«وزير الصحافة».. الصحة سابقاً..!

اعتاد الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، أن يعقد مؤتمرات الوزارة فى شرم الشيخ.. هذا حقه.. ولكنه أيضاً اعتاد أن يدلى بدلوه فى الإعلام والصحافة، وكأنه قضى عمره فى المهنة، وتتلمذ على أيدى هيكل ومصطفى أمين وأحمد بهاء الدين ومحسن محمد وكامل الزهيرى.. اعتاد الرجل أن «يفتى» بجرأة يحسد عليها «هذا صح وذاك خطأ.. هذا مهنى وذاك تجاوز».. نسى الجبلى أنه طبيب، وأن بين الطب والإعلام مسافة لا يطويها منصبه الوزارى أو خبرته الطويلة فى «البيزنس»..!
آخر «فتاوى» الجبلى الإعلامية أطلقها بحماس بائن خلال مؤتمر أو اجتماع لوزارته فى شرم الشيخ منذ عدة أيام.. الوزير غاضب من «المصرى اليوم»، وهذا حقه، ولكنه ارتدى فجأة عباءة عميد كلية الإعلام ورئيس تحرير «الكون»، وقال إن الصحيفة فقدت مصداقيتها، لأنها نشرت تحقيقاً صحفياً «موثقاً» حول «معاناة 10 آلاف مواطن بقرية (الدواخلية) بالمحلة الكبرى بعد أن حول مستشفى حميات المحلة قريتهم إلى (مقلب) لحرق النفايات الخطرة».
ولم يكتف «الوزير الإعلامى» بذلك، وإنما اتهم الصحيفة بموالاة «الإخوان».. وأكد، بجرأة يحسد عليها وسط دهشة الحضور، أن التحقيق الذى أجرته الزميلتان «ولاء نبيل وشيماء عادل»، إنما حرّكته ووقفت وراءه عناصر إخوانية.
هكذا لجأ الجبلى إلى الحل السهل، فكل شىء فى وزارة الصحة أصبح مثالياً، ولم يجد الإخوان و«المصرى اليوم» سبيلاً لضرب سيادته سوى فبركة تحقيق صحفى لاتهام مستشفى بالتخلص من النفايات الطبية فى إحدى القرى.. فقد صوّرت الأوهام للوزير أن «جماعة الإخوان» تركت الاعتقالات والملاحقات والانتخابات البرلمانية، وفرغت كوادرها ل«فبركة» تحقيق صحفى عن النفايات الطبية، ولم تجد بوقاً لها سوى «المصرى اليوم»، وكان هدف الاثنتين - الجماعة والصحيفة - ضرب العدو الأول للإخوان «وزير الصحة» شخصياً..!
نسى «الجبلى» فى غمرة انشغاله فى «شرم الشيخ» أن التحقيق الذى استغرق إعداده شهراً ونصف الشهر، تم نشره موثقاً بالصوت والصورة والاعترافات والشهادات المسجلة.. وبعد نشره تلقيت اتصالاً هاتفياً من الوزير قال فيه: «أرسلنا لجنة فلم تجد شيئاً»، فأجبته: «كيف ستجد مقلب النفايات وقد قرأت أجهزة المحلة التحقيق فى الصحيفة»، وأردفت: «عموماً سوف أرسل لك سى دى يتضمن مقاطع فيديو وصوراً فوتوغرافية وشهادات الأهالى المسجلة»، وبالفعل أرسلت «الوثائق كاملة»، فلم أتلق أى رد من السيد الوزير، وعليه اعتقدت أنه اقتنع بكل ما نشرناه، إذ يكفى أن تشاهد مقطعاً «موثقاً» واحداً للنفايات حتى تبصم بالعشرة على صحة ما نشرته «المصرى اليوم»..!
أخذ الوزير ال«سى دى» وشاهد ما فيه.. وسكت شهرين كاملين.. ثم شن هجوماً ضارياً على الجريدة فى منتجع «شرم الشيخ».. وتحدث عن مهنية الصحافة، وما يجب أن يكون.. نسى د. حاتم الجبلى أنه طبيب، وأننى مريض، وأن ترددى على الأطباء لا يعنى أننى أفهم فى الطب أكثر منه.. ونحن صحفيون وهو قارئ، وهذا لا يعنى أنه يفهم فى الصحافة أكثر منا.. وإذا كان يؤمن بغير ذلك فليصدر صحيفة اسمها «الصحة اليوم».. وليتنافس المتنافسون.. وإن لم يفعل.. فعليه احترام مهنة اعتادت أن تأكل أبناءها وتقصف أعمارهم مبكراً..!
melgalad@almasry-alyoum.com
شاهد ڤيديو «النفايات الطبية تهدد «الدواخلية»» على الرابط التالي:
http://www.almasryalyoum.com/node/129943