جامعة العريش تطلق فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» للطلاب ذوي الهمم    التنمية المحلية: إجراءات عاجلة لمعالجة شكاوى المواطنين من انبعاثات محطة خرسانة بالمنوفية    الضفة.. استشهاد عامل فلسطيني وإصابة آخر برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي    أستاذ فيزياء الفلك: لا دليل علمي على وجود كائنات فضائية تزور الأرض    الهلال الأحمر ل كلمة أخيرة: الجهود المصرية لم تتوقف فى تقديم المساعدات لغزة    «إنجاز استخباري».. أمين حزب الله يروي تفاصيل تنفيذ الضربة التي أصابت منزل نتنياهو    المصري البورسعيدي يحسم التأهل لدور المجموعات في الكونفدرالية    طبيب جهاز هضمي يكشف موعد عودة إمام عاشور للملاعب    دون خسائر بشرية.. السيطرة على حريق نشب داخل منزل بقنا    يمتد 3 أيام.. حفل افتتاح المتحف المصري الكبير أصبح إجازة رسمية للقطاعين الحكومي والخاص    وزير الصحة ومحافظ قنا يبحثان إنشاء مستشفى أورام متطور في أبوتشت    وكيل صحة شمال سيناء يترأس الاجتماع الشهري لتعزيز وتحسين كفاءة الأداء    سقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف حالة طقس الإثنين    برلمانية: سأعمل على دعم تطوير التعليم والبحث العلمي بما يواكب رؤية الدولة المصرية    وائل جسار: أقدم الطرب الأصيل ممزوجًا بروح العصر    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إحالة أوراق المتهم بإنهاء حياة والدة زوجته وسرقة قرطها الذهبي للمفتي    قيادات حزبية: كلمة الرئيس السيسي جسدت قوة الدولة ونهجها القائم على الوعي والسلام    أحمد مالك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان الجونة: كل الحب اللي وصلي أغلى من أي جايزة    مصر تشارك في فعاليات مراسم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    البرهان يؤكد حرص السودان على ترقية العلاقات مع تركيا    تفاصيل اصطدام قطار بشاب سقط أثناء عبوره شريط السكة الحديد ببنها    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    أبو الغيط: مصر وضعت تحت السلاح مليون جندى جاهز للحرب في 1973    عرض مسلسل «جولة أخيرة» بطولة أحمد السقا على mbc.. قريبًا    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    «منتصف النهار» يسلط الضوء على تحركات ترامب في آسيا وتطورات غزة    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    سلوت: تدربنا لتفادي هدف برينتفورد.. واستقبلناه بعد 5 دقائق    الأمن يكشف حقيقة فيديو فتاة «إشارة المترو» بالجيزة    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقي طلبات الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 2026    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي    خاص| "لم نساوم الأهلي".. والد أشرف داري يكشف حقيقة العرض الليبي للرحيل عن الأهلي    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرائق القمامة تأكل جدران «الرعامسة»
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 12 - 2013

تستيقظ بسنت ابنة الست سنوات يوميًا على رائحة دخان حرائق القمامة، أصوات الكلاب الضالة والحشرات التى تملأ غرفتها، بالإضافة للمشاجرات الدائمة بين السكان ولصوص يحاولون السطو على المكان. هذا المكان الذى تسكنه بسنت ليس واحدا من المناطق العشوائية التى ظهرت فجأة فى القاهرة دون تخطيط، بل إنها تعيش على واحدة من أقدم المدن التاريخية فى تاريخ مصر الفرعونى وهى «مدنية أون»، وبالتحديد بمنطقة «أرض معابر الرعامسة» التى تقع فى منطقة عرب الحصن بالمطرية وعين شمس الآن.
مدينة «أون» أو «أونو» تعتبر من أقدم وأهم المدن المصرية القديمة التى نالت شهرة واسعة على امتداد التاريخ المصرى القديم، واستمرت مع العصر اليونانى، على اعتبار أنها كانت مركزًا رئيسيًا لعبادة الشمس ومنها خرجت إحدى نظريات خلق الكون فى الفكر الدينى المصرى وهى نظرية التاسوع. عرفت المدينة فى النصوص اليونانية باسم «هليوبوليس» أى «مدينة الشمس»، وأصبحت فى العربية «عين شمس». تم الكشف فى المنطقة عن أطلال مقابر تؤرخ للأسرتين الأولى والثانية، ومع بدايات الأسرة الثالثة أبدى الملك «زوسر» اهتمامًا كبيرًا بالمدينة، وحمل مهندسه «إيمحتب» لقباً رئيسياً من ألقاب كهنة هليوبوليس، وهو «كبير الناظرين للسماء»، ويرتبط هذا اللقب برصد حركة الكواكب والنجوم.
وتابع ملوك مصر فى الدولة القديمة، وكذلك فى الدولة الوسطى، الاهتمام بالمدينة، فقد شيد الملك أمنمحات الأول (أول ملوك الأسرة 12) معبدًا لإله الشمس، وأقام أمامه ابنه «سنوسرت الأول» مسلتين من الجرانيت، لا تزال إحداهما قائمة حتى الآن فى منطقة المطرية.
كل هذا التاريخ يذكره محمد الذى يعمل موظفا بمحافظة القاهرة، عن المكان الذى عاش فيه لأكثر من 45 عاما، وكان يفتخر بسكنه فى هذا المكان إلا أن ابنته بسنت لا تعرف أى شىء من تاريخ هذا المكان، وأصبح كل ما تعرفه أنه أرض فضاء تسكنها الحشرات والقمامة والحشائش وبقايا أحجار فرعونية.
تقع أرض المعابد فى منطقة «عرب الحصن» أو «تل الحصن» بالمطرية شمال غرب مسلة سنوسرت الأول بحوالى 550 مترًا، وتضم بقايا معبد من الدولة الحديثة يعود إلى عهد ملوك الرعامسة، أعاد بناءه الملك رمسيس الثانى من الأسرة ال 19، وأضاف إليه كل من رمسيس الثالث والرابع والتاسع حتى رمسيس الحادى عشر.
مع الدخول الأول لأرض معابد الرعامسة تشعر بالانتقال من مدينة إلى قرية ريفية، حيث يفصلها عن الحياة المدنية شارع صغير يسمى «شارع الترب» به مقابر عرب الحصن.
فى الطريق المؤدى إلى معابد «الرعامسة» تبدو المنازل عشوائية صغيرة وطرقها غير ممهدة يستغلها عدد من تجار الأراضى حيث يبيع التاجر الأرض بحوالى 1000 جنيه للمتر، وهى أرض آثار وذلك طبقا لما قاله السيد إسماعيل، بالمعاش وصاحب أقدم بيت أمام مسلة سنوسرت بعرب الحصن، وصاحبنا فى الطريق من المسلة إلى أرض المعابد.
تمتلئ أرض المعابد ببقايا أعمدة لمعابد «الرعامسة»، وبقايا بوابات وأعمدة من البردى وجدران، إلا أنها غارقة فى المياه الجوفية، كما تنتشر فى هذه المساحة الأحجار الأثرية وبقايا حفائر قديمة كساها الطمى والرمال وغطتها الحشائش. لم يمنع السور المتهالك تسلل بعض الأفراد لإلقاء القمامة داخل أرض المعابد، حسب شهادة سيد إسماعيل الذى يشير إلى أن السكان يستغلون المعبد كمقلب للقمامة.
يضيف: «أهلى ساكنين فى المنطقة دى من 50 سنة، إزاى أسيبها ومحدش عارف قيمتها، هنا مفيش حكومة. اللى بييجى هنا بينضرب، مفيش حد يقدر ييجى، وقبل كده جم هدموا المبانى غير المرخصة اللى حوالين المعبد، لكن الناس بنت البيوت تانى». يشير إسماعيل إلى وجود خفراء يحرسون المعبد قبل عدة سنوات، لا يتذكرها بالتحديد، إلا أنه أشار إلى صور الشكاوى العديدة التى أرسلها لوزارة الآثار لحماية المكان أو على الأقل تنظيفه بدلا من تحويله إلى «مكب» للقمامة، وارتفاع مستوى المياه الجوفية الذى يساعد على انتشار الروائح الكريهة والحشرات وبالتالى مجموعة من الأمراض المتعلقة بهذا النوع من التلوث مثل الأمراض الصدرية والجلدية».
محمد مصطفى أحد جيران المعبد الفرعونى يحاول شرح ارتفاع المياه الجوفية فى المعابد قائلا: «كنا بنستخدم طلمبات رفع المياه للبيوت، لكن بدخول المياه التابعة للحكومة استغنى السكان عن الطلمبات وبالتالى ارتفعت المياه الجوفية فى المعابد، عقب الثورة قرر شباب المنطقة بمساعدة نشطاء من حملة الرقابة على الآثار تنظيف المعابد من القمامة ونزحوا المياه الجوفية، إلا أنه خلال أيام عاد الطفح مرة أخرى، وعادت معه الحشرات وبالتالى القمامة التى يلقيها السكان».
سالى سليمان، المرشدة السياحية، عضو الحملة المجتمعية للرقابة على الآثار، كانت واحدة من المتطوعين لتنظيف أرض معابد الرعامسة. تحكى عن التجربة: «تحدثنا مع الشباب المتحمس لحماية الآثار وتعاونت المحافظة والحى معنا وقمنا بتنظيف المنطقة من القمامة، وشاركنا الأهالى فى الحملة، وكان هدفنا لفت نظر الوزارة والمسؤولين للقيام بأدوارهم التى يتقاضون عنها رواتب من جيوب دافعى الضرائب، لكن للأسف مافيا المقاولين تسيطر على المنطقة، وبعد الحملة تم حرق جدران المعابد، حتى إن هناك بوابة تدعى (بوابة الرائين)، وهم مجموعة من كبار علماء الفلك وبسبب الحريق تهدمت تماما».
توضح سليمان أن المدينة كانت ذات ثقل دينى كبير، إلا أن أحفاد هؤلاء حولوا المنطقة إلى مقلب قمامة كبير، وأصبحت المعابد مهددة بالاندثار بسبب الغرق فى المياه الجوفية وحرائق القمامة المتكررة.
يعترف خالد أبوالعلا مدير منطقة آثار المطرية وعين شمس، بأن منطقة آثار عرب الحصن تعانى من عدة مشاكل أولها ارتفاع منسوب المياه الجوفية والتعديات على الآثار وعلى أراضى المعابد بإلقاء القمامة وحرقها، بخلاف سرقة الآثار نفسها، موضحا أن منطقة عرب الحصن مساحتها 54 فدانا من المتوقع أنها تحتوى على آثار لمدينة أون الفرعونية، إلا أن المسلحين يستفيدون من الأرض بالبناء عليها عشوائيا، وهو أحد أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية فى المنطقة عموما، بسبب عدم توصيل هذه المساكن بشبكة الصرف الصحى.
يشير أبوالعلا إلى بعثات قديمة كانت تنظمها كلية الآثار بجامعة القاهرة توقفت قبل أكثر من 30 عاما، بإشراف الدكتور عبدالعزيز صالح، عميد كلية الآثار فى هذا الوقت.
مدير آثار المنطقة هو الآخر يرسل شكاوى للوزارة بالوضع السيئ للآثار بسبب المياه الجوفية وحرائق القمامة، إلا أن الرد يأتى دائما بأن الوزارة ليس لديها الإمكانيات المادية والأمنية لحماية كل الآثار المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.