5 كليات ومصروفات مُيسّرة.. ما لا تعرفه عن جامعة الوادي الجديد الأهلية - صور    3000 جنيه.. حقيقة إلغاء حافز التميز للعاملين بالسكة الحديد    سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 31 يوليو 2025    ڤويا Passion سيارة فارهة جديدة تنضم إلى السوق المصري.. أسعار ومواصفات    مجلس الشيوخ الأمريكي يرفض مقترحين لمنع بيع الأسلحة لإسرائيل    "حاجة تضحك".. نجم الزمالك السابق على تجربة احتراف إمام عاشور    "قتل ابن عمته بمعاونة اثنين من أصحابه".. تفاصيل جريمة "بوهة شطانوف" في المنوفية    خروج عجلات جرار قطار عن القضبان في المنيا دون إصابات    للعام الثاني، الجونة السينمائي وبرنامج الغذاء العالمي يطلقان مسابقة "عيش" للأفلام القصيرة    أسعار الأسماك بأسواق مطروح اليوم الخميس 31-7- 2025.. البورى ب 150 جنيه    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد وضع حجر الأساس لمشروعين صينيين جديدين    سوريا.. 47 شاحنة مساعدات تتجه من دمشق إلى السويداء    جهود أمنية مكثفة لكشف غموض وفاة سيدة بطلقات نارية داخل منزلها بقنا    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بقرية الجبيرات فى سوهاج    "إعادة تدوير" لحملات المزايدة!    إذاعة الجيش الإسرائيلى: انتحار جندى بعد خدمته فى صفوف قوات الاحتياط    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    ئيس الهيئة الوطنية للانتخابات يعلن اكتمال الاستعدادات لانطلاق انتخابات مجلس الشيوخ    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    انتخابات الشيوخ.. 100 ألف جنيه غرامة للمخالفين للصمت الانتخابي    حبس بائع خردة تعدى على ابنته بالضرب حتى الموت في الشرقية    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    رغم تراجعه للمركز الثاني.. إيرادات فيلم الشاطر تتخطى 50 مليون جنيه    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    عروض فنية متنوعة الليلة على المسرح الروماني بمهرجان ليالينا في العلمين    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    أساطير ألعاب الماء يحتفلون بدخول حسين المسلم قائمة العظماء    أبرزها منح كاملة لأبناء الشهداء وقواعد جديدة للتحويلات.. مجلس جامعة القاهرة يعقد اجتماعه    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات البنية الأساسية والتطوير بمدن بالصعيد    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    خروج عربات قطار في محطة السنطة بالغربية    مسلسل «220 يوم» يتصدر التريند بعد عرض أولى حلقاته    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    انخفاض حاد في أرباح بي إم دبليو خلال النصف الأول من 2025    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    القلق يصيب الزمالكاوية بسبب المباريات الودية    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين العقلانية والنفعية.. مثال كروى
نشر في المصري اليوم يوم 06 - 11 - 2010

عندما كتبت فى إطار المقال السابق منتقدا مبدأ النفعية الذى يسود المجتمع لم أكن أريد بالضرورة إلغاء فكرة أن كل شخص أو كل فئة تبحث عن مصلحتها، أو أعنى أن ذلك قد ينعكس على نظرتها للعالم الذى يحيطها، مع ذلك هناك فرق بين نظرة منفعية بحتة، تصب فى اتجاه لا عقلانى نابع بصفة شبه خالصة عن أسس غرائزية لا شعورية مرتبطة بنزعات السيطرة والقوة؛ هناك فرق بين ذلك وأن تأخذ هذه الفئات فى الاعتبار العلاقات العقلانية التى قد تصب فى النهاية ليس فقط فى مصلحتها إنما أيضاً فى الصالح العام.
لشرح ما أعنى سأبدأ بمثال بسيط.. لاعب كرة موهوب يلعب فى صف الهجوم، مصلحته الشخصية ال«نفعية» تتمثل فى إحراز أكبر عدد من الأهداف. مع ذلك، إذا أصابه داء الأنانية، فضيع فرص التهديف بمحاولته فى كل هجمة إحراز الهدف بنفسه بدلا من التمرير، فمن الممكن أن تكون تلك النزعة المنفعية سبب سقوطه فى نظر جمهوره بدلا من أن تجلب له المزيد من الشهرة والقوة، وهكذا سيكون الحال بالطبع خاصة إذا خسر فريقه المباراة فى النهاية، حتى لو أحرز هذا اللاعب هدفاً أو اثنين خلالها.
أين يدخل مفهوم العقلانية هنا بالتحديد؟ إنه يتجسد داخل الحسابات التى تجرى داخل دماغ اللاعب فى كل هجمة، فإذا كانت حساباته ناتجة عن معطيات الواقع وقوانين اللعبة- أى مواقع وإمكانيات اللاعبين الآخرين فى الملعب بالنسبة لموقعه وإمكانياته- فسيكون قراره فى المضى قدما فى التسديد أو التمرير عقلانيا..
أما إذا كان «إطاره التفسيرى»، الذى يشرح من خلاله لنفسه واقع الأشياء، مبنياً على نزعات لاعقلانية مرتبطة بالمصالح النفعية البحتة، فسيكون ذلك واضحا أيضاً- ليس دائما بالطبع، فربما يختلف الناس فى بعض الأحيان عن قرار اللاعب فى هجمة معينة، لكن فى النهاية ستكون هناك حالات يمكن أن تتفق عليها الأغلبية العظمى من المراقبين، سيكون هناك اتفاق على ما إذا كان هذا اللاعب «أنانياً» أم لا، وهذا ما سيحدد إذا كانت نظرته المنفعية مفيدة بالنسبة له أم لا.
هذا ما كان يعنيه إلى حد ما فلاسفة عصر التنوير عندما تكلموا عن وجود «عقلانية كونية»، يمكن على أساسها تشييد الحوار والاتفاق بين البشر. هذه الفكرة نبعت فى الأساس عن الثورة العلمية، فإذا كان الكون له نظام يمكن فهمه، فلم لا الظواهر الأخرى ومنها الاجتماعية. لذلك تساءل هؤلاء الفلاسفة هل يمكن بناء نظام سياسى واجتماعى يخضع أيضاً لقوانين يمكن تداولها والاتفاق عليها عقلانيا؟
ليس هذا معناه أنهم كانوا يؤمنون بالضرورة بإمكانية وصول الإنسان لحقائق مطلقة عن طريق عقله وعلمه، بل ربما أعظم فلاسفة ذلك العصر، إيمانويل كانط، كان يعتقد أننا لا يمكن أن نعرف حقيقة الأشياء كما هى، إنما فقط كما تهيأ لنا من خلال منظومتنا التفسيرية وعقولنا المحدودة، كما شرح فى «نقد العقل المجرد»..
لكن اللافت للنظر فعلا هو أن كانط اعتقد أن المطلق ربما يمكن الاقتراب إليه بطريقة أعمق عن طريق الفطرة الأخلاقية الموجودة لدى الإنسان، التى اعتبرها كونية لأنها مبنية على العقلانية، ونابعة عن نظام تفسيرى أساسى موجود عند كل الناس من حيث المبدأ.. هذا ما شرحه كانط فى «نقد العقل العملى»، ومن خلاله ربما يمكن فهم لماذا يتفق فى معظم الأحيان كل من يفهم قوانين كرة القدم وما إذا كانت تصرفات المهاجم المذكور «أنانية» أم لا!
مبدأ وجود «عقلانية كونية»، مع عدم إمكان التيقن أو امتلاك الحقيقة المطلقة، يعنى حتمية وجود تعدد الآراء للوصول فى أى مرحلة تاريخية لأحسن الحلول للمشاكل المطروحة، سواء كانت علمية أو اجتماعية.. أو حتى فى مجال الكرة، فتلك العقلانية، التى يمكن اتفاق الأغلبية عليها، تعنى منافسة الأفكار المطروحة وتفنيدها للوصول لما هو أقدر لحل المشاكل، بعيدا عن النزعات النفعية الغرائزية المدمرة.
فلنعد لمثال «اللاعب الأنانى»؛ إذا اتفق المراقبون ومشجعو الفريق على أن هذا اللاعب كان كذلك، فيجب أن يلفت نظره أو استبداله. لكن إذا رفض المدرب رأى الأغلبية، لأنه ربما له مصالح نفعية ضيقة مع هذا اللاعب، أو عداء لبدلائه، وإذا تواطأ معه مجلس إدارة الفريق لأن له أيضاً مصالح نفعية بحتة لا تخدم المصلحة العامة للفريق، وإذا رفض كل منهما الاستقالة لأنه يتمتع بمساندة قوى معينة، فلابد فى هذه الظروف أن يقال.. مثل هذا الحال يعتبر رافضاً ليس فقط للعقلانية إنما أيضاً للتعددية وتداول السلطة.
وهذا هو الوضع القائم فى مصر سياسيا واجتماعيا، حيث تتغلب علاقات المحسوبية والقوة المجردة على النزعة العقلانية. وكما هو الحال فى كرة القدم، تسخط الجماهير على اللاعب الأنانى، الذى لا يأخذ المصلحة العامة فى الاعتبار، رغم أنها هى مصلحته فى النهاية، لأن ما يسود عقله هو فكر تسلطى، يسعى للمنفعية الخاصة قصيرة المدى على حساب المنفعة العامة؛ لذلك، فهو، على المدى الطويل، «بيزن على خراب عشه».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.