سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 18-6-2025 مع بداية التعاملات    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 18 يونيو بسوق العبور للجملة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 18 يونيو 2025    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    مصادر إيرانية: 585 قتيلا سقطوا منذ بدء الضربات الإسرائيلية على طهران    ملخص وأهداف مباراة مونتيرى ضد الإنتر فى كأس العالم للأندية    الإمارات تحذر من مخاطر خطوات متهورة قد تتعدى حدود إيران وإسرائيل    تلجراف: الصين أرسلت سرا طائرات نقل إلى إيران    زوجة أشرف داري تنشر صورًا رومانسية لهما احتفالا بهذه المناسبة (صور)    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    انهيار منزل الفنان نور الشريف بالسيدة زينب    الآن.. موعد نتيجة الشهادة الإعدادية بالسويس 2025 وخطوات الاستعلام برقم الجلوس    هل يعتزم ترامب تمديد الموعد النهائي لبيع "تيك توك" للمرة الثالثة؟    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    من الكواليس.. هشام ماجد يشوّق الجمهور لفيلم «برشامة»    تركي آل الشيخ تعليقًا على أغنية إبراهيم فايق ومحمد بركات: الفن في خطر    أخيرا على "آيفون": "أبل" تحقق حلم المستخدمين بميزة طال انتظارها    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    7 مصابين جراء حريق هائل بشقة سكنية في الإسماعيلية    إمام عاشور يوجه رسالة لجمهور الأهلي بالفيديو    ترامب يختتم اجتماعه بفريق الأمن القومي الأمريكي وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران    «طلع يصلي ويذاكر البيت وقع عليه».. أب ينهار باكيًا بعد فقدان نجله طالب الثانوية تحت أنقاض عقار السيدة زينب    سعر الجمبري والكابوريا والأسماك في الأسواق اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    نجوم الزمالك يشعلون حفل زفاف ناصر منسي بالشرقية ورقص الأسطورة يخطف الأنظار (فيديو)    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى منطقة البحر الميت    معدن أساسي للوظائف الحيوية.. 7 أطعمة غنية بالماغنسيوم    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    التضامن الاجتماعي: إجراء 2491 عملية قلب مجانية للأولى بالرعاية بالغربية    طريقة عمل الآيس كوفي، بمكونات اقتصادية واحلى من الجاهز    كأس العالم للأندية 2025| باتشوكا يواجه سالزبورج بصافرة عربية    إيران تطلق 20 صاروخًا باتجاه إسرائيل وصفارات الإنذار تدوي في تل أبيب وحيفا    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    أعمال الموسيقار بليغ حمدي بأوبرا الإسكندرية.. الخميس    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    أسعار الزيت والسلع الأساسية اليوم في أسواق دمياط    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    سي بي إس: لا يوجد توافق بين مستشاري ترامب بشأن إيران    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حرب النفظ والرقمنة: إيران تتعرض لهجوم سيبرانى واضطرابات محتملة لإمداد الوقود الإسرائيلى.. الخليج يتحسب لضرب أمريكا لطهران ويجلى ناقلات النفط ويؤمن الحدود وغزة تئن    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    رسميًا.. فتح باب التقديم الإلكتروني للصف الأول الابتدائي الأزهري (رابط التقديم وQR Code)    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    الغرفة التجارية تعرض فرص الاستثمار ببورسعيد على الاتحاد الأوروبى و11 دولة    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    النفط يقفز 4% عند إغلاق تعاملات الثلاثاء بدعم من مخاوف ضربة أمريكية لإيران    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتقاد الفكر.. وتفشى المؤامرة

تناولت فى مقالات سابقة بعض الأسس الفكرية التى اعتبرتها مهمة لفهم التطورات السياسية فى منطقتنا وعلاقاتها بالعالم الخارجى، خصوصا بالولايات المتحدة وبالذات فى الحقبة المقبلة، قد يبدو أن هناك شيئًا من الفذلكة الساذجة، أو الأنمطية ال«شاطحة»، فى هذا المنهج النظرى، فمن يتابع الكتابات السياسية العربية عامة، والمصرية خاصة، سيلاحظ على الفور أن معظم النظريات المطروحة لشرح التطورات السياسية الدولية تعتمد بالكامل على منهج يبدو عمليًا و«واقعيًا»،
يرتكز على تحليل جوانب «ممسوكة» - من مصالح اقتصادية والجيوبوليتيكية وعسكرية- فى ظل تجاهل شبه تام لمسائل قد تبدو «عائمة»، مثل المبادئ والقيم الفكرية التى تحرك المجتمعات وتحدد نظرتها للعالم، والتى يتحتم فى رأيى أخذها فى الاعتبار فى أى محاولة عقلانية - لا تعتمد على الأسطورة أو المؤامرة- لفهم قرارات قادتها السياسية.
الحال لم يكن دائما كذلك، فمن راجع، ولو بطريقة عابرة، النقاشات والمجادلات السياسية فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين سيجد أنها احتوت على مضمون فكرى نظرى ثرى، استخدمته فى تفسير العالم وتطور الأحداث به ومكان مصر فيه.. قد ترجع ظاهرة التراجع فى الاهتمام بتلك الجوانب لعدة أسباب، ربما من أهمها كان تبنى النظام المصرى فى النصف الثانى من القرن عدة أسس فكرية متناقضة وغير جادة أو ناضجة،
تخلى عنها بالكامل فى النهاية ليصبح مبدأه الثابت الوحيد هو البقاء، وتنامى فى ظل هذا الوضع تيار أصولى لم يعمل بشكل جاد وواضح ودقيق على طرح استنتاج منطقى لتداعيات مبادئه التعسفية، فتكرس تهافت الوضع الفكرى العام، هذا بالإضافة بالطبع لعملية تضاؤل دور الثقافة والفكر وهيبة العلوم النظرية، إنسانية كانت أو طبيعية، وتنامى هيبة السلطة العشوائية المطلقة وعلاقات القوة والمحسوبية وغياب سيادة القانون.
قد يكون من الطبيعى لمن يعيش فى ظل هذا المناخ المفلس فكريا والقاسى عمليا أن يتصور أن العالم كله يشاركه نفس الرؤية، لكن الحال ليس بالضرورة كذلك، فالعالم كله لم يتخل بعد عن المبادئ والقيم الفكرية، فالولايات المتحدة مثلا، التى قد تبدو أكثر المجتمعات «عملية وواقعية»،
تفتخر بتراثها الفكرى السياسى العريق وما ترتب عنه من نظام اجتماعى جعل منها أهم وأقوى دول العالم، فالمبادئ المؤسسة للولايات المتحدة لا تفصل بين القيم النظرية والفكرية ومصلحة وحقوق الفرد والمصلحة العامة العملية للبلاد،
بل تلك المبادئ هى الضامنة بألا تتعارض المصلحة العامة مع مصلحة المواطن، وإن تعارضت مرحليا، بسبب نفوذ وسياسات مجموعة حاكمة معينة، يتم الإطاحة بهذه المجموعة وليس بالأفكار المؤسسة للدولة.
فالولايات المتحدة هى أول دولة فى العالم شيدت على مجموعة من الأفكار الأساسية المجردة، تبلورت خلال عملية اعتماد الدستور فى مدينة فيلادلفيا فى نهاية القرن الثامن عشر: أى نهاية عصر التنوير، بمبادئه المقتنعة بقدرة العقل الإنسانى على بناء مجتمع منظم على أساس وجود حقوق مشروعة- أزلية، أساسية، لا جدل فيها- للفرد.
لذلك، فإن النخبة الأمريكية عندما تفكر وتتكلم عن مقومات القوة الفعلية، المتجسدة فى المجالات الاقتصادية والعسكرية والجيبولوتيكية والمصالح العليا للدولة... إلخ، عليها أن تسأل فى مصلحة وخدمة من تصب هذه ال«مصالح العليا»؟ إذا لم تكن فى خدمة المبادئ المؤسسة للدولة، وحق الفرد فى حياة كريمة وحرة، فما فائدتها؟ وهذا ما توقف عن سؤاله الكثير فى عالمنا العربى،
فالمصلحة فى نظرهم هى مصلحة الحكم المبنى على أفكار (إن وجدت) سابحة فى منهج شمولى لا يحترم حقوق الفرد، بل يعطى الأولوية المطلقة لحقوق طبقة اجتماعية أو جماعة قومية أو دينية معينة، على حقوق ومصلحة الفرد،
فمن يحدد ال«مصلحة العليا» فى هذا السياق هو الحكم، فتتطابق دائما مع مصلحته على حساب مساحة الحرية الشخصية المتاحة للتفكير والتفوه والتحرك والابتكار، مما يعنى تكريس استمرار وضع راكد خانق، بلا تطور أو تقدم.
على عكس ذلك فإن فكر الدستور الأمريكى، رغم ثبوت مبادئه ال«كونية اللاتاريخية» (فهو، على خلاف الدستور المصرى الحالى مثلا، مختصر وغير متناقض ولا يتم تعديله إلا بصعوبة بالغة) نتج عنه مناخ أتاح تغيرات سياسية وتقدم اجتماعى واسع النطاق على مدى الزمن،
فمبادئ العقلانية والتعددية الفكرية والسياسية وحتمية قبول المحكومين لسياسات الحكم الكامنة فيه، يترتب عنها عملية تصليح الذات، الدافعة للتطور المذهل الذى تجسد أخيرا فى صورة رئيس أسود يسكن البيت الأبيض- نفس ذلك البيت الذى شارك فى بنائه العبيد السود، والذين عملوا كخادمين فيه لفترة طويلة بعد ذلك.
أعتقد أن من يتجاهل الأسس الفكرية، المعروفة والبسيطة نسبيا، لهذا التحول سيضطر لابتكار تفسيرات شديدة التعقيد لشرح التداعيات السياسية التى ستنتج عنه فى الحقبة القادمة، بالذات فيما يتعلق بعلاقات الغرب بمنطقتنا،
بما فيها إسرئيل. نظريات قد تبدو مبنية على أسس واقعية مادية، سياسية أو اقتصادية أو «مصلحية»، لكنها تضطر للجوء تكراريا للمؤامرة، لأنها تتجاهل معطيات مهمة، تحدد نظرة الناس للعالم ومن ثم تحرك قرارات النخب السياسية فى المجتمعات الحرة.
فليس بالخبز وحده يحيا المرء، وأى محاولة لتفسير سياسات تلك المجتمعات لا تتضمن فهمًا عقلانيًا لدور عناصر مهمة تحركها، ستعوض عنه بالضرورة باستخدام الأسطورة. للحديث بقية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.