بدأ تعرفه على التاريخ فى سن صغيرة، فى الثامنة أو التاسعة، وكانت بداية الطريق من خلال قراءته روايات التاريخ الفرعونى، مثل:«كفاح طيبة»، «أمام العرش»، و«رادوبيس»، فى الوقت نفسه الذى تعلق فيه بقصص دينية وقومية، مثل «أنبياء الله»، و«العرب فى أوروبا» لعبدالحميد جودة السحار، ليزيد شغفه بالتاريخ، ويكون الوحيد فى الدفعة بالثانوية العامة الذى يختاره مادة اختيارية، ويتعمق بعد ذلك الكاتب السكندرى وليد فكرى فى القراءة والبحث، من خلال المراجع العربية والأجنبية، ليخرج بمجموعة من المقالات التى حاول بها أن يجدد روح المواد التاريخية ليجعلها أكثر قرباً للأجيال الجديدة. «تاريخ شكل تانى.. بحثاً عن الحقيقة فى صفحات مهجورة»، هو اسم الكتاب الذى جمع به فكرى، صاحب الثلاثين عاماً، مقالاته، التى نشر بعضها العام الماضى فى أحد المواقع الإلكترونية، مؤكداً أنها فى الأساس ليست موجهة إلى قارئ التاريخ المحترف، أو للباحث الأكاديمى، بل فى المقام الأول لمن يخطو أولى خطواته متحسساً طريقه فى القراءة والبحث فى التاريخ، ويعوقه ما هو شائع عن هذا المجال الممتع من أنه كئيب، ممل، ومزدحم بالمعلومات الثقيلة على العقل. اعتمد الكاتب على فكرة أهمية إعادة قراءة التاريخ، محاولة لفك طلاسم الواقع، والاستشراف على ضوئه للمستقبل، فى أبواب ستة اشتملها الكتاب، بعناوين: «العابثون بالتاريخ»، «جاهلية ولكن»، «المفسدون فى الأرض»، «بين البارحة واليوم»، «دماء على عتبات الإله»، «نحن وأبناء العم إسرائيل»، محاولاً تقديم طرح مختلف يعتمد على منهج يجمع بين الفن والإمتاع والدقة فى عرض التاريخ، بالتفتيش فى المراجع الموثوق بها وأمهات الكتب والمقارنة بينها لإعادة طرح المعلومات التاريخية والقصص، بشكل يرتبط بالواقع الحالى ويثير فضول القارئ له. «حيادية الشكل والمضمون، وعمق الموضوع وتعدد الآراء المعروضة عنه، واقترابه من اهتمامات القارئ، بالإضافة إلى احترام عقله بعدم عرض الأشخاص التاريخية بطريقة «الأبيض والأسود» الكارتونية الشهيرة، بتقسيم الأشخاص لخير مطلق أو شر خالص، وأيضاً وضع المراجع التى تشجع القارئ وتجذبه للبحث عن معلومات أخرى»، هذه هى الأسس التى اعتمدها فكرى فى كتابه، كما يقول، ليحاول جذب الشباب إلى إعادة قراءة التاريخ بشكل موضوعى، بعيداً عن التحيز. ويرى الكاتب أن نفور الشباب من قراءة التاريخ، سببه الرئيسى هو طريقة تدريسه كمادة جامدة، ثقيلة على النفس، بالإصرار على تقديم معلومات «معلبة» حسب وصفه، من خلال سرد أرقام سنوات وأحداث للحفظ، وأوصاف جاهزة للشخصيات، مثل: القائد العظيم أو الخائن اللعين، وهى طريقة تعكس «الاستبداد» كما يعتقد «فكرى»، فهى تروى التاريخ، فقط، كما يراه واضعو المناهج الدراسية، بشكل يعطى القدسية لوجهة النظر التى يتبناها أحد الأطراف، فكما يقول فى النهاية:«التاريخ له قدسية بالتأكيد، إلا أنها لا تعلو على قدسية العقل الذى مدح الله من يستخدمه للخير».