"إن اليوم الذي سيتطابق فيه ما نبشر به مع ما نمارسه على أرض الواقع فعلياً هو اليوم الذي ستصدر فيه شهادة ميلادنا الحقيقية" سليمان جودة إن المتأمل لحياة المصريين يجد أنه يغلب عليها الطابع الديني فالشعب المصري عاطفي جداً فيما يخص العقيدة وليس أدل على ذلك من الفتن الطائفية وما يحدث ونشاهده يومياً من مظاهر عنف نتيجة تنصر مسلم أو إسلام نصرانيّ ولن يزيد الأديان أو ينقص من قدرها دخول أو خروج أحد المصريين فيها / منها فالإسلام أكبر من الأشخاص والنصرانية أسمى من الأفراد. ومع العلم بوجود أمور أخرى يجب الغيرة والثورة عليها وهى من صحيح الدين تماماً مثل كلمة حق عند سلطان جائر أو التزود من العلم ومناطحه الشعوب المتقدمة – أقل من 1% من المحتوى العلمي على شبكه الإنترنت باللغة العربية – ولكن إن تتحدث في مثل هذه الأمور أسمعت إن ناديت حياً. ولطغيان التدين المظهري على حياة المصريين نجدهم يربطون حياتهم كلها بالدين حتى فيما يخص الأمور الدنيوية التي تنطبق عليها قوانين أرضية وإلا فما معنى قول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم ): "أنتم أعلم بشئون دنياكم" وما معنى قول سيدنا عمر بن الخطاب – وهو من هو - : "إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة" وفيه حث واضح على السعي إلى الرزق بالرغم من إيماننا الراسخ بأن الرزق مقسوم ومقدر "ولن يأخذه غيري" كما قال الإمام البصري. فلماذا إذاً أيها المصريون ربط النظافة بالإيمان بالرغم من عدم وجود أي مظهر من مظاهر النظافة من حولنا والدليل على ذلك انظر إلى المراحيض العامة – إن وجدت – وإلى السكك الحديدية إلى الحدائق العامة بل إلى الشوارع التي نمشى فيها قلما تجد شارعاً يليق بحضارتنا وتديننا المزعوم. وعلى العكس في الدول الغربية والتي ندعوها تنطعا بالعلمانية تجد أن الجمال ينضح من كل ركن فيها. أرجوكم أيها المصريون أتركوا الدين في حاله، طبقوه على أنفسكم واعملوا قدر استطاعتكم جاهدين على أن تكون حياتنا أجمل ويكفينا خجلاً من أنفسنا أننا استأجرنا غرباء من أجل نظافتنا. واختم بمقوله شارل ديجول: "إذا أردت أن تحكم على نظافة شعب فأنظر إلى مراحيضه العامة".