اليوم و أنا أقف في إحدى إشارات المرور المزدحمه مستمتعاً بأشعة الشمس الحارقه لفت إنتباهي لوحة إعلانيه كبيرة جداً مكتوب عليها جمله واحده " لماذا نحب مصر ؟؟ " و قبل أن تقفز إلى ذهني عشرات الإجابات وجدت نفسي أسأل نفسي سؤالاً آخر " هل نحب مصر فعلاً ؟؟ " و كانت الإجابه البديهيه و السريعه إلى قلبي و عقلي هي " نعم بالتأكيد جميعنا نحب مصر " الغريب أني عندما ناقشت هذان السؤالان مع أحد أصدقائي كان رده المفاجئ " لا . نحن لا نحب مصر, نحن فقط ننتمي لها " فقلت له " الحب و الإنتماء شئ واحد " فقال لي " لا .. الحب يختلف كثيرا عن الإنتماء, فنحن نغضب عندما يتطاول أحد على مصر و نفرح عندما تفوز بكأس الأمم لأننا ننتمي لها, و لكننا في نفس الوقت فعلنا كل ما يمكن لتدمير هذه البلد لأننا لا نحبها " , نظرت كثيرا إلى صديقي و في عيني نظرة حيرة شديدة و على وجهي علامات عدم الفهم و الإقتناع و يبدو أنه لاحظ ذلك فأكمل كلامه قائلاً " دعني أعطيك مثالاً صغيراً لتوضيح كلامي, إذا نظرنا إلى الشوارع المليئه بالقمامه و تحدثنا عن دور الحكومه و دور الفرد, و كما يردد الكثيرون أن الحكومه مقصره في الحفاظ على نظافة شوارعنا و لكن في حقيقة الأمر المقصر الأول هو الشعب نفسه الذي يشتكي, و لكي تستوعب أكثر دعني أوضح لك أربعة أنواع من البشر لتحكم بنفسك ": النوع الأول يقوم بإلقاء كيس القمامه في الشارع من شباك منزله و في وسط النهار بدون أن يلتفت أو يهتم إن كان هناك أحد يسير في الطريق يمكن أن يسقط عليه هذا الكيس, أيضا لا يهتم بالحفاظ على نظافة الشارع مع العلم أنه هو شخصياً يسير فيه و قد يشتكي من عدم نظافة الشوارع و يلقي بكل اللوم على الحكومه, و هذا الشخص لن يستمع أحد إلى شكواه حيث يعلم الجميع أنه سبب رئيسي في تشويه المظهر العام. النوع الثاني يقوم بإلقاء كيس القمامة في الشارع أيضاً من شباك منزله و لكنه يختار وقتاً متأخراً من الليل حتى يضمن ألا يراه أحد معتقداً أنه بذلك لا تقع عليه أي مسؤوليه, و نجده أيضاً في الصباح يشتكي هو نفسه من عدم نظافة الشوارع و يلوم من يقومون بإلقاء القمامه في الشوارع, هو أيضاً أصبح سببا رئيسياً في تشويه المظهر العام و لكن لا يعلم أحد بذلك. النوع الثالث يخرج من منزله في وقت متأخر من الليل و في يده كيس القمامه, و يذهب لمكان بعيد عن منزله بشارعين أو ثلاثة ثم يقوم بوضع الكيس بجوار عمود إنارة أو أمام باب أحد المنازل ثم يكمل طريقه عائداً إلى منزله و كأن شيئاً لم يكن, و في الصباح يفاجأ أهل المنطقه بوجود كيس قمامه, و يعتقد أصحاب هذا النوع بأنهم حافظوا على نظافة المظهر العام في منطقتهم لكنهم للأسف مخطئين. النوع الرابع إيجابي إلى حد ما, حيث يقوم بكنس الشارع بنفسه غير مبالي بكلام الناس, المهم عنده أن يحافظ على منطقته و أمام منزله نظيف, لكنه بعد الإنتهاء من كنس الشارع و تجميع القمامه يقوم بحرقها معتقدا بأنه فعل الصواب, مع العلم أن الدخان الناتج من عملية الحريق مضر جدا بالبيئه و بصحته و صحة من حوله من السكان, كما أنه بعد الإنتهاء من حرق القمامه سوف تتبقى مخلفات يبعثرها الهواء هنا و هناك, و بهذا نكون قد رجعنا لنقطة الصفر مره أخرى و أصبح الشارع غير نظيف. بعد إنتهاء كلام صديقي إكتشفت أنه لديه حق في كل ما يقوله, فإذا كنا بالفعل نحب هذه البلد لماذا لا نحافظ عليها؟ , لماذا لا نفعل كل ما بوسعنا لجعلها في أحسن صوره؟ لماذا نشتكي إذا كنا نحن السبب الرئيسي في التخريب؟ لماذا لا نراعي مشاعر الآخرين؟ , لماذا ...لماذا ... لماذا ... و ألف مليون لماذا يمكن أن أسألها إذا كنا بالفعل نحب هذه البلد. بقلم م/ مصطفى الطبجي