«صابرين ذياب» صحفية فلسطينية، قوية رغم حزنها، مثلها مثل جيلها وأهل بلدتها، تنام «قلقة» وتصحو «مفزوعة».. لكنها «صامدة»!. اختارت الصحافة لتكسر حاجز الصمت المفروض على «القضية»، لتكون صوت الثكالى واليتامى والشهداء لعالم باع ضميره للكيان الصهيونى دون ثمن. لم تأت إلى مصر عبر الأنفاق لنقول إنها ضحية «حماس»، ولا اقتحمت معبر «رفح» لنقول إن رصاصة طائشة اغتالت كرامتها على الحدود.. «صابرين» جاءت لمصر التى فى ذاكرتها، «مصر- ناصر»، لم تأت لتصافح وجه مصر- كامب ديفيد، ربما كانت تبحث عن جيوش العرب فى حوارها مع الكاتب الكبير «محمد حسنين هيكل»، وربما كانت تبحث عن خريطة فلسطين التى طمستها هزائم العرب، وأوشكت أن تمحوها نزوات «سلام الشجعان»!. هل وصلتها - خلال الزيارة- أنباء الانهيار الجديد فى «المسجد الأقصى»، إثر الحفريات التى تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلى؟.. هل طالعت صور الدمار عن بعد وهى - هنا- فى قلب «عاصمة الأمان»؟.. لا أدرى، ولا أستطيع استعارة قلبها لألخص الحزن فى عبارة تزيح عن صدرى عبء العار الذى يلاحقنا جميعاً. «صابرين» تراسل جريدة «العربى الناصرى» من قلب فلسطين، وتعمل بجريدة «الاتحاد» التى تصدر فى «حيفا»، أى أنها - كمحترفة- تعرف جيدا حقوقها وواجباتها، تحفظ اتفاقيات حقوق الإنسان عن ظهر قلب، لأنها تراها تُنتهك كل دقيقة بيد العدو الإسرائيلى. حين أتمت مهمتها وانطلقت إلى مطار القاهرة لتستقل طائرة خطوط «العال» وتعود لوطنها، فوجئت بثلاثة ضباط إسرائيليين يستجوبونها بوقاحة واستفزار، وتفتيش ذاتى يخترق حرمتها كأنثى، والأمن المصرى يكتفى بدور «المتفرج»!!. إنها سابقة لا تحدث فى أكثر بلاد العالم همجية وتخلفا، فالمواثيق الدولية التى تنظم حركة الطيران العالمية لا تسمح بهذا التجاوز لأى شركة مهما كانت جنسيتها. المتفق عليه أن الطائرة تعد أراضى تابعة لجنسية شركة الطيران، أما المطارات الدولية فليس من حق أى مواطن التجرؤ على سلطاتها تحت أى بند، فهل أصبحت «تل أبيب» دولة ذات حصانة خاصة، يسمح لها بإعفاء المواطنين اليهود من خلع أحذيتهم أثناء التفتيش الأمنى فى مطار القاهرة، والعبث بجسد امرأة فلسطينية؟ لابد من مساءلة من سمح بتلك المهزلة على أراضينا، والتحرك السريع من وزير الطيران الفريق «أحمد شفيق»، ووزير الداخلية اللواء «حبيب العادلى»، لعقاب المسؤول عن تلك المأساة، أما سياسة التجاهل التى تتحلى بها وزارة الخارجية فهى سياسة «مخزية»، تغرى الكيان الصهيونى، بمزيد من الانتهاكات. لقد بعث رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة النائب «محمد بركة» برسالة احتجاج لوزير الأمن الداخلى الإسرائيلى طالب فيها بالتحقيق مع ضباط شركة «العال» الذين انتهكوا حقوق «صابرين»، فيما التزمت نقابة الصحفيين المصرية الصمت المهين، واختفت منظمات حقوق الإنسان تماما، لم تقدم أى جهة رسمية أو أهلية ولو اعتذاراً ل«صابرين» يخفف صدمة التنكيل بها ومصادرة أدواتها الصحفية، ربما تكون «صابرين» قد فقدت ثقتها بمصر، لكن الأدهى والأمر أن سمعة مصر الدولية قد لوثتها الوقاحة الإسرائيلية، فمن يوقف الكيان الصهيونى عن التحرش بعذرية أراضينا؟