اعتبر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن المشهد العام للتغير السياسي والديمقراطي في مصر ينطوي على عناصر إيجابية وأخرى سلبية. معتبرا أن مصر مقارنة بدول عربية أخرى تمتلك المؤسسات الضرورية للبناء الديمقراطي ونظاما قضائيا فعالا ومجلسين تشريعيين منتخبين (الشعب والشورى) إضافة إلى آلة إعلامية نشطة وضخمة وكذلك أحزاب المعارضة السياسية. وأضاف المعهد ، في تقرير له بعنوان "آمال التغيير فيما بعد الانتخابات التشريعية في مصر" ، أن من إيجابيات التغيير السياسي الذي تشهده مصر منذ عام تقريبا عودة الروح إلى الحياة السياسية بعد عقود من الركود وقمع الليبرالية السياسية ،وكذلك عودة الحياة لجماعات المعارضة وظهور تيارات وجماعات ومنظمات جديدة تمثل الجيل الأصغر ، وهو ما أسهم في إيجاد حوار متجدد بين المنظمات الإسلامية والعلمانية. ورأى التقرير أن ثمة عوامل مهمة لا تزال تقف ضد حدوث تغيير حقيقي للحياة السياسية في مصر ، معتبرا أن أهم هذه العوامل الصلاحيات الواسعة التي يمنحها الدستور للرئيس على حساب المؤسسات التشريعية ، ضاربا مثلا بعدم امتلاك مجلس الشعب صلاحية حقيقية لوضع الميزانية فضلا عن غياب قدرته على إقرار معظم التشريعات. واعتبر المعهد أن قانون الطوارئ المعمول به منذ عام 1981 والنفوذ واسع النطاق لأجهزة الأمن لا يزال يلعب الدور الأكبر في تقويض الحريات السياسية. ولفت التقرير ، أيضا إلى افتقاد أغلب القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني باستثناء جماعة الإخوان المسلمين للشعبية العريضة بسبب القيود التي حدت من قدرتها على توفير مصادر التمويل وتنظيم العضوية بها. وأشار المعهد إلى أن الإسلاميين هم على ما يبدو المستفيدون حتى الآن من حالة الانفتاح؛ حيث حقق مرشحوهم نجاحا كبير في الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات ، معتبرا أن الفوز الذي حققه الإسلاميون ليس مفاجئا نظرا للمزايا التاريخية والتنظيمية التي يتمتعون بها. ودعا المعهد الولاياتالمتحدة إلى مواصلة دعمها لتحريك الإصلاح السياسي في مصر بصرف النظر عما ستسفر عنه أية انتخابات حرة ونزيهة تشهدها مصر. وأكد تقرير المعهد أن الخروقات والانتهاكات المستحدثة التي شهدتها الانتخابات البرلمانية حتى الآن إضافة إلى الممارسات التقليدية من رشاوى وإكراه وتلاعب بقوائم الناخبين ، تؤكد عدم رغبة النظام في التخلي عن السلطة أو إحداث انفراجة في النظام السياسي. ورأى أن النجاحات التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات تسلط الضوء على أهمية الحركة في المشهد السياسي المصري كما تكشف المشاكل داخل المعارضة الديمقراطية العلمانية في البلاد. واعتبر المعهد الأمريكي أن استخدام جماعة الإخوان لشعار "الإسلام هو الحل" يعود إلى فشل المعارضة غير الإسلامية والمجتمع المدني في جذب الجماهير وافتقارها إلى التعاون مع المعارضة وأنصار الديمقراطية. وألمح المعهد إلى أن أزمة الديمقراطية في مصر لا تعود للقصور في قدرات التنفيذيين الذين يديرون الحكومة لكن بسبب فشل النظام نفسه حيث لم تشهد مصر أية تحسينات على الصعيدين الاقتصادي أو الاجتماعي رغم الدعم السياسي والاقتصادي المطلق الذي حازه نظام الرئيس حسني مبارك لعقدين تقريبا. وهاجم التقرير التشكيل الوزاري الحالي في مصر بالقول إن مجلس الوزراء رغم احتوائه على الوزراء ذوي العقلية الإصلاحية إلا أنهم فشلوا في تحقيق تغييرات حقيقية بسبب الافتقار إلى الشفافية والمحاسبة في إطار النظام القائم.