لست أدرى لماذا يسألنى الكثيرون عن سبب انقطاعى عن الكتابة الأسبوعين اللى قبل الأسبوعين الماضيين، رغم أننى كتبت أننى كنت فى إجازة عارضة.. لكن ولأنك عزيزى القارئ تظل تدعبس وراء الأشياء إلى أن تصل إلى الحقائق، فسوف أعترف لك أين كنت فى هذين الأسبوعين.. بصراحة أنا اكتشفت أن مصاريف الحياة أثقلت كاهلى، ولعلمك الكتابة فى «المصرى اليوم» ليست «ذهب ومرجان وياقوت وأحمدك يارب»، لا يا سيدى، وفر الأر بتاعك لغيرى.. المهم أننى قررت البحث عن شغلانة مؤقتة أزود بيها دخلى.. فإذا بجهة مهمة تطلبنى لأن أقوم بمهمة تنقذ سمعة مصر.. وأنا عزيزى القارئ أبويا وأمى فى كوم ومصر لوحدها كوم تانى.. فذهبت إلى مقر تلك الجهة ودخلت مكتب الباشا الكبير وبعد أن حيانى وأثنى على وطنيتى اتجه لدولاب كبير بجوار مكتبه وفتحه وأخرج زياً مطاطياً رمادى اللون وناوله لى فسألته: «ده إيه ده سعادتك؟».. فأجابنى ببساطة: «ده لبس سمكة قرش».. فتعجبت: «سمكة قرش! طب أنا إيه علاقتى به؟».. فاندهش بشدة كما لو كان صدم فى ذكائى: «يعنى إيه علاقتك بالموضوع، إنتى مش سامعة عن سمكة القرش اللى هاجمت السياح فى شرم الشيخ؟ إنتى هتسيبى الموضوع ده يعدى كده؟».. فعاجلته بحماس وتعجب: «لأ طبعا مش هاسيب الموضوع يعدى كده.. بس هو يعنى المفروض أعمل إيه بالضبط؟!».. فعاجلنى بنفاد صبر: «مصر بتناديكى يا غادة!!» فطرطقت أذنى قليلاً حتى أسمع النداء.. فتغيرت قسمات وجه الباشا واتجه إلى كرسيه وهو يقول لى بصيغة الأمر: «هتسافرى شرم الشيخ دلوقت وهتلبسى لبس سمكة القرش ده، وهتتصورى أمام الفضائيات وكاميرات الصحفيين على إننا قبضنا على سمكة القرش اللى هاجمت السياح وبكده ننقذ السياحة.. خلى بالك يا غادة احتمال القرش اللى هاجم السياح ده يكون مدسوس علينا من إسرائيل.. يعنى إنتى أمام حرب قذرة بتشنها إسرائيل على مصر».. فقاطعته: «يا لهوى! إسرائيل!! ده أنا هالبس لبس السمكة من دلوقت لو حبيت.. كله إلا إسرائيل».. فقام وربت على كتفى بحنان قائلا: «مصر أمانة بين إيديكى يا غادة.. بس أهم حاجة إنك قدام الكاميرا تعملى نفسك بتفرفرى لأنهم المفروض لسه مصطادينك من البحر.. ربنا معاكى».. وانطلقت عزيزى القارئ ولن أسرد لك تفاصيل دخولى الحدود بلبس السمكة لأن هذه أسرار أمن دولة.. المهم أننى وجدت نفسى ممددة على سطح مركب أرتدى لبس سمكة القرش وعاملة نفسى بافرفر.. ما هم اصطادونى بقى.. وهاموت وأعرف مين الفتك ابن الفتك اللى كان كل شوية يقلبنى قدام الكاميرا.. فشفش عظمى!! أكيد مواطن بيحب مصر زيى.. ولَّا المواطن التانى ابن اللذينا اللى كان كل شوية يمسك راسى ويفتح فمى أمام الكاميرا حتى تظهر أسنان القرش.. أكيد برضه كان بيحب مصر.. ولَّا المواطن اللى كان كل شوية يلسوعنى على ديلى.. أهو ده بقى كان أكثرهم حباً لمصر!! بس أما أشوفه.. لكن الحمد لله أنى أتممت المهمة بنجاح وكنت كلما ينتابنى زهق أو ضيق أتذكر زميل كفاحى رأفت الهجان فأستمد منه العزم وأتفانى أكثر فى الفرفرة أمام الكاميرا.. وأهو كله عشان مصر.. طبعا إنت مش مصدقنى؟.. طب بذمتك عندما شاهدت فى الجرائد صورة القرش بعد أن اصطادوه ماحسيتش كده إن الوجه ده مش غريب عليك؟ وإنك بتشوفه كل يوم ثلاثاء فى الجرنال؟ طب دقق فى صورتى كده.. مش برضه الشبه واضح زى الشمس ولَّا تحب أحط لك صورة بروفيل لى وللسمكة؟.. المهم فكرك أنا خرجت بحاجة من المهمة الرسمية دى وزودت دخلى؟ أبداً وحياتك.. أكلوا عليا أجرى وقالوا هيعملوا كادر لأسماك القرش.. وقالولى إنهم نشروا صورة القرش الحقيقية فى الجرائد مع وصف دقيق لملامحه تحت عنوان «ابحث مع الشرطة».. وآل إيه طلبوا منى أساعدهم فى القبض عليه!