خطأ فظيع وقعت فيه الأسبوع الماضى، حاولت تجنبه دون جدوى! والمؤسف أن زملائى ب«المصرى اليوم» فى التصحيح وغيرهم لم يتنبهوا له، ويتمثل ذلك فى خطأ قرآنى، وهو أمر لا يُغتفر أبدًا وكثير من الأخطاء يمكن التجاوز عنها إلا أن تخطئ فى كتاب الله!! وكنت قد تحدثت عن قصة بناء الكعبة ودور سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل فى ذلك، وقد تعرضا لاختبارات شديدة جدًا بغرض التأهل للدور العظيم الذى ينتظرهما فى الأرض وختمت مقالى بالآية القرآنية: «إن مع العسر يسرا»، لكننى كتبتها على سبيل السهو: إن بعد العسر يسرا!! واكتشفت الخطأ وحاولت تداركه لكن دون جدوى! فأعتذر عن ذلك! وقدر الله وما شاء فعل. والآية القرآنية: «إن مع العسر يسرا» شاهدتها فى تلك الأزمة، فتلك الغلطة «عسر» وفى ذات الوقت رأيت اليسر عندما انتصرت بفضل ربى على الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس أو النفس الأمارة بالسوء، وكان سلاحى فى ذلك هو الحب! والمؤكد أن ما قلته فى حاجة إلى شرح، فقد سمعت صوتًا فى نفسى يرفع شعار «طناش» على أساس أن كل شىء ببلادنا يُنسى بعد حين، وربنا غفور رحيم، والقارئ يعرف تأكيدًا أنه خطأ غير مقصود، وربما لم ينتبه له! وبعدين يا أستاذ لا تعمل من الحبة قبة! وغير معقول أن تكتب مقالاً كاملاً تعتذر فيه عن غلطة بسيطة وقعت فيها! والدنيا مليئة بالموضوعات، فابحث عن موضوع جديد تكتب فيه يكون قوامه الحب الذى تخصصت فيه! ورفضت الاستسلام لهذا المنطق الذى يمثل فى نفسى الوسواس الخناس وذلك لعدة أسباب كلها تتعلق بالحب، أولها أننى أحاول - قدر جهدى - أن «أمسك فى ربنا»، فهو حبى الأول فى هذه الحياة، وغير معقول أن أخطئ عند كتابة إحدى آياته، ثم أرفع شعار «طناش ومعلش» بدلاً من الاعتذار للناس كلهم حتى لو كان العديد من القراء لم يلحظوا الخطأ الذى وقعت فيه، ثم إننى أحب جدًا جدًا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن هذا الخطأ يغضبه، ولذلك أسارع إلى الاعتذار قائلاً أنا متأسف، وإذا اعتبرتنى حضرتك أننى بهذه العقلية من الدراويش، أو إنسان حنبلى، فأنا موافق وأقول لك شكرًا، وكذلك ترانى مرتبطًا بفئة المتدينين فى المجتمع وأحبهم، ولا شك أن اعتذارى العلنى لهم يزيد من قدرى عندهم وهذا ما أرجوه وأحبه. وهناك موضوع آخر بالغ الأهمية يتعلق بهذا الخطأ المرفوض ويتمثل فى تغيير المعنى كلية بين الآية الصحيحة «إن مع العسر يسرا» وكتابتها «إن بعد العسر يسرا»، حيث إن ذلك يعنى أن الفرج لن يأتى إلا بعد انتهاء المصيبة، وهذا غير صحيح لأن القرآن يقول لك بوضوح من خلال تلك الآية الكريمة: الخير موجود فى قلب الأزمة ذاتها.. وصدق الله العظيم: «إن مع العسر يسرا»، وأكد ذلك فى نفس السورة قبيل تلك الآية مباشرة عندما قال: «فإن مع العسر يسرا»، ولن أتحدث عن الأنبياء لتأكيد ذلك، بل أذكر لك أمثلة فى حياتنا أنا وأنت، ولو أصابك مرض شديد لا قدر الله، وأزمة صحية خطيرة، فستعرف من خلال تلك البلوى أن الصحة مهمة جدًا وصدقت تلك الكلمة المأثورة التى تقول إنها تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرضى، فصحتك بالدنيا وهى فضل كبير جدًا من ربنا عليك، ومن خلال أزمتك الصحية كذلك يتكشف لك حب الناس لحضرتك، وتزداد ارتباطًا بالله لأنه هو الشافى، وصدق القرآن الكريم «وإذا مرضت فهو يشفين»، فالدواء مجرد وسيلة، بينما الشافى ربنا، وتخرج من تلك الأزمة الصحية وأنت متأكد أن الدنيا لا تساوى جناح بعوضة، ومن غير صحتك أنت لا شىء!! وهكذا تجد عشرات من المعانى النبيلة تكتشفها من خلال كل أزمة تمر بها، فإذا وقعت مثلاً فى أزمة مالية، وأصبت بخسائر فادحة، فلا شك أنها مصيبة، ولكن من خلالها ستكتشف الكثير، وقد يقوى ما جرى لك من عزمك ويعطيك إرادة من حديد على أن تبدأ من جديد بعدما تتعرف على أخطائك، وتتغير طباعك القديمة إلى الأفضل والأحسن بإذن الله، وتكتشف الناس على حقيقتهم من خلال مصيبتك، فهى بلوى ولكنها أفادتك كثيرًا والخلاصة أن المصائب ليست شرًا كلها بل تحمل فى طياتها الخير.. «إن مع العسر يسرا».