«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«معهد واشنطن»: انتخابات مجلس الشعب تمرين للرئاسية
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 11 - 2010

قال «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني»: «إن التلاعب المُنظم بالدستور حول موضوع التنافس على الرئاسة، والمؤامرات ضد أحزاب المعارضة (القانونية) في مصر، هما اثنان من بين أساليب ناجحة عديدة يتبعها النظام لإقصاء المعارضة بشكل جوهري».
واعتبر أن التأثير التراكمي لهذه التغييرات الدستورية هو إيجاد ظروف قانونية من أجل خلافة جمال مبارك للرئاسة وتوحيد قوة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بما يمكنه من فرض قواعد اللعبة ونتائجها.
وقال: إن التحدي الماثل أمام الحزب الوطني الديمقراطي ولجنة الأحزاب السياسية التي يهيمن عليها، هو التعامل مع حزب قانوني يثبت استقلاليته بشكل متزايد وعدم رغبته القوية في التعاون مع النظام في إضفاء الشرعية على الحزب الحاكم.
وقالت دينا جرجس- وهي زميلة في كيستون فاميلي مع مشروع فكرة: هزيمة التطرف من خلال قوة الأفكار بمعهد واشنطن- في أحد ثلاثة مقالات نشرها المركز: إن الحزب الوطني الديمقراطي قد يجد نفسه سريعاً في وضع مماثل لما كانت عليه الحال مع حزب الغد، الذي حاول مؤسسه أيمن نور إثبات استقلاليته من خلال الترشح ضد الرئيس حسني مبارك.
وقالت إنه: من خلال مجموعة من الشكليات القانونية المُسيّسة والتحكم في لجنة الأحزاب السياسية، استجاب الحزب الوطني الديمقراطي لهذه الإهانة المتصورة بنزع القيادة عن نور، مع ترك فئة موالية للنظام تتحكم في حزب الغد. وقد كانت الرسالة إلى «المعارضة الموالية» واضحة للعيان وتقول: اسعوا للاستقلال التام وسوف يصادر النظام أي قدر ضئيل من الاستقلالية لديكم.
وفي مقال بعنوان: «الانتخابات البرلمانية في مصر والتصويت الرئاسي في العام المقبل»، كتبت دينا أن انتخابات مجلس الشعب التي ستُعقد في 28 هي تمرين لحدث أكبر من ذلك بكثير وهو الانتخابات الرئاسية في عام 2011.
وقالت: تنتشر شائعات حالياً في القاهرة وفي البيانات الصحفية للحزب الوطني الديمقراطي أن الرئيس مبارك سوف يترشح لفترة سادسة على التوالي، رغم أن الكثير يرون أنه قد يتنازل عن هذا الدور لنجله جمال مبارك.
واعتبرت أن الغموض الذي يكتنف مستقبل الرئاسة يعكس انقساماً داخل الحزب الوطني الديمقراطي بين الحرس القديم الذي يمثله رجال الدولة الأكبر سناً مثل الأمين العام للحزب صفوت الشريف، ومجتمع رجال الأعمال القوي الناشئ، ويمثلهم جزئياً عملاق صناعة الحديد أحمد عز، الذي يلعب دوراً مؤثراً بشكل متزايد.
وقالت: إن هذا الانقسام أصبح أكثر وضوحاً أثناء موسم الانتخابات حيث يصارع الحزب الوطني الديمقراطي لاختيار مرشحيه. وبغض النظر عن الطرف الذي سيحقق الهيمنة، فإن التغييرات القانونية المُعايَرة بدقة خلال السنوات الأخيرة قد ضيقت بشدة من نطاق السياسات المصرية. وأوضحت أن الحزب الحاكم في مصر وضع بشكل منهجي منذ 2005 على الأقل إطاراً قانونياً يعيق عملياً أي مشاركة سياسية ذات مغزى ويقوض من الفرعين التشريعي والقضائي للحكومة.
ولم يكن الحزب راضياً بمجرد تشريع تلك التدابير المتشددة، فعمد أيضاً إلى تكريس هذه التدابير في الدستور وتعزيزها من خلال التوجيهات التنفيذية المختلفة. وذكرت بأن مصر وافقت مصر في مايو 2005 ومارس 2007 على 34 تعديلاً دستورياً في وقت قياسي، «وصدقت عليها بعد ذلك في استفتاء شعبي لم يشارك فيه أحد تقريباً».
وأضافت أن الرئيس مبارك أدخل تعديلات 2005 في ذروة «أجندة الحرية» التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش. وقالت: اتسمت هذه الفترة، التي وصفها الناشطون الإقليميون بأنها «ربيع العرب»، بنشاط غير مسبوق في الحياة السياسية بمصر والمطالبات المتزايدة بالتغيير. وقد قام النظام، في استجابة على ما يبدو للضغوط المزدوجة من واشنطن والشعب المصري، بالتسويق للتعديلات باعتبارها جهوداً لتشجيع المنافسة السياسية مع تحديث الدولة وتعزيز صلاحيات السلطة التشريعية.
وأضافت أن الحكومة أبرزت التعديلات على المادة 76- التي تضع الشروط للتنافس على الرئاسة- باعتبارها غير مسبوقة لأنها أتاحت إجراء انتخابات رئاسية تسمح بتعدد المرشحين عن طريق التصويت العام المباشر للمرة الأولى. إلا أن القيود على عملية ترشيح المرشحين لاقت دعاية أقل. لقد تمخض عن مراجعات المادة 76 واحدة من أطول المواد الدستورية في العالم على الإطلاق.
وأضافت أن التعديلات من عام 2005 نصت على أنه لا يمكن سوى لحزب سياسي مر على تأسيسه خمسة أعوام ويملك 5 % على الأقل من إجمالي عدد المقاعد في مجلسي الشعب والشورى أن يعين مرشحاً للرئاسة من قيادته العليا (أي عضو في الهيئة الأعلى للحزب وفق لائحته الداخلية، شريطة أن يكون قد مر عام على الأقل على كون ذلك الشخص عضواً في الهيئة). وقد تم تخفيض هذا العائق الذي لا يمكن لأي حزب التغلب عليه، باستثناء الحزب الوطني الديمقراطي، إلى 3 % في عام 2007، لكن دون أن يكون لذلك تأثير يُذكر معتبرة أنه الحزب الوطني الديمقراطي يظل هو الحزب الوحيد الذي يستطيع الوفاء بهذا الشرط.
ونتيجة لذلك، نصت المادة على استثناء يقضي بأن أي حزب يملك مقعداً على الأقل في أي من المجلسين البرلمانيين يمكنه تعيين مرشح للرئاسة من قيادته العليا في الانتخابات التي تُجرى بين 2007 و2016. وللتغطية على المنافسة في 2005، مُنح استثناء مماثل، بما يتيح لتسعة أحزاب التقدم بمرشحين للمنافسة مع الرئيس مبارك. كما أن المادة 76 بحسب التعديلات التي أُدخلت عليها في عام 2005 أوجدت أيضاً تمييزاً زائفاً بين مرشحي الحزب والمستقلين. فلكي يصبح المرء مؤهلاً بصفته مرشحاً مستقلاً، يجب عليه أن يجمّع الدعم من 250 عضواً منتخباً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب (المجلس البرلماني الأدنى) ومجلس الشورى (المجلس الأعلى) أو المجالس المحلية. ويجب أن يتضمن هذا الدعم 65 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، و25 من مجلس الشورى، وعشرة من كل مجلس محلي في 14 محافظة على الأقل.
وقالت إنه نظراً لأن الحزب الوطني الديمقراطي يسيطر على كل مؤسسة سياسية في الدولة – ثلثا المقاعد في مجلس الشعب (من المتوقع أن تستمر هيمنة الحزب الوطني الديمقراطي خلال الانتخابات البرلمانية القادمة)، و84 من 88 مقعداً في مجلس الشورى، ونسبة مماثلة في المجالس المحلية بمصر- فإن احتمالات التسجيل كمرشح مستقل بمعنى الكلمة معدومة فعلياً. ومع ذلك فإن مسار المرشح المستقل يتيح صعود مرشح أقل ظهوراً يعمل خارج مؤسسة الحزب الوطني الديمقراطي الرسمية لكنه قادر على تأمين دعم الحزب، مثل رئيس جهاز المخابرات العامة عمر سليمان.
وأضافت أن من يدافعون عن المادة 76 يقولون: إن ما تنطوي عليه من استثناءات ييسر للأحزاب الأخرى الدفع بمرشح في الانتخابات الرئاسية، حيث سيكون بمقدورهم الفوز بمقعد واحد في البرلمان أو مجلس الشورى. إلا أن هذه البيانات تتنافى مع الصعوبات العملية التي تتمثل في التغلب على العوائق أمام الوصول إلى تلك النقطة. فللتأهل، على سبيل المثال، يجب أن يكون الحزب مسجلاً لدى لجنة الأحزاب السياسية، وهي تلك الهيئة المكونة من تسعة أعضاء التي يرأسها رئيس مجلس الشورى والأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي صفوت الشريف.
وأشارت الباحثة إلى لجنة الأحزاب السياسية تأسست في ظل حكم الرئيس السادات بحكم القانون رقم 40 لسنة 1977 (المعروف أيضاً باسم قانون الأحزاب السياسية)، وهي تتمتع بصلاحية رفض التسجيل وتجميد التراخيص الحالية وغلق جرائد الأحزاب وإعاقة الأنشطة الحزبية وتقديم التماس إلى المحكمة الإدارية العليا لحل الأحزاب وإعادة توزيع أموالها.
ولفتت إلى أن القانون الرقم 40، الذي أعيد استنساخه في عام 2005 من خلال القانون 177، يحتفظ بصفة أساسية بجميع الأحكام المتشددة في القانون القديم ويمنح لجنة الأحزاب السياسية صلاحيات مستمرة تقوض بشكل خطير من التعددية الحزبية في مصر.
وأشارت إلى أن لجنة الأحزاب السياسية رفضت خلال الفترة من 1977 ونهاية 2004، على سبيل المثال، 63 طلباً لتأسيس أحزاب لأسباب عديدة، من بينها اتهامات غير واضحة بشأن برامج الحزب غير المحددة. ولم يتم اعتماد سوى حزبين هما: حزب الغد، وحزب الجبهة الديمقراطية في عامي 2004 و2007 على التوالي. وقالت: إنه يوجد حالياً 24 حزباً سياسياً شرعياً في مصر فضلاً عن ثمانية لا تزال طلباتهم قابعة لدى لجنة الأحزاب السياسية، بعضهم ينتظر لسنوات. كما أن هناك 35 طلباً إضافياً بانتظار المراجعة القضائية للطلبات المرفوضة.
وقالت الباحثة: مما لا يدعو للدهشة في هذا السياق أن تلك الأحزاب التي تنجح في الحصول على التسجيل من الحكومة يُنظر إليها على أنها معارضة متعاونة أو «مُروّضة»، بحسب وصف المحلل عمرو حمزاوي. ولا يمكن أن تكون مستقلة بمعنى الكلمة حيث إن إدراجهم يعتمد على سيرهم وفق قواعد اللعبة التي وضعها الحزب الحاكم، التي تعزز من فقدان المصداقية في عيون الشعب. ويحتمل أن يكون حزب الجبهة الديمقراطية المُسجَّل في عام 2007 هو الاستثناء الوحيد. فقد تأسس ذلك الحزب على يد العضو السابق بمجلس الشورى أسامة الغزالي حرب، الذي عينه الرئيس مبارك في ذلك المنصب بشكل متكرر على مدار ما يزيد عن العقد من الزمان. وتم تسجيل حزب الجبهة الديمقراطية بواسطة لجنة الأحزاب السياسية بعد ثلاثة أشهر فقط من تقديم الطلب، بينما كان لا يزال أسامة الغزالي حرب عضواً في مجلس الشورى. ويبدو حتى وقت متأخر أن يتمتع بمكانة فريدة. وأثناء انتخابات مجلس الشورى في يونيو الماضي، رفض حرب تجديد تعيينه وقاطع حزب الجبهة الديمقراطية الانتخابات معلناً عن عدم شرعيتها. كما أنه قاد الدعوة لمقاطعة انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر.
وتحت عنوان «استقرار أم جمود؟ استخدام مصر للسلطة الدستورية والتنفيذية»، كتبت دينا جرجس في المقال الثاني إن النظام المصري استخدم التعديلات الدستورية لتعزيز سلطته تجاه «المعارضة الموالية» وللدفاع عن نفسه ضد ترشيح المستقلين للرئاسة. وقد أغلقت هذه التعديلات أيضاً جميع القنوات القانونية والدستورية أمام أكبر جماعة معارضة في مصر وهي الإخوان المسلمين فمنعتها من المشاركة في العملية السياسية.
وقالت موضحة: إنه في عام 2007، تم تعديل المادة الخامسة من الدستور المصري -- التي رسخت نظرياً نظام «التعددية الحزبية» عام 1971 -- وذلك للاحتفاظ بالحظر الحالي ضد الأحزاب الدينية وتوسيعها لتحول دون قيام «نشاط سياسي مع أي إطار لمرجعية دينية».
وأشارت إلى أن البند يلغي بشكل فعال فرص حصول جماعة الإخوان المسلمين على شرعية حزبية ويقيد أنشطتها في المجال العام. وأضافت أن تعديل المادة 62 يؤدي إلى قيام نظام لانتخابات مستقبلية تعتمد في الغالب على قائمة حزبية، وتحظر فعلياً على جماعة الإخوان المسلمين من الدفع بمرشحين، لأنها كانت تعتمد تاريخياً -- كحزب محظور -- على مرشحين «مستقلين» لتحقيق مكاسب انتخابية.
واعتبرت أنه تم تسويق الحظر الصريح لمشاركة أحزاب دينية في مصر والغرب كخطوة لتعزيز «المواطنة» وهي الكلمة الطنانة التي يستخدمها بكثرة الأمين العام للجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي جمال مبارك التي يفترض أنها تؤكد على المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون. لكنها قالت إن تلك التعديلات تركت المادة الثانية من الدستور كما هي، وهي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر، كما أنها تنافي -- حسب رأي الكثير من جماعات حقوق الإنسان -- مبدأ المساواة الدينية في بلد متنوع دينياً. وتابعت أن هذه التعديلات ساعدت النظام بشكل جوهري على تقويض معارضيه، وفي الوقت نفسه استهدف النظام دور القضاء في العملية الانتخابية. ففي عام 2005، كشفت الرقابة القضائية والتقارير عن قيام انتهاكات جسيمة وأزاحت النقاب عما يُحاك في العملية الانتخابية.
وأضافت أنه نتيجة لذلك، تم تعديل المادة 88 -- التي تم تفسيرها قضائياً في السابق بأنها تمنح كامل الرقابة القضائية على جميع المراكز التصويتية -- في عام 2007، لكي يتم استبدال هذا الإشراف ب «لجنة انتخابية مستقلة». وقالت: إن هذا التعديل -- الذي من المفارقات، جاء استجابة لدعوة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لإقامة مثل هذه اللجنة -- قد قوض من قدرة السلطة القضائية على مراقبة الانتخابات.
واعتبرت أن الهيئة التنفيذية تفوقت بصورة تامة على القضاء، كما سمحت، عن طريق تلك اللجنة، بالتلاعب بالعملية الانتخابية بصورة أمينة من قبل وزارة الداخلية التي تراقب بصورة غير رسمية كل جانب من جوانب هذه العملية الانتخابية. وعلى الرغم من أن هذه اللجنة مكونة جزئياً من قضاة إلا أن الأعضاء الباقين فيها هم من الشخصيات العامة التي تعينها السلطة التنفيذية. وقالت: إنه بعيداً عن لفت الانتباه إلى الانتهاكات، فإن اللجنة الانتخابية- التي تتمتع قراراتها بحصانة ضد المراجعة القضائية- دافعت عن الاحتيال المنتشر، وحتى على العنف الذي ارتكبته الأجهزة الأمنية أثناء العمليتين الانتخابيتين الأخيرتين لمجلس الشورى وبعدها.
وعلاوة على ذلك، رفضت- أثناء تلك الانتخابات- تنفيذ العديد من قرارات المحكمة التي تسمح لمرشحين مستقلين، تم حرمانهم ظلماً، بإعادة تسجيل ترشيحهم. كما رفضت أيضاً السماح للكثير من المنظمات الحقوقية بمراقبة الانتخابات رغم الطلبات السليمة قانونياً لعمل ذلك، ويبدو أنها ترفض مرة أخرى منح تصاريح مراقبة في هذا الموسم الانتخابي.
ولفتت الباحثة إلى أنه من خلال تقوية وزارة الداخلية، زادت السلطة التنفيذية في إضعاف دور القضاء من خلال تعديل القانون الإداري الرقم 293 لعام 1984 الذي ينظم شروط الترشيح لانتخابات مجلس الشعب. وأساساً يتيح القرار للوزارة تعيين مسؤوليها لمراقبة مراكز التصويت المحلية، ويطالب بالموافقة على المرشحين وممثليهم من قبل مدير أمن المحافظة. كما ينص على تقديم جميع تقارير مراكز التصويت إلى مدير الأمن في كل محافظة قبل أن يتم فرز الأصوات وإعلان النتائج.
وقالت: إنه من خلال تعزيز دور وزارة الداخلية وتهميش دور السلطة القضائية في العملية الانتخابية قضى النظام على العامل الأخير الذي كان بإمكانه القيام بدور الكابح القانوني لقدرة الحزب الوطني الديمقراطي على الدفع بمرشحه، الذي من المفترض أنه جمال مبارك، للرئاسة. وأضافت قائلة: لم يكتف النظام بخلق هذا المتراس داخل السلطة التنفيذية لمنع أي خصوم سياسيين غير متوقعين من دخول السباق، بل قوض الهيئة التشريعية من خلال تعديلات مصممة ظاهرياً لتقويتها. وفي حين يستطيع الآن مجلس الشعب أن يسحب الثقة من مجلس الوزراء، على سبيل المثال، فقد تم في الوقت نفسه تقويض تلك السلطة من خلال تعديل المادة 136 التي تسمح للرئيس بحل المجلس دون إجراء استفتاء، [وهو البند] الذي كان مشروطاً في السابق.
وتابعت الباحثة قائلة: إن التعديلات التي تمنح سلطات جديدة لرئيس الوزراء تسلط الضوء أيضاً على عدم رغبة الرئيس مبارك المستمرة في تعيين شخص لمنصب نائب الرئيس، مما يترك تحقيق سيناريو الخلافة في إطار الطرق الجديدة التي تم تحديدها دستورياً. ويمنح تعديل المادة 82 سلطات واسعة لرئيس الوزراء ويسمح له بتولي مهام منصب نائب الرئيس في ظروف معينة إذا لم يتم تعيين أي شخص آخر. وفي صيغتها المعدلة، تسمح المادة 82 لرئيس الوزراء تولي السلطة في حالة عجز الرئيس بصورة مؤقتة -- كما حدث في وقت سابق من هذا العام أثناء إجراء الرئيس مبارك عملية جراحية في ألمانيا. ومع ذلك، فحتى في هذه الحالة يحتفظ الرئيس وحده بكامل التصرف لتعيين وإقالة رئيس الوزراء.
وعلاوة على ذلك، يُحظر على رئيس الوزراء طلب أية تعديلات دستورية أو حل السلطة التشريعية أثناء وجوده في السلطة. واعتبرت أنه لذلك فإن هذا التفويض بالمسؤولية الرئاسية لرئيس الوزراء يعتبر رمزياً إلى حد كبير وهو الأمر الذي يبدو- جنباً إلى جنب مع الإحجام عن تعيين نائب للرئيس- بأنه يعكس خوف مبارك من أن أي شخص مرؤوساً له ربما يشكل في نهاية المطاف تهديداً له أو لابنه جمال.
وقالت: مما لا شك فيه، أن ما يجسد هذه الرؤية هو ذاكرة مبارك حول توليه شخصياً منصب الرئاسة وتولي الرئيس السادات من قبله هذا المنصب. فعندما اغتيل الرئيس السادات اشترط الدستور- كما يشترط الآن- تولي رئيس مجلس الشعب قيادة البلاد وإجراء انتخابات في غضون 60 يوماً. وفي ذلك الحين شغل صوفي أبو طالب، الذي كان رئيس المجلس، هذا المنصب لمدة ستة أيام عندما دُفع مبارك- الذي كان في ذلك الوقت نائب الرئيس والرجل ذو الظهور السياسي القليل- لتولي هذا المنصب. وأياً كانت دوافع الرئيس مبارك لعدم تعيين شخص لمنصب نائب الرئيس فإن شغر هذا المنصب يجعل من السهل بكثير تصور قيام انتقال دستوري للسلطة من الأب إلى الابن، إذا ما توفي مبارك الأب فجأة.
ولفتت الباحثة إلى أن النسخة المعدلة من الدستور تتجاوز جميع النسخ الأخرى في إعطاء الرئيس القادم سلطات غير مقيدة أثناء عملية انتقال السلطة. فالمادة 179 التي تمنح سلطات خاصة للسلطة التنفيذية للتعامل مع «تهديدات» الأمن القومي والإرهاب تحتفظ جوهرياً بالكثير من قانون الطوارئ في الدستور المصري القائم منذ 29 عاماً. وتسمح المادة بتعليق العديد من الفقرات التي تضمن حقوق الأفراد ضد الاعتقالات والتفتيشات والاقتحامات والمراقبة. كما تمنح أيضاً الرئيس سلطة مطلقة لإحالة أية جريمة «مرتبطة بالإرهاب» إلى أية هيئة قضائية يحددها هو، مما يفتح الباب أمام سوء استخدام تهمة الإرهاب، ومحاكمات المدنيين في محاكم عسكرية واستثنائية. كما تضع المادة 179 أيضاً وبصورة جوهرية الأساس لتشريع شامل «مناهض للإرهاب» تدعي الحكومة أنه سوف يحل محل قانون الطوارئ الحالي بصورة دائمة، وهو حالياً قابل للتجديد كل سنتين.
وقالت: تم استخدام قانون الطوارئ القائم منذ 1981 ليس فقط لتعليق حقوق الأفراد- مثل الحق ضد الاعتقال إلى أجل غير مسمى من دون تهمة- ولكن أيضاً للحد من الأنشطة والأنشطة المحتملة لأحزاب سياسية حالية ومجموعات من المجتمع المدني. كما يحظر القانون قيام أي تجمع عام لأكثر من أربعة أفراد، على سبيل المثال، مما يشل من قدرة الأحزاب في الوصول إلى ناخبيها بصورة مجدية من خلال التجمعات العامة أو أي تجمع جماهيري كبير.
ولفتت الباحثة إلى أنه رغم ما يقال بأن «قانون الطوارئ» و«قانون مكافحة الإرهاب» الموعود الذي صُمم ليحل محله يستهدفان الجماعات المتطرفة العنيفة، كانت الأصوات الليبرالية في مصر هي الضحايا الحقيقية لما يقرب من ثلاثة عقود، أي نشطاؤها الشباب وقادة الأحزاب الليبراليين، واليوم مدونيها على الشبكة العنكبوتية. وقالت: إن قضايا النشطاء وزعماء الأحزاب مثل سعد الدين إبراهيم وأيمن نور هما مثالان شهيران على الاستخدام المسيس ل «قانون الطوارئ» من أجل إسكات المعارضة الليبرالية. وحتى حالات المدونين من جماعات الأقلية مثل مدون حقوق البدو مسعد أبو فجر والمدون القبطي هاني نظير، إنما تُظهر تجاوزات هذا القانون.
وأوضحت أنه في تلك الحالات رفضت السلطة التنفيذية تنفيذ قرارات المحاكم الاستثنائية المرتبطة ب«قانون الطوارئ». وبالرغم من أنهم بعيدون كل البعد عن كونهم إرهابيين، حوكم إبراهيم ونور وعدد آخر لا يحصى، في إطار نظام قضاء استثنائي أسسه «قانون الطوارئ» الذي من المفترض أنه شُرع لمحاربة الإرهاب.
ولفتت إلى تمديد هذا القانون في الآونة الأخيرة «لكي يسود الإطار القانوني الذي يخلقه طوال فترة الانتخابات المقبلة مما يمنح النظام المزيد من حرية التصرف لتصفية حساباته مع المنشقين وتقييد أنشطة الأحزاب المعارضة».
ونبهت إلى أنه «إذا تم التخلص من قانون الطوارئ وعندما يحدث ذلك -- كما تحث الإدارة الأمريكية -- فمع ذلك، ستحتفظ المادة 179 بشكل دائم على الفقرات الأكثر قمعاً في القانون الحالي». ومن خلال التنسيق الدستوري لهذه السلطات الممنوحة للنظام على حساب السلطة التشريعية، وبفضل السلطات المطلقة التي يمنحها «قانون الطوارئ»، استطاع النظام أن يضمن بأن العمليات التي هي غير مشروعة إلى حد كبير ستستمر في مصر طوال مراحل انتقال السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.