لا أدرى من نصح السادة الوزراء الثمانية بالنزول إلى انتخابات مجلس الشعب.. أو ربما هناك من «أغراهم» بأن تحت القبة شيخ أو شيوخ أو منافع لا حصر لها ولا طائل.. أو ربما مجد لم تحققه لهم الحكومة التى تهاجم ليل نهار.. فإذا أصبحت نائباً عن الشعب فقد خرجت من خندق «الأعداء» إلى خندق «الأصدقاء»!! والأصل فى الأشياء بالطبع أن يكون الوزير عضواً فى حزب ثم يترقى فى منصبه الحزبى حتى يصلح أن يكون وزيراً فى حكومة الحزب.. ذاك هو شأن السياسة فى العالم.. لكن لأننا فى مصر لنا «خصوصيتنا» فى كل شىء.. يعنى نحتفل بالسحابة السوداء و«نعتز» بالعشوائيات ونغض البصر عن تزوير الانتخابات.. فإن الأمور عندنا تسير بالعكس.. الوزير يعين ثم يهبط على الحزب بالبراشوت أو بالانتخابات وسمها كما شئت. وبعيدا عن التهكم، يرى بعض القائمين على الأمور فى الحزب الوطنى - ومعهم حق فى ذلك – أو بعض الوزراء يفضل أن تكون لهم علاقة وطيدة بالمواطنين، بمعنى أنه من الصالح أن يلتقى الوزير بأبناء دائرته، يستمع إلى شكواهم يشعر بمعاناتهم، بدلا من الجلوس على مقعد جلدى، فى غرفة مغلقة طوال اليوم يقرأ التقارير.. ورغم وجاهة هذا الرأى، إلا أنه فى الوقت نفسه يحمل اتهاما لباقى الوزراء ممن لا تسمح أوقاتهم أو انشغالهم بأعمالهم بزيادتها بعبء البرلمان، يحمل اتهاما لهم بالبعد عن الشارع.. كما أنه يعنى أن الوزير النائب هو وزير ملتصق بالشارع، وذاك أمر ليس فى جملته صحيحاً أيضا لأن بعض هؤلاء الوزراء لا تراهم دوائرهم إلا فى أوقات الانتخابات.. فالوزير مشغول مشغول. لا ينسحب كل ما سبق على كل الوزراء.. فهناك وزراء قدامى فى الحكومة وفى البرلمان، كوزير المالية د. يوسف بطرس غالى المعروف عنه علاقته الوثيقة بدائرته فى المعهد الفنى بشبرا مثلا، وهناك وزراء يحمل ترشيحهم بعض الأسباب المنطقية مثل أمين أباظة، وزير الزراعة، الذى يحمى دائرة الأسرة الأباظية بعد اعتذار شقيقه محمود أباظة، واللواء عبدالسلام المحجوب الذى يكشف ترشيحه عن بعد سياسى من الحزب الوطنى لأنه اختار مرشحا له شعبية ضخمة فى الإسكندرية ليواجه به دائرة إخوانية شرسة، والدكتور مفيد شهاب وهو الوزير المسؤول عن الحكومة فى مجلس الشعب وبالتالى فإن اقترابه من أعضاء المجلس وكونه واحدا منهم يجعله أقوى فى موقعه. الأسباب السياسية السابقة مفهومة.. لكنى بصراحة لا أفهم كثيرا أسباباً لترشح آخرين مثل السفيرة فايزة أبوالنجا، وزير الدولة للشؤون الخارجية، ولا أعرف مدى شعبيتها فى بورسعيد، كما لا أفهم بالتأكيد أى معنى واضح لترشح وزير الرى محمد نصرالدين علام.. هل كانت تلك الترشيحات بناء على طلبات الحزب أو القيادة السياسية أم طلبات شخصية منهم؟! ويبقى التساؤل المهم: ما هى الضوابط التى تحول بين استخدام الوزير لسلطاته وإمكانات وزراته والموازنة العامة فى دعم ترشحه للانتخابات؟! ربما يجب أن نعدل السؤال: هل هناك ضوابط؟! ولا يبدو لى الأمر كذلك.. فوزير مثلا الرى يتباهى فى تصريحاته باستخدام كل سلطاته لصالح دائرته فى المنيا فهو يتصل بزميله وزير الإسكان وزميله وزير النقل وباقى الزملاء لتحسين أحوال الدائرة، كما أنه يتعهد بإنفاق 60 مليون جنيه على الدائره إصلاحات وشق ترع وخدمات.. إلخ.. من أين كل هذا يا معالى الوزير؟! أكيد ليس من جيبك الخاص.. طبعا من الموازنة العامة.. فإذا كانت كل هذه الإصلاحات ستذهب إلى المواطن.. فلماذا لم تقم بها من الأصل وأنت فى منصبك الوزارى أليس هذا عملك؟! والكلام هنا ينسحب على باقى الوزراء مثل وزير التضامن الاجتماعى الذى تنتظر دائرته تحسن أحوال الخبز وتوفر أنابيب البوتاجاز فجأة ووزير الإنتاج الحربى الدكتور سيد مشعل الذى تمتلئ دائرته بعمال مصانعه. من يستطيع أن ينافس هؤلاء الوزراء؟! طبعا لا أحد، فلا يوجد مرشح يستطيع أن يقيم كوبرى أو يشق ترعة.. هنا يستغل الوزير سلطاته وموازنة الدولة فى أمر يخصه هو وحده.. ويخدمه هو وحده. ويبقى السؤال: هل كان السيد الوزير أى وزير سينجح لو شارك دون مقعد الوزارة؟! ولماذا كل هذا التكالب فجأة على البرلمان؟! لابد أن تحت القبة ألف شيخ.