن تتعطل الشركات. أن تزيد تجارة المولدات. لا يمكنها أن تتحمل مواجهة الناس بمشكلة. سوف تنفجر فى أى لحظة. حكومة 30 يونيو تزرع الألغام فى طريق رئيس سوف تأتى به 30 يونيو.
ملفات أخرى تحتاج لنفس الجرأة. التعامل مع البطالة. التعليم الجامعى. النقل. العشوائية فى كل مصر. تضاعفت هذه العشوائية فى السنوات الثلاث الأخيرة. تحديث الأمن. تكلفة الطرق. دعم الصناعة. دعم التصدير. أساليب التمويل. حوافز الاستثمار. الشركات العامة. وغير ذلك كثير. تحتاج كلها قرارات غائبة. لم يرد أن يصدرها الدكتور الببلاوى. لا أعتقد أنه يريد أن يكمل طريقه رئيسا للوزراء مع رئيس جديد. لا أظن أن لديه طموحا سياسيا يخشى عليه. لكنه يتصرف كما لو أنه يبدأ طريقه السياسى. متى إذن سيكون السياسى قادرا على اتخاذ قرار إذا لم يفعل ذلك فى ختام مسيرته!
newton_almasry@yahoo.com