غزة: مقتل 114 شخصا إثر الهجمات الإسرائيلية منذ فجر الأربعاء على قطاع غزة    إدارة ترامب توقف "مؤقتا" شحنات أسلحة لأوكرانيا تشمل صواريخ دفاع جوي    أجمل 10 أهداف فى مباريات دور ال 16 من كأس العالم للأندية (فيديو)    إسماعيل يوسف: دعم جون إدوارد واجب على كل زملكاوى من أجل استقرار النادى    مأساة فى المنيا.. أب يقتل أطفاله الثلاثة بسبب خلافات أسرية    تريلا تحطم وتدهس 7 سيارات على الطريق الدائرى بالمعادى.. صور    الصحف المصرية.. مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الإيجار القديم    "الصحة العالمية" تطلق مبادرة لزيادة ضرائب التبغ والكحول والمشروبات السكرية    اجتياز 40 حكمتا لاختبارات الانضمام لمعسكر تقنية الفيديو    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    عيار 21 يسجل أعلى مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    للمسافرين.. مواعيد انطلاق القطارات لجميع المحافظات من محطة بنها الخميس 3 يوليو    تعرَّف علي قيمة بدل المعلم والاعتماد ب مشروع تعديل قانون التعليم (الفئات المستحقة)    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    المصري يكثف مفاوضاته للحصول على خدمات توفيق محمد من بتروجيت    نظام التعليم الألماني.. شراكة حكومية وبرامج حديثة تحفز على الابتكار    قوات الدفاع الجوي السعودي تدشن أول سرية من نظام «الثاد» الصاروخي    صوتها ليس كافيًا لتنبيه المشاة.. استدعاء 8390 سيارة دودج تشارجر الكهربائية    «إكليل الشهداء».. عظة البابا تواضروس في اجتماع الأربعاء    أمين عام كبار العلماء بالأزهر: علم الحديث من أعظم مفاخر الأمة الإسلامية    التشكيل الكامل لجهاز الإسماعيلي بقيادة «ميلود»    بعد إقراره رسميًا| من الزيادات إلى الإخلاء.. أبرز 10 مواد تلخص قانون الإيجار القديم (تفاصيل)    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    أتلتيكو مدريد يستفسر عن موقف لاعب برشلونة    فوز تاريخي للنرويج على سويسرا في بطولة أمم أوروبا للسيدات    ثنائي الهلال جاهز لمواجهة فلومينينسي في ربع نهائي مونديال الأندية    مدحت شلبي ردا على «المتحذلقين»: «المفروض نقلد المشروع السعودي مش نقلل منه»    محافظ سوهاج: تخصيص 2.15 مليون فدان لدعم الاستثمار وتحول جذري في الصناعة    وزير خارجية فرنسا: الهجمات الإسرائيلية والغارات الأمريكية على إيران تنتهك القانون الدولي    الأردن وفلسطين يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية    «تيارات حِمل حراري».. تحذير من حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    رابطة العالم الإسلامي تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    طارق الشيخ عن وصية أحمد عامر بحذف أغانيه: "يا بخته أنه فكر في كده"    علي الحجار يحتفل ب ذكرى زواجه: 23 سنة سعادة مع هدى    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    أحمد زاهر ل زوجته: لولاكِ مكنتش هعرف أعيش أنتِ عمود البيت    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    المغرب والتشيك يوقعان اتفاقية تجريب تقنية استخلاص الماء من رطوبة الهواء    مستشفى النفسية بجامعة أسيوط تنظم اليوم العلمي الرابع للتمريض    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    هل تنظيم الأسرة يتعارض مع دعوة الشرع بالتكاثر؟ أمين الفتوى يٌجيب    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن فى حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير قطاع الأعمال: حريصون على تعزيز التعاون مع الشركات العالمية ذات الخبرة    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع مباراة مصر وإسرائيل

على سبيل الفنتازيا، دعونا نتخيل أن «المباراة الأزمة» بين منتخبى مصر والجزائر، كانت مع فريق إسرائيل على استاد تل أبيب، وأراهن بما تبقى من عمرى، على أن توابعها لن تكون أسوأ مما حدث للمصريين على يد أشقاء فى العروبة والإسلام، وعلى أرض السودان الذى كان ذات يوم قريب جزءاً منا.
والسبب، ببساطة، أن الأمن الإسرائيلى مدرب على التعامل مع أحداث العنف ونحن بالتأكيد لا نتهم الأشقاء السودانيين بشىء، إذ انفلت الأمر منهم لأنهم معذورون، فالشعب السودانى سمح لا يميل للعنف.
من جهة أخرى فإن المشجعين الإسرائيليين لن يكونوا أكثر عدوانية ووقاحة من سلوك مشجعى الجزائر، بل على العكس، وأراهن مرة أخرى بما تبقى فى رأسى من شعيرات، على أن المصريين كانوا سيستقبلون بكل مودة وأريحية، ولن يسمع مصرى فى إسرائيل مجرد لفظ يخدش مشاعره، أو يتعرض لسلوك يؤذيه، خلافاً للأحجار التى رشقنا بها جمهور الجزائر رغم فوز فريقه.
وقطعاً للطريق على المزايدين من «دراويش العروبة»، فهذه المقارنة الافتراضية ليست تصيداً فى الماء العكر، بل لتأكيد صحة مواقف مريرة بدا فيها من يتشبث بمصريته، كأنه مطعون فى وطنيته و«بعيد عنكم» عروبته المزعومة. فأى أخوة هذه التى تجعل حصول المصرى على تأشيرة أمريكا أسهل من دبى أو الكويت، ويحصل معها المرء على جنسية أوروبية لو عاش هناك بضع سنوات، بينما لن يحلم بها حتى لو أفنى عمره فى معظم الدول العربية.
دعونا نعترف، ببساطة، ودون انفعالات عاطفية، بأن المسألة أبعد من مباراة كرة، بل تمتد لسؤال الهوية، ودائماً كنت أحتمل عشرات الشتائم والسخائم، حين كنت أؤكد أن هويتنا المصرية هى الأقدم والأعرق والأكثر تحضراً فى المنطقة، فلماذا نتسول إذن هويات الآخرين؟.
نحن كنا هنا على ضفاف النيل منذ فجر التاريخ، وللمصريين «كود نفسى»، لا يجيد معظم الأعراب قراءته واستيعابه، فالمصرى مثلاً عاطفى بامتياز، يغضب ويصفو كالنسمة، ويكرم ضيفه ولو كان فقيراً يجد قوت يومه بالكاد، حتى العادات البغيضة كالثأر، فهى نتيجة للتغيير الديمجرافى الذى حدث للصعيد منذ استوطنته قبائل بدوية عبر قرون، فنقلوا هذه العادة من أسطورة «العنقاء» الشهيرة.. التى لا ترتوى إلا بدماء الخصم.
حين كنا «المملكة المصرية»، كان كل عربى من مشرقها ومغربها يحلم بزيارة القاهرة، وكانت سيداتهم تقلدن أمهاتنا فى الملبس والذوق العام، وحين أصبحنا «الجمهورية العربية المتحدة»، وألغينا اسم مصر من أوراقنا وليس من وجداننا مُنيت المحروسة بواحدة من أسوأ الهزائم التى كسرتنا جميعاً عام 1967، أما عندما أصبحنا «جمهورية مصر العربية»، فلم تكن أكثر من محاولة تلفيقية بائسة، حولتنا إلى «ملطشة للى يسوى واللى مايسواش»،
 فتارة يقتل جنودنا بيد الفلسطينيين فى رفح، وأخرى تدهس كرامتنا فى دول الخليج، وثالثة نتعرض للترويع والإهانة من برابرة كرة القدم، الذين بدا واضحاً أنهم مدعومون من أجهزة رسمية جزائرية، ولم يكن الأمر مجرد تصرفات فردية لبعض الحمقى والمعتوهين، بل أقلت طائرات حربية آلاف الجزائريين المنتقين بعناية لمهمة بدت كأنها «جهادية».
حين يكون لدى المرء ما يقدمه، يحتفى به الجميع، وهكذا الأمم والدول، ونحن للأسف صرنا أحوج ما نكون لوقفة مع الذات، قبل الصديق والشقيق، لنحدد أولوياتنا فتكون مصر ومصالحها أولاً، ولكى يحدث هذا فلابد أن نتجاوز خرافة «القومية العربية»، فنحن، المصريين، لسنا أمة لقيطة حتى ننتحل هويات جيران لا يحترموننا، بل تحكمهم «عقدة الدونية» تجاهنا، فيتعمدون إهانة المصريين الذين اضطرتهم لقمة العيش للسفر شرقاً وغرباً، بعدما كنا مقصد اليونانيين والإيطاليين والأرمن وغيرهم من الشعوب المتحضرة، التى لم تزل بقايا جالياتها حية لليوم.
أرجوكم، أقبل أياديكم يا أهلى وعزوتى المصريين، أن تجربوا الرهان على أنفسكم مرة واحدة، وأن تثقوا بأنكم لستم فقط «خير أجناد الأرض»، بل خير صنّاع الحياة من زراع وصنّاع وأدباء وفنانين وغيرهم، صدقونى مستقبلنا ليس مع المشرق العربى ولا المغرب، بل مع العالم المتحضر هناك فى الغرب، كما فعل محمد على باشا وأولاده، حينما وضعوا باريس وروما ولندن نصب عيونهم، وابتعثوا إليها المصريين.
هذا البلد لم يكن عنصرياً أبداً، فبين المصريين ستجد ملايين يشبهون النوبى الأسمر محمد منير وآخرين كالأشقر القوقازى حسين فهمى، واتسع صدر مصر للشوام والمغاربة والطليان واليونان وكلشينكان فمصر فكرة.. وبستان يتسع لكل الزهور والأشواك، وعروس تمنح نفسها لمن يحبها ويستحقها، أقول هذا حتى لا يقفز مزايد فيتهمنا بالعنصرية،
 فنحن فى مصر تصدينا لتمصير اليهودية فكانت طائفة «القرائين»، وكذا تمصير المسيحية فامتلكنا براءة اختراع «الرهبنة»، كما مصرنا الإسلام فبلورنا «الدين الشعبى» الرائع، لأنه متصالح مع السنة والتصوف والحياة، والآن ينبغى علينا أن نكف عن إعادة تدوير نفايات الآخرين، سواء كانت قطع غيار من نوعية «استعمال الخارج»، أو الأفكار التى لفظتها بيئتها الأصلية كالسلفية الجهادية، والقومية وهى النسخة العربية من النازية، فنعيد إنتاجها فى مصر.. التى أحسب أنها تستحق أبناء أفضل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.