مواجهة «المخدرات» بالأعشاب الطبية

لم يتخرج فى كلية الطب، ولكن مجتمعه فى جنوب سيناء أطلق عليه لقب «طبيب البادية»، ليس فقط لمهاراته فى العلاج بالأعشاب، ولكن أيضا لعمله الكبير فى الحفاظ على الأعشاب المهددة بالانقراض، حيث يشغل الآن منصب نائب رئيس جمعية صون النباتات الطبية بسانت كاترين.
عاش «أحمد صالح» ابن قبيلة «الجبالية» فى أحضان الطبيعة بسانت كاترين، يدرس الأعشاب الطبية بالعلم والتجربة والتدريب الطبى، يبحث فى تفاصيل وأسرار 472 نباتًا طبيًّا بسانت كاترين من بينها 42 نباتا مهددا بالانقراض، و19 نوعا لا تتواجد إلا فى المدينة الشهيرة بجنوب سيناء.
يرى «صالح» أن العمل فى مجال الأعشاب هو الحل الناجع للقضاء على تجارة المخدرات فى تلك المنطقة، ويطلق على هذه الأعشاب اسم «الذهب الأخضر»، ويقول إن التوسع فى زراعة وتنمية بعض الأنواع يمكن أن يحقق للمزارع دخلا يفوق تجارة المخدرات، ويضرب مثلا بالمشروع الذى عمل عليه لزراعة ألف شجرة من نبات «روز مارى»، والتى أنتجت محصولا تجاوز ألف كيلوجرام خلال عام واحد، وتم بيعها للعطارين بمبلغ يتجاوز 30 ألف جنيه.
الأعشاب وتجارتها ساهمت فى توفير دخل للأسر البدوية كما يقول صالح خلال فترة عدم الاستقرار التى بدأت منذ ثورة يناير التى نتج عنها انخفاض السياحة بشكل كبير، كانت الأمور ستصبح أصعب بكثير على المجتمع البدوى دون وجود الأعشاب الطبية التى تمكنت الكثير من الأسر من الحصول على احتياجاتها الأساسية من تجارة هذه الأعشاب، ويرى صالح أن إدراك البدو لعظمة الطبيعة حولهم يجعلهم أكثر حرصا على المحافظة على تلك البيئة الطبيعية النادرة.
وبالإضافة إلى العوائد الاقتصادية التى تأتى من تجارة الأعشاب النادرة والعطرية، يتعمق صالح فى مجالات الطب البديل، ويقول إنه توصل لعلاج عدد من حالات فيروس سى، وبعض أمراض الكبد باستخدام الأعشاب، لكن علاجاته الأكثر شيوعا تتعلق بتساقط الشعر، ولا يترك صالح الأمر للتجربة والخطأ، لكنه حصل على عدة دورات فى الطب البديل والعلاج بالأعشاب من عدة جهات علمية وطبية.
ولا يتوقف الأمر على الانتشار فى المجتمع البدوى، ولكن هذه الخبرات النادرة بدأت فى الانتقال إلى المستوى الدولى عبر شبكة الإنترنت، حيث يؤكد صالح قيام مجتمع البدو بتسويق المنتجات من الأعشاب الطبية عبر الإنترنت، جنبا إلى جنب مع المشغولات التقليدية من فنون سيناء، والتى يقبل عليها السياح من كل الجنسيات. وهذا النشاط الكبير أدى إلى حصول جمعية صون النباتات فى سانت كاترين على المركز الثالث من جائزة خط الاستواء فى صون النباتات الطبية على مستوى العالم وهى الجائزة الأولى لمصر فى هذا المجال. يواصل صالح خدمة مجتمعه السيناوى وتوعيته فى مجال الأعشاب النادرة، ويحلم بإقامة معرض للأعشاب الطبية فى كل المدن السياحية وفتح التسويق والمعارض الدولية لهم، ويطالب المستثمرين بإنشاء مصانع للأدوية بسانت كاترين حيث يتوفر بها كثير من النباتات الطبية والعطرية الفريدة على مستوى العالم، لتكون إحدى مصادر الدخل لمصر فى السنوات المقبلة.