مين انت؟ معرفش

هكذا هى.. منذ أن امتلكت ناصية الحلم تهرب إليه كلما داهمها خوف وأقلقت سكونها أصداء سياط على جسد عبيد الضعف.تسافر تبحث عن فارسها فى أفق بلاحدود. بين أصحاب سلطة وبين معارض وثائر، حتّى تصطدم بالواقع وتجدها أمام أكذوبة فارس ووهم رجولة لتفرّ إلى قوقعتها تضرب كفّا بكفّ على خيبة الرحلة. ثمّ لا تلبث أن تعود تبحث عن فارسها المخلّص لعلّ الحلم يتمخض عن حقيقة. هكذا هى، لم تكن كقريناتها تحلم بقادم على حصان أبيض أو (سيارة فخمة) أو فارس (حليوة) ذى (قُصّة مودرن وخصلات ملوّنة مخضبة بالجِلّ، تنتفض فوق رأسه كأشواك قنفذ برىّ) لم تحلم بمن يحلّق بها بين الغيمات وتسبيل العيون التى ما تلبث أن تبرق عن نهاية رغبة.
كان حلمها منصبّا على فارس، إنسان يتجسد به عطاء رب، وخُلُق نبىّ. عطره مروءة، حلّته هيبة، (كرافتته) أمانة، وسامته شجاعة، ابتسامته حِلْم، صمته حكمة، حديثه صدق وأريحية، نظرته حياء، كفّه كرم وإباء، لسانه عفّة، أنفه شموخ، جبينه كبرياء، طلعته بشائر، غضبه إرادة، خطوته ثقة ونخوة، كلمته عهد، ووعده وفاء، صولجانه هيبة، عيناه نهرىّ حنان، طرفته ناقوس عتب وزنديه جناحى صقر.
هو من تستغيثه أمّة تتقلب خنوعا فى أحضان استبداد وشهوة ديكتاتورية، هو خيمة الدفء لزوجة وحبيبة، وسند وعكاز أمّ لما بقى من عمر. هو المنتظر، حامل قنديل التغيير يضىء به عتمة الذلّ. يحرق وهجه أشباح التخلف وأرباع الرجال. هو من تُرفع له قبعات ويتبسم له فجر وتتباهى به قصائد عشق وفخر.
هو وليس الممتطى حصان (حلاوة) يذوب عند إشراقة شمس، ليس المنحنى ذلّا وشراهة لا يشبعه سوى (مسح جوخ) ولقمة بين مخلّفات جشع، يراوغ كثعلب، طعّان ظَهْر، متمترس خلف حواجز المواجهة خوفا من نزال حق، متربص متلصص، ذئب فى ثياب حمَل. تجملّه أقنعة براقة ما إن تسقط حتى تبدو سَوْءة بشاعته. (فتوة مفتول عضلات، جابىّ أتاوة مأجور) أو صعلوك قاطع طريق! جاحد يحمل خنجر غدر ينحر به حبيباً على مذبح الثقة، مكشّر عن ناب عهر فى وجه فضيلة، مريض نرجسية وازدواجية وشيفونية، سيكوباث لا يعرف للسلام طريقاً ولا للذات باباً، غارق فى مستنقع حروب باردة يأباها الفرسان.
عزيزى القارئ: أبيتُ ومنذ مقالى السابق إلاّ أن أكون حيث أنت. نحمل معا مصباح حقيقة نسلّطه على ذواتنا وسلوكيات الآخرين التى تعكس ما يحملونه من قيَم والتزام بمعايير أخلاقية تنبثق من القوانين الإلهية المؤسسة للنظام الإنسانى. فخذ قلمى إن كان يستحق، وضع علامة عادلة لكل صفة إيجابية أو سلبية ثمّ اجمع. فإن فُزتَ ب75% من صفات الفروسية فأنت فارس بمقياس هذا العصر حتّى وإن كانت الفروسية لا تجيز الاجتزاء وعندها يكون مقالى القادم عمّن يستحق فروسيتك، وطن أو مجتمع أو امرأة. وإن كانت النسبة سلبا فأنت بحاجة إلى الله وطبيب لمساعدتك على تطهيرالذات.