"تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    بيام هام من وزارة الاسكان بشأن أزمة أرض نادي الزمالك (تفاصيل)    حزن في كفر الشيخ بعد وفاة والد كابتن محمد الشناوي إثر حادث سير    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    البيت الأبيض: ترامب يريد أن يرى نهاية للحرب في غزة    الخارجية الأمريكية ل«الشروق»: ملتزمون بدعم حوار يؤدى للسلام وينهى معاناة السودانيين    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    ترامب يوسع نطاق التعريفات الجمركية على المعادن لتشمل معدات الأطفال والدراجات النارية    تعرف على موعد إعلان نتيجة تقليل الاغتراب 2025    محافظ كفر الشيخ: مدارس حقلية ومشاتل نخيل شراكة رائدة مع «الفاو»    صلاح: قدمت أفضل مواسمي مع ليفربول.. والضغط سيكون أكبر    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    انقلاب سيارة محملة بالطماطم على الطريق الصحراوي بالبحيرة    مصرع طالب غرقًا في سمالوط بالمنيا    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    14561 رحلة استقبلها مطار شرم الشيخ هذا العام    مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي يكشف عن البوستر الرسمي للدورة ال32    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    صحة الدقهلية: تشكيل لجنة لكشف ملابسات وفاة الطفل مالك أثناء عملية جراحية بمستشفي شربين    انتبه اضطرابات حرارة الجسم قد تكشف لك أمراضًا خطيرة    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    "رقص وفستان جريء".. 20 صورة ل ميريام فارس من حفلها بالسويد    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، التشخيص والعلاج عند الأطفال والكبار    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    عمرو دياب يرقص على موسيقى «أشغال شقة».. وهشام ماجد: «يا مسيطنا في كل حفلة» (فيديو)    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    التربية المدنية ودورها في تنمية الوعي والمسؤولية في ندوة بمجمع إعلام القليوبية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع مباراة مصر وإسرائيل
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 11 - 2009

على سبيل الفنتازيا، دعونا نتخيل أن «المباراة الأزمة» بين منتخبى مصر والجزائر، كانت مع فريق إسرائيل على استاد تل أبيب، وأراهن بما تبقى من عمرى، على أن توابعها لن تكون أسوأ مما حدث للمصريين على يد أشقاء فى العروبة والإسلام، وعلى أرض السودان الذى كان ذات يوم قريب جزءاً منا.
والسبب، ببساطة، أن الأمن الإسرائيلى مدرب على التعامل مع أحداث العنف ونحن بالتأكيد لا نتهم الأشقاء السودانيين بشىء، إذ انفلت الأمر منهم لأنهم معذورون، فالشعب السودانى سمح لا يميل للعنف.
من جهة أخرى فإن المشجعين الإسرائيليين لن يكونوا أكثر عدوانية ووقاحة من سلوك مشجعى الجزائر، بل على العكس، وأراهن مرة أخرى بما تبقى فى رأسى من شعيرات، على أن المصريين كانوا سيستقبلون بكل مودة وأريحية، ولن يسمع مصرى فى إسرائيل مجرد لفظ يخدش مشاعره، أو يتعرض لسلوك يؤذيه، خلافاً للأحجار التى رشقنا بها جمهور الجزائر رغم فوز فريقه.
وقطعاً للطريق على المزايدين من «دراويش العروبة»، فهذه المقارنة الافتراضية ليست تصيداً فى الماء العكر، بل لتأكيد صحة مواقف مريرة بدا فيها من يتشبث بمصريته، كأنه مطعون فى وطنيته و«بعيد عنكم» عروبته المزعومة. فأى أخوة هذه التى تجعل حصول المصرى على تأشيرة أمريكا أسهل من دبى أو الكويت، ويحصل معها المرء على جنسية أوروبية لو عاش هناك بضع سنوات، بينما لن يحلم بها حتى لو أفنى عمره فى معظم الدول العربية.
دعونا نعترف، ببساطة، ودون انفعالات عاطفية، بأن المسألة أبعد من مباراة كرة، بل تمتد لسؤال الهوية، ودائماً كنت أحتمل عشرات الشتائم والسخائم، حين كنت أؤكد أن هويتنا المصرية هى الأقدم والأعرق والأكثر تحضراً فى المنطقة، فلماذا نتسول إذن هويات الآخرين؟.
نحن كنا هنا على ضفاف النيل منذ فجر التاريخ، وللمصريين «كود نفسى»، لا يجيد معظم الأعراب قراءته واستيعابه، فالمصرى مثلاً عاطفى بامتياز، يغضب ويصفو كالنسمة، ويكرم ضيفه ولو كان فقيراً يجد قوت يومه بالكاد، حتى العادات البغيضة كالثأر، فهى نتيجة للتغيير الديمجرافى الذى حدث للصعيد منذ استوطنته قبائل بدوية عبر قرون، فنقلوا هذه العادة من أسطورة «العنقاء» الشهيرة.. التى لا ترتوى إلا بدماء الخصم.
حين كنا «المملكة المصرية»، كان كل عربى من مشرقها ومغربها يحلم بزيارة القاهرة، وكانت سيداتهم تقلدن أمهاتنا فى الملبس والذوق العام، وحين أصبحنا «الجمهورية العربية المتحدة»، وألغينا اسم مصر من أوراقنا وليس من وجداننا مُنيت المحروسة بواحدة من أسوأ الهزائم التى كسرتنا جميعاً عام 1967، أما عندما أصبحنا «جمهورية مصر العربية»، فلم تكن أكثر من محاولة تلفيقية بائسة، حولتنا إلى «ملطشة للى يسوى واللى مايسواش»،
فتارة يقتل جنودنا بيد الفلسطينيين فى رفح، وأخرى تدهس كرامتنا فى دول الخليج، وثالثة نتعرض للترويع والإهانة من برابرة كرة القدم، الذين بدا واضحاً أنهم مدعومون من أجهزة رسمية جزائرية، ولم يكن الأمر مجرد تصرفات فردية لبعض الحمقى والمعتوهين، بل أقلت طائرات حربية آلاف الجزائريين المنتقين بعناية لمهمة بدت كأنها «جهادية».
حين يكون لدى المرء ما يقدمه، يحتفى به الجميع، وهكذا الأمم والدول، ونحن للأسف صرنا أحوج ما نكون لوقفة مع الذات، قبل الصديق والشقيق، لنحدد أولوياتنا فتكون مصر ومصالحها أولاً، ولكى يحدث هذا فلابد أن نتجاوز خرافة «القومية العربية»، فنحن، المصريين، لسنا أمة لقيطة حتى ننتحل هويات جيران لا يحترموننا، بل تحكمهم «عقدة الدونية» تجاهنا، فيتعمدون إهانة المصريين الذين اضطرتهم لقمة العيش للسفر شرقاً وغرباً، بعدما كنا مقصد اليونانيين والإيطاليين والأرمن وغيرهم من الشعوب المتحضرة، التى لم تزل بقايا جالياتها حية لليوم.
أرجوكم، أقبل أياديكم يا أهلى وعزوتى المصريين، أن تجربوا الرهان على أنفسكم مرة واحدة، وأن تثقوا بأنكم لستم فقط «خير أجناد الأرض»، بل خير صنّاع الحياة من زراع وصنّاع وأدباء وفنانين وغيرهم، صدقونى مستقبلنا ليس مع المشرق العربى ولا المغرب، بل مع العالم المتحضر هناك فى الغرب، كما فعل محمد على باشا وأولاده، حينما وضعوا باريس وروما ولندن نصب عيونهم، وابتعثوا إليها المصريين.
هذا البلد لم يكن عنصرياً أبداً، فبين المصريين ستجد ملايين يشبهون النوبى الأسمر محمد منير وآخرين كالأشقر القوقازى حسين فهمى، واتسع صدر مصر للشوام والمغاربة والطليان واليونان وكلشينكان فمصر فكرة.. وبستان يتسع لكل الزهور والأشواك، وعروس تمنح نفسها لمن يحبها ويستحقها، أقول هذا حتى لا يقفز مزايد فيتهمنا بالعنصرية،
فنحن فى مصر تصدينا لتمصير اليهودية فكانت طائفة «القرائين»، وكذا تمصير المسيحية فامتلكنا براءة اختراع «الرهبنة»، كما مصرنا الإسلام فبلورنا «الدين الشعبى» الرائع، لأنه متصالح مع السنة والتصوف والحياة، والآن ينبغى علينا أن نكف عن إعادة تدوير نفايات الآخرين، سواء كانت قطع غيار من نوعية «استعمال الخارج»، أو الأفكار التى لفظتها بيئتها الأصلية كالسلفية الجهادية، والقومية وهى النسخة العربية من النازية، فنعيد إنتاجها فى مصر.. التى أحسب أنها تستحق أبناء أفضل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.