نائب محافظ الأقصر يشهد الاحتفال باليوم العالمي لذوي الهمم (صور)    الإدارية العليا تحدد مصير 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بالنواب غدا    مدبولي ل ياسمين فؤاد: وجود سيدة مصرية في منصب أممي رفيع يعكس كفاءة الكوادر الوطنية    «مدبولي» يشهد توقيع 3 مشروعات صناعية بقناة السويس قيمتها 1.15 مليار دولار    البورصة المصرية تربح 16.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 23 ديسمبر 2025    محافظة سوهاج: إزالة 3 حالات بناء مخالف بقرى البلينا    رئيس الوزراء يستقبل الدكتورة ياسمين فؤاد الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    الترتيب لزيارة أردوغان إلى مصر، تفاصيل اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره التركي    الهلال الأحمر: توزيع أكثر من 7.8 مليون سلة غذائية لغزة بقافلة «زاد العزة»    اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعلن استعدادها لدعم عملية إطلاق سراح المحتجزين في اليمن    انطلاق مباراة سيراميكا وأبو قير في كأس مصر    كأس الأمم الأفريقية| انطلاق مباراة الكونغو الديمقراطية وبنين    فيديو| لحظة إنقاذ 4 مصابين في انهيار عقار سكني بإمبابة    ننشر جداول امتحانات الصفوف الإبتدائية وأولى وثانية إعدادى في مدارس الأقصر    خدعه بالمال وأنهى حياته.. تأجيل محاكمة قاتل صديقه طعنًا بشبرا الخيمة    ضبط المتهم بإصابة شقيقه بطلق نارى فى قنا    نقابة السينمائيين تنعى الماكيير محمد عبدالحميد    "السينما ضد التاريخ.. أم كلثوم في مواجهة السرد الزائف" بالعدد الجديد من مصر المحروسة    محمد منير بخير.. مصادر مقربة تكشف حقيقة شائعة تعرضه لوعكة صحية    لافروف: فوز المدير الجديد لليونسكو العنانى بمنصب المدير العام مؤشر مشجع    20 صورة ل كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني من عرض فيلم "طلقني"    محمد سلماوى: باكثير كان أديبًا صاحب رسالة وتميّز بجرأة فكرية نادرة    وزارة الصحة تشارك في فعاليات جمعية شريان العطاء لتعزيز ثقافة التبرع بالدم    محافظ بنى سويف يفتتح قسم العلاج الطبيعي بوحدة طب الأسرة بقرية ميانة    إتاحة خدمة التصديق على المستندات عبر مكاتب البريد بمحافظة أسوان    لاعب نيجيريا: صلاح أسطورة ليفربول.. وأحترم ما قاله في أزمته الأخيرة    مدرب الجزائر: ما حدث سابقا ليس مهما.. ونثق في الفوز ضد السودان    عرض عسكري شعبي احتفالًا بعيد النصر في بورسعيد    وزير الأوقاف: مشاهدات دولة التلاوة تجاوزت المليار مشاهدة على الصفحات الرسمية للوزارة    الخميس.. أبطال وصُناع «ميد تيرم» ضيوف منى الشاذلي على قناة ON    أمم إفريقيا – مؤتمر لاعب السودان: الوضع كارثي في البلاد.. وسنقدم الأفضل لشعبنا الصامد    وزيرا التعليم العالي والتنمية المحلية يشهدان احتفالية انضمام 3 مدن مصرية إلى اليونسكو    فاضل 57 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يُحدد فلكيًا    الأرصاد تحذر من انخفاض الحرارة.. وهذه المنطقة الأكثر برودة فى مصر    مدبولي يفتتح تشغيل محطة مياه الشرب بأرض المشتل بالصف ضمن مشروعات "حياة كريمة"    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    أمريكا ترفع مكافأة الترحيل الذاتي للمهاجرين إلى 3 آلاف دولار    قرار عاجل من النيابة الإدارية ضد قيادات مدرسة لذوي الإعاقة بسبب واقعة هتك طالبين جسد تلميذة    رئيس الوزراء يجرى حوارا مع المواطنين بمركز طب الأسرة فى قرية الفهميين    وزير الكهرباء يلتقي مع رئيس "نورينكو" لبحث التعاون المشترك في مجالات الاستكشاف والتعدين    ارتفاع حصيلة اشتباكات حلب إلى 4 قتلى و9 جرحى    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    بالفيديو.. الحمصاني: منظومة التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة تمسان الخدمات الأساسية للمواطنين    4 وزراء ومحافظين يشهدون احتفالية انضمام 3 مدن مصرية جديدة لشبكة اليونسكو    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية    بداية مثيرة لمنتخب الفراعنة في أمم أفريقيا    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    الجيش الأمريكي: مقتل شخص في ضربة جديدة لقارب تهريب مخدرات    أمم إفريقيا – إبراهيم حسن ل في الجول: كشف طبي لمصطفى وحمدي.. وصلاح سليم    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    محمد هاني: فوز مصر على زيمبابوي دافع معنوي قبل مواجهة جنوب أفريقيا    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتقاد الفكر.. وتفشى المؤامرة

تناولت فى مقالات سابقة بعض الأسس الفكرية التى اعتبرتها مهمة لفهم التطورات السياسية فى منطقتنا وعلاقاتها بالعالم الخارجى، خصوصا بالولايات المتحدة وبالذات فى الحقبة المقبلة، قد يبدو أن هناك شيئًا من الفذلكة الساذجة، أو الأنمطية ال«شاطحة»، فى هذا المنهج النظرى، فمن يتابع الكتابات السياسية العربية عامة، والمصرية خاصة، سيلاحظ على الفور أن معظم النظريات المطروحة لشرح التطورات السياسية الدولية تعتمد بالكامل على منهج يبدو عمليًا و«واقعيًا»،
يرتكز على تحليل جوانب «ممسوكة» - من مصالح اقتصادية والجيوبوليتيكية وعسكرية- فى ظل تجاهل شبه تام لمسائل قد تبدو «عائمة»، مثل المبادئ والقيم الفكرية التى تحرك المجتمعات وتحدد نظرتها للعالم، والتى يتحتم فى رأيى أخذها فى الاعتبار فى أى محاولة عقلانية - لا تعتمد على الأسطورة أو المؤامرة- لفهم قرارات قادتها السياسية.
الحال لم يكن دائما كذلك، فمن راجع، ولو بطريقة عابرة، النقاشات والمجادلات السياسية فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين سيجد أنها احتوت على مضمون فكرى نظرى ثرى، استخدمته فى تفسير العالم وتطور الأحداث به ومكان مصر فيه.. قد ترجع ظاهرة التراجع فى الاهتمام بتلك الجوانب لعدة أسباب، ربما من أهمها كان تبنى النظام المصرى فى النصف الثانى من القرن عدة أسس فكرية متناقضة وغير جادة أو ناضجة،
تخلى عنها بالكامل فى النهاية ليصبح مبدأه الثابت الوحيد هو البقاء، وتنامى فى ظل هذا الوضع تيار أصولى لم يعمل بشكل جاد وواضح ودقيق على طرح استنتاج منطقى لتداعيات مبادئه التعسفية، فتكرس تهافت الوضع الفكرى العام، هذا بالإضافة بالطبع لعملية تضاؤل دور الثقافة والفكر وهيبة العلوم النظرية، إنسانية كانت أو طبيعية، وتنامى هيبة السلطة العشوائية المطلقة وعلاقات القوة والمحسوبية وغياب سيادة القانون.
قد يكون من الطبيعى لمن يعيش فى ظل هذا المناخ المفلس فكريا والقاسى عمليا أن يتصور أن العالم كله يشاركه نفس الرؤية، لكن الحال ليس بالضرورة كذلك، فالعالم كله لم يتخل بعد عن المبادئ والقيم الفكرية، فالولايات المتحدة مثلا، التى قد تبدو أكثر المجتمعات «عملية وواقعية»،
تفتخر بتراثها الفكرى السياسى العريق وما ترتب عنه من نظام اجتماعى جعل منها أهم وأقوى دول العالم، فالمبادئ المؤسسة للولايات المتحدة لا تفصل بين القيم النظرية والفكرية ومصلحة وحقوق الفرد والمصلحة العامة العملية للبلاد،
بل تلك المبادئ هى الضامنة بألا تتعارض المصلحة العامة مع مصلحة المواطن، وإن تعارضت مرحليا، بسبب نفوذ وسياسات مجموعة حاكمة معينة، يتم الإطاحة بهذه المجموعة وليس بالأفكار المؤسسة للدولة.
فالولايات المتحدة هى أول دولة فى العالم شيدت على مجموعة من الأفكار الأساسية المجردة، تبلورت خلال عملية اعتماد الدستور فى مدينة فيلادلفيا فى نهاية القرن الثامن عشر: أى نهاية عصر التنوير، بمبادئه المقتنعة بقدرة العقل الإنسانى على بناء مجتمع منظم على أساس وجود حقوق مشروعة- أزلية، أساسية، لا جدل فيها- للفرد.
لذلك، فإن النخبة الأمريكية عندما تفكر وتتكلم عن مقومات القوة الفعلية، المتجسدة فى المجالات الاقتصادية والعسكرية والجيبولوتيكية والمصالح العليا للدولة... إلخ، عليها أن تسأل فى مصلحة وخدمة من تصب هذه ال«مصالح العليا»؟ إذا لم تكن فى خدمة المبادئ المؤسسة للدولة، وحق الفرد فى حياة كريمة وحرة، فما فائدتها؟ وهذا ما توقف عن سؤاله الكثير فى عالمنا العربى،
فالمصلحة فى نظرهم هى مصلحة الحكم المبنى على أفكار (إن وجدت) سابحة فى منهج شمولى لا يحترم حقوق الفرد، بل يعطى الأولوية المطلقة لحقوق طبقة اجتماعية أو جماعة قومية أو دينية معينة، على حقوق ومصلحة الفرد،
فمن يحدد ال«مصلحة العليا» فى هذا السياق هو الحكم، فتتطابق دائما مع مصلحته على حساب مساحة الحرية الشخصية المتاحة للتفكير والتفوه والتحرك والابتكار، مما يعنى تكريس استمرار وضع راكد خانق، بلا تطور أو تقدم.
على عكس ذلك فإن فكر الدستور الأمريكى، رغم ثبوت مبادئه ال«كونية اللاتاريخية» (فهو، على خلاف الدستور المصرى الحالى مثلا، مختصر وغير متناقض ولا يتم تعديله إلا بصعوبة بالغة) نتج عنه مناخ أتاح تغيرات سياسية وتقدم اجتماعى واسع النطاق على مدى الزمن،
فمبادئ العقلانية والتعددية الفكرية والسياسية وحتمية قبول المحكومين لسياسات الحكم الكامنة فيه، يترتب عنها عملية تصليح الذات، الدافعة للتطور المذهل الذى تجسد أخيرا فى صورة رئيس أسود يسكن البيت الأبيض- نفس ذلك البيت الذى شارك فى بنائه العبيد السود، والذين عملوا كخادمين فيه لفترة طويلة بعد ذلك.
أعتقد أن من يتجاهل الأسس الفكرية، المعروفة والبسيطة نسبيا، لهذا التحول سيضطر لابتكار تفسيرات شديدة التعقيد لشرح التداعيات السياسية التى ستنتج عنه فى الحقبة القادمة، بالذات فيما يتعلق بعلاقات الغرب بمنطقتنا،
بما فيها إسرئيل. نظريات قد تبدو مبنية على أسس واقعية مادية، سياسية أو اقتصادية أو «مصلحية»، لكنها تضطر للجوء تكراريا للمؤامرة، لأنها تتجاهل معطيات مهمة، تحدد نظرة الناس للعالم ومن ثم تحرك قرارات النخب السياسية فى المجتمعات الحرة.
فليس بالخبز وحده يحيا المرء، وأى محاولة لتفسير سياسات تلك المجتمعات لا تتضمن فهمًا عقلانيًا لدور عناصر مهمة تحركها، ستعوض عنه بالضرورة باستخدام الأسطورة. للحديث بقية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.